سيقول لك أنصاره هو صاحب المنجزات وحين تقول لهم والفساد الطافح فسيحيلونك إلى الحكومة، هذا إذا ما سلمنا أن بنى تحتية هزيلة هي إنجازات. سيحدثونك عن الأمن في عهده وحين تقول والقضاء الفاسد والثأر والاختطاف فسيحيلونك على الشعب المتخلف أو القناص برأيه. سيأتي دورك وتقول لهم مالذي فعله في أكثر من ثلاثة عقود سوى إنه جيَّر البلد لصالحه وأسرته وسيرد أنصاره من أجل تأمين الحكم حتى وإن كنا في بلد يفترض أن ما يسيره دستور جمهوري ديمقراطي لايسمح بالتوريث والتمديد. يطلقون عليه "الداهية" وأبو "قلب واسع" ويمنون علينا أنه لم يقتلنا، قالها مذيع لامع استقال ثم عاد لحظيرته. ورغم عدم صحة ما يقولونه فهذه ليست صفات رئيس دولة ، بل صفة رجل يحكم في ما قبل الدولة لديه قدرات على التأثير من خلال مزايا في شخصيته وبما يملكه من مال أيضا أو إرث عن والده. فهو يعدُّنا معارضين وأنصار رعايا عنده لا مواطنين ذوو حقوق. ستسألهم لماذا ضاق صدره الرحيب بعد أسابيع فقط بالمعتصمين وقتل منهم مايزيد عن المائة وجرح الآلاف. وستوافقهم في كونه داهية في أمره بانتهاك القانون ثم يتدخل بالعفو كطريقة أخرى لانتهاك القانون أيضا.
حين جاء إلى السلطة لم يكن لديه أي تراكم أو خبرة مسبقة. ساعدته الظروف وقتها والتي كانت على شاكلة: من لديه الابتدائية يعين في منصب لا يستطيع الآن أن يحصل عليه صاحب الماجستير. يقول كتاب نشر عنه إنه كان يعاني من الخوف عند مواجهة الصحفيين وهي عقدة ظلت معه حتى آخر مقابلة له مع قناة العربية حيث بدا مرتبكا أمام منتهى الرمحي. ويؤكد عقدته الغريبة -رغم أنه وصل إلى أعلى درجة يمكن أن يحصل عليها بشر في دولة- محاولاته الظهور بمظهر المثقف فأمام طلاب الجامعة لا بد أن يحمل قلما وهو يتحدث. رغم أنه لا يجيد القراءة من الأوراق المكتوبة. وهو يردد كلمة ثقافتي في حواراته كما أن أخطاءه كثيرة في تصريحاته يقال أن الجميع ينتقد هفواته الفادحة في الخطابات لكنه يغضب بشدة فيضطر الجميع لمجاراته.
لا أنسى خطابه أمام خريجي الشرطة عام 2010 سمَّاه البعض خطاب "التفلة" كان هذا الخطاب ينبئ عن شخص وصل به الحال إلى مراحل من التعالي وقتها تف على معارضيه ووصفهم بالفئران بطريقة لا تليق برئيس دولة. و علقت على خطابه في صفحتي على الفيس بوك " استيقظت اليوم على خطاب الرئيس يبث في الراديو لقد كان حانيا لدرجة جعلتني استيقظ مقبلاً على الحياة بتفاؤل لقد دعى لنا بالبركة والأهم أنه لم يقل تفوووووو على أحد". وخرجت علينا صحيفة 26 سبتمبر وبطريقة بشعة من النفاق والزيف بكتاب توزعه مجانا بعنوان مفاده محاضرة مهمة لفخامة الرئيس. ربما احتفاء "بالتفلة" تلك.
قد تتساءل الآن مالذي جعلنا نتحمل كل هذا "الدهاء" الذين يتحدثون عنه كل تلك السنوات، ومن الطبيعي أن يحدث ذلك وهو يسكب هو وإعلامه المخاوف بالقاعدة والعرقنة والصوملة والانفصال والملكية وبأن الشعب متخلف وقبلي ويملك سلاح. من الطبيعي أن يقيدنا الأمل في الغد الذي لم يأت بسببه. ومع كل صبرنا هو حتى اليوم لا يشعر بالرضا نتيجة تحملنا له لما يزيد عن 30 عاما ومازال يدور في تفكيره أن يزيدنا عقابا على صبرنا. أما أنصاره فسيحدثونك بما يحدثهم عنه من أن الثورة مشكلة رغم أنها الحل، أو سيحصرون الأمر بين الأحمر ومحسن والزنداني، وحين تقول لهم لا يهمنا الأشخاص بل الوطن ولم نعتصم في الساحات من أجل شخص. سيقولون لك لن نحصل على أحد مثله حتى لو ذكرتهم قائلا: ماذا لو مات ؟
في النهاية عليك أن تدعهم وتكمل اعتصامك وتأييدك للثورة، ولن تكون بحاجة لتثبت لهم أن الرئيس الذي أمناه على مالنا وأرضنا وكرامتنا. سرقنا ، وأباح واستباح أرضنا، وأهاننا. أما إذا كنت تعرف أحدا ليس يمنيا فعليك أن تسأله عن تصوره لليمن واليمني قبل الثورة وبعدها. لتعرف عظمة منجزات الثورة التي لا يتجاوز عمرها ثلاثة أشهر وضآلة منجزات الرئيس في ثلاثين عاما. يكفي أنك اليوم تستيطع أن ترفع رأسك وتقول بكل فخر: أنا يمني.