باللوعة والحنين، بالرحيل والبعد في السماء وهامات الأرض والمطر نقلنا عمالقة فناني تعز وغاصوا بنا في شعر وكنف شاعر الأرض والإنسان عبدالله عبدالوهاب نعمان “الفضول” ذلك المناضل الحر والصحافي والشاعر والأديب، الذي تغنّى بتفاصيل حياة الإنسان اليمني وكتب أروع أغاني الحب و الحنين، وتحوّلت قصيدته الجميلة إلى سيل دمع ينسكب في ليالي الغربة والسفر والحب والوجدان وإلى رسالة شوق للوطن تُكتب بدم القلب.. أطلّ علينا «الفضول» هذه المرة في مهرجانه الثقافي السياحي الأول في كلية التربية بذبحان مسقط رأسه، مع كل ترنيمة حب ردّدها العملاق الفنان أيوب طارش والرائع عبدالباسط، ومع كل الكلمات التي صدح بها أسرته ومحبّوه. الآلاف من البسطاء من حضر المهرجان شدوا وتغنوا بأشعار “الفضول” وهاموا عشقاً وشوقاً، ثلاثة أيام هي عمر المهرجان، عاشتها مدينة التربة وسكانها الطيبون يستحضرون سيرة مناضلنا وشاعرنا الأديب. تدشين العاصمة الثقافية المهرجان أعتبر تدشيناً فعلياً لتعز عاصمة للثقافة اليمنية، وتكريماً ووفاءً للشاعر الفضول وتقديراً لعطاءاته الإبداعية وأدواره النضالية، حيث أكد محافظ تعز شوقي أحمد هائل أن إقامة فعالياته أثناء إجازة العيد وتزامناً مع احتفالات بلادنا بأعياد الثورة جعل من المهرجان مناسبة وطنية كبيرة حملت في طياتها أبعاداً ودلالات ثقافية وتاريخية وتنموية واقتصادية واجتماعية وحدثاً جماهيرياً وتنموياً متنوعاً. يقول المحافظ شوقي: إن أهمية إقامة مهرجان الفضول هي تكريم وتخليد الدور الثقافي والفني والوطني للشاعر المرحوم عبدالله عبدالوهاب نعمان كواحد من أبرز رجالات اليمن، وفي طليعة قوافل الوطنيين الأحرار. وتابع بالقول: إن المهرجان يعد تأكيداً وتكريماً للأهمية الثقافية والحضارية والمدنية والاجتماعية لمنطقة الشمايتين ولإبنائها الذين عرفهم الوطن اليمني الكبير، وحفظت بصماتهم الكثير من مجتمعات المهجر كقامات فكر ورجال علم وأدب ورواد ثقافة وفن. أبو الثورة اليمنية وأكد المحافظ أن التربة معقل العلم والفكر والسياسة والأدب، ودوحة الهوى والفن والشعر والموروث الحضاري والمدينة التي ارتبط اسمها وتاريخها بالنضال والثورة والتحرير وبقادة هذا الوطن ورجالاتها المخلصين وعلى رأسهم الأستاذ عبدالله عبدالوهاب نعمان؛ أبو الثورة اليمنية، ولفت شوقي إلى أن مضامين المهرجان هي إبراز الأهمية الجيوستراتيجية والتاريخية لهذا الجزء المهم من محافظة تعز كشاهد حي ومتجدّد على حضارة المعافر التاريخية التي عرفها العلم قديماً بصفتها أرض الصنائع والمصانع والذهب والفضة، وللتأكيد على ما تحتلّه مديرية الشمايتين من أهمية جغرافية وحيوية بالغة تجعل منها الشريان الحيوي الأهم بالنسبة لمحافظة تعز. وبيّن محافظ تعز: أن المهرجان سيعمل على الدفع نحو تعزيز الأهمية الاقتصادية والتنموية لمدينة التربة والمناطق والعزل المرتبطة بها وما تزخر به هذه المنطقة من مقوّمات سياحية وزراعية وخدمية وبشرية ثرية يمكن أن تشكّل بنية أساسية وقوية للنهضة التنموية. معين من الشعر والثورة الفضول قامة عملاقة في اليمن لم يدرك النافذون قيمته.. هكذا وصف وزير المياه والبيئة المهندس عبدالسلام رزاز شاعرنا وأديبنا الراحل، وقال: الشعب عانق الفضول أكثر، وعانقه الريف والراعية أكثر من النافذين، والمهرجان يعتبر لفتة كريمة وطيبة، لكن الفضول أكبر من هذا الحدث، هو معين من الشعر والثورة والحرية والرفض، لقد تعلّمنا منه الرفض. الوطن كرّم الفضول عزيزة النعمان، زوجة الأديب عبدالله عبدالوهاب نعمان عبّرت عن رضا أسرته عمّا لقيه الفضول من إقامة مهرجان قائلة: نحن راضون عن إقامة مهرجان يخلّد الفضول ويعرّف الأجيال الحديثة عن الشاعر والإنسان الفضول؛ مشيرة إلى أن الوطن كرّمه باختيار نشيد «ردّدي أيتها الدنيا نشيدي» نشيداً وطنياً للجمهورية اليمنية، ويُعد هذا بالنسبة لنا أكبر تكريم، ولهذا نشعر أن اليمن قد كرَّم الفضول بما يليق به، وتمنت قرينة الفضول إعادة طباعة أشعار الفضول بصورتها المصحّحة، وعدم الإشارة في الديوان إلى أية شخصية أو جهة. صدفة فنان الأرض والإنسان، فنان الوطن أيوب طارش العبسي قال: الصدفة العابرة هي التي جمعته بالشاعر المرحوم الأستاذ عبدالله عبدالوهاب نعمان “الفضول” حيث سطّرها القدر بفترة ولقاء غير محدّد مسبقاً، ففي عام 1967م تعرّفت على الفضول في أحد مقاهي تعز؛ وذلك بعد أن غنّت له الفنانة الراحلة منى علي أغنية «روح لك بعيد» وبعد ذلك اللقاء سلكا رحلة طويلة سطّرا القيم والأخلاق وكانا ثنائيين لا يستغنيان عن بعضهما، وكنا ثنائية فنية ناجحة، لقد كان رحمة الله عليه شاعراً كبيراً، وكان يعمل على انتقاء الكلمات والمفردات وتوظيفهما، كما كان يعمل على اختيار القالب الموسيقي المناسب، فخرجنا إلى الجمهور بعدد من الروائع الغنائية، لقد كان الفضول مدرسة أثرى الأغنية اليمنية عموماً والتعزية على وجه الخصوص بجملة من القصائد والأشعار. واختتم أيوب حديثة بأن رحيل الفضول مثّل خسارة كبيرة له وللوطن والأغنية اليمنية. حب للأرض والإنسان مستشار رئيس الجمهورية الدكتور فارس السقاف يرى أن تنظيم مهرجان الفضول الثقافي والسياحي يعد تقليداً حضارياً راقياً يعزّز الحب للأرض والإنسان، وأضاف السقاف: إن أشعار عبدالله عبدالوهاب نعمان هي قلب وعقل اليمن، وهو شاعر اليمن الكبير، وإن تقديم الفضول للنشيد الوطني والذي تردّده الأجيال نعتز به دولة وشعباً. وقال: المناصب تذهب، وتظل قامات الإبداعات الأدبية تراث الشعوب ورموز وطنية مثل موليير وشكسبير وإبداعاتهما تتناقلها الأجيال، مشيراً إلى أحلام الفضول المبكّرة والتي تغنّى بها عدد من الفنانين لليمن والوحدة قبل غيره من الأدباء. وبحسب السقاف فإن الحس والشعور الذي كان يحمله الفضول في جنبات قلبه يأتي من إيمان عميق وراسخ بمبادئه بعدم قبول تجزؤ الجسد اليمني منذ الأربعينيات؛ فتغنّى بالوحدة والتوحُّد، محبّباً إياها إلى النفوس، مؤكداً أن إبداعاته وحّدت البلاد قبل التوحد. وتمنّى السقاف في ختام حديثه أن يصبح المهرجان تقليداً سنوياً تخليداً لذكرى الفضول وتكريماً لتاريخه الكبير الثقافي والأدبي. رد اعتبار للحجرية العزي نعمان، أحد أقارب الفضول ينظر إلى المهرجان على أنه رد اعتبار للحجرية التي تعد حاضنة الثورات، وقال: يكفينا فخراً أن أسرة النعمان أنجبت هذا الطود وغيره من أعلام اليمن والذين يقف في مقدمتهم أستاذ الأحرار أحمد النعمان، والذين أسّسوا مداميك النضال الوطني.وكي نعرف أكثر عن الفضول؛ بيّن العزي أن الفضول عنوان بارز ولحن مسموع تشدو به العقول والقلوب، فهو يمني، عربي تشدو به الأجيال، فقد أصبح تاريخاً لجميع اليمنيين، موضحاً أن الفضول يعد ركناً للأدب والسياسة والصوت الثائر المعبّر عنه بقوله: «وحدتي وحدتي»، وقال: الفضول هو السياسي الحصيف والشاعر المفعم بدفء العاطفة. مدير إذاعة تعز عمار المعلّم قال: يعد هذا النهار الاحتفالي والتكريم والفعالية المميزة التي أدّت إلى تكريم هذا العملاق وفاء له ولمراحله النضالية لغنائيته وقصائده التي مثّلت عنواناً بارزاً لمراحل مهمة من مراحل الثورة اليمنية، فالفضول قامة إعلامية وثقافية يحتفي به كل أبناء تعز، وعلى وجه الخصوص مدينة التربة موطن هذه الشاعر ومسقط رأسه، داعياً إلى أن تكون هذه المناشط تتويجاً للروّاد والهامات الوطنية والإعلامية والثقافية الذين مازالوا على قيد الحياة لا تكون بعد وفاتهم. أشعار لا تنضب كما صاحبت فعاليات المهرجان إقامة عدد من المعارض منها معرض الفن التشكيلي لبيت الفن، ومعرض الرسم للفنانة ابتسام المشرقي، ومعرض لمكتب الآثار وآخر للسياحة بالإضافة إلى معرض الموروث الشعبي، ومعرض الحرفية الإنتاجية والمشغولات اليدوية للجمعيات التنموية النسوية في المديرية، من هذه الجمعيات مؤسسة الأمل في منطقة الأصابح، تحدّثت إلينا مديرة المؤسسة أمل الأصبحي، حيث أشارت إلى أن إقامة معارض مصاحبة لمهرجان الفضول يعد شيئاً جميلاً خاصة للتعريف بالموروث الشعبي للمنطقة، وقالت: إن الفضول عمل على التعريف بالتراث في الحجرية عموماً وفي منطقة التربة على وجه الخصوص، حيث تناول في أشعاره الحب والعادات وغيرها، فشعره نهر غزير خالد لا ينضب، فالفضول عاش نجماً لامعاً في سماء الأدب والفن والسياسة.