كان صديقنا يتحدث بألم ظاهر عن حكاية فنان يمني مبدع ومعروف، وهو في الوقت ذاته سفير سابق بوزارة الخارجية، خدم بلاده بإخلاص في مجال الفن، كما خدمها في مجال عمله الدبلوماسي لسنوات... طويلة. قال إن الرجل أصيب بمرض أقعده عن الحركة، واستدعت حالته الصحية الحرجة ضرورة نقله إلى الخارج لتلقي العلاج، وهو ما تم فعلاً، ولكن بفضل منحة علاجية قدمتها دولة شقيقة تعاطفت مع حالته، وقدرت عطاءه وإبداعه، أما حكومتنا "الرشيدة" فقد تفضلت بصرف تذكرتي سفر له ولمرافق، إضافة إلى 500 دولار فقط لا غير، كتكاليف علاج، جاءت بعد مراجعات عقيمة وتوسل... مهين!. يحق لصديقنا هذا أن يتألم، وكل من يسمع قصة كهذه لابد أيضاً أن يتألم، وأن تتملكه مشاعر الإحباط والحسرة على الواقع الذي يعيشه مبدعونا في هذا الزمن "الأغبر"، والخوف عليهم كذلك من المستقبل المظلم الذي ينتظرهم، في ظل دولة تهتم "بتفجير" طاقات ومواهب شبابها، بل واقتلاعها من... الجذور!. لم يكن فنان كبير بحجم أيوب طارش بحاجة إلى كتابات صحافة، أو إلى تدخل وساطات أو مناشدات من أي نوع، كي يحظى بعد عناء بالتفاتة أو "مكرمة" رئاسية، تمكنه من استكمال علاجه، وتساعد على انتشاله من معاناة المرض، ومن إحساس قاسٍ ومؤلم بالجحود و... النكران!. إنه أمر معيب بالفعل، ليس بحق فناننا الرائع، وإنما بحق الدولة، التي لا تؤدي وظائفها كما ينبغي، ولا تقدم لأبنائها ما يستحقون من اهتمام ورعاية، وخاصة المبدعين منهم، الذين يمثلون اليمن بعطاءاتهم الجميلة خير تمثيل، ويرسمون صورة مشرقة أمام الآخرين عن البلد وتاريخه ومواطنيه، رغم كل العوائق و... الصعوبات!. إذا كان هذا هو حال الفنان الكبير أيوب طارش، صاحب المسيرة الفنية الطويلة، ومبدعُ لحن النشيد الوطني، رمز السيادة الوطنية الذي تردده حناجر الملايين من طلابنا وطالباتنا كل صباح، ويستمع إليه رئيس الجمهورية لدى استعراضه لحرس الشرف في زياراته الخارجية الرسمية، فكيف هو الحال إذاً بالنسبة لبقية المبدعين من أبناء هذا البلد في مختلف... المجالات؟!. نقطة أخيرة: لسان حال الفنان القدير أيوب طارش ومعه كل المبدعين في بلادنا يقول: ردَدي أيتها الدنيا "أنيني"... ردديه وأعيدي و... أعيدي!!.