لا يمكن لأي فرد يمني متزن ومتماسك أن يعتمد على إعلام كالذي نشاهده يومياً على شاشات العرض المسرحي والكوميدي مع ما يسميهم هو الشخصيات الأكثر وعياً بالبلد ، ثم إنه لا يمكن على الإطلاق ونحن نتحدث عن فلسفة الثورة إذا صح التعبير أن يكون هناك شك ولو واحد بالمائة بأن ماحدث وما يحدث هو ثورة حقيقية على ذلك الموروث الثقافي والاجتماعي والقبلي بالبلد وليس على النظام فحسب ، وإذا كان الثوار قد ضحوا بدمائهم من أجل نيل حريتهم وتنفيذ مطالبهم المشروعة فإن أعداء الثورة يدفعون يومياً فواتير التراجع والخيبة والإنهزامية والقلق والدماء واللعنة التي سوف يرميها عليهم هذا الشعب المكافح وذلكم البلد الأصيل بالإضافة إلى التاريخ اليمني الذي يدون بحده ويحفر في الذاكرة بالدم ليروي قصة أشهر وسنة ، أشهر في اليمن وسنة التحولات في العالم العربي ، وإذا كان الكل قد دفع وما زال يدفع فإننا يجب أن نميز بين من يدفع بنفسه من أجل أمته وبين من يدفع بأمته من أجل نفسه ، ثمة إختيار روحي وعقلي هكذا تستطيع أن تميز بين من تعود الركوع والخنوع للفرد وبين من يأبى ذلك إلا لله ، بين من تعود على تقبيل الأيدي والإشارة إلى الأحذية فضلاً عن تلميعها وبين من تعود أن يقذف بكلمة الحق وإن كانت الدماء تسيل من أ جلها ، هكذا وفي هذه المواقف العظيمة ينقسم الناس إلى فسطاطين ، فسطاط يقف ضد السنة التغييرية ، وفسطاط يقف مع متطالباته الإنسانية الحقة التي كفلها الدستور والقانون بعد أن كفلتها له ا لشرائع السماوية ، بأعتقادي في هذه المواقف لا يوجد فسطاط ثالث ، وإن وجد فهو رقم غير معرف ( عدد سالب تحت جذر تربيعي ) وبالتالي فإن مناقشة دور هذا الفسطاط الثالث هو محاولة عبثيه لدارسة شريحة آثرت أن تحيد نفسها عن الصراع وأن تدس رأسها في التراب كما تفعل النعام ، أما الفساط الذي لا يؤمن بالسنة الكونية في التغيير فهي شريحة كبيرة تتكأ على الموروث سواء الديني أو القبلي هذا الموروث اعاق الثورة وباسم الدين وا لقبيلة وبالتالي فإن كاتب هذه السطور يرى أنه من ا لضروري أن نضع نقاطاً رئيسه يجب أن يضعها الشباب في الحسبان على اعتبار أن هم من سيرعوا عملية التحول الثوري والديمقراطي في البلاد وهي كالتالي:
أولاً : يجب أن يتفق كل الناس بأن أي ثورة لا تؤسس مبادئ رئيسية ودستور جديد يحمي البلد من السلطة الوحيدة هي ليست ثورة وإنما انقلاب هدف إلى تغيير فرد وليس تغيير دولة تعودت على نمط فرد وطريقة فرد وبالتالي فإنها سوف تتعود على طريقة آخر وأسلوب آخر في إدارتها حتى يمل الناس من هذا التداول اللامسؤول ..
ثانياً : أي توجه لإعطاء شرعية لنائب رئيس الجمهورية كبديل لحظي للرئيس هو أيضاً توجه لا مسؤول يدل دلالة واضحة بأن الثورة لم تقم على هدف تغيير نظام الحكم وطريقته وإنما هدفت إلى تغيير شخص كان ممكن أن يتم القضاء عليه بأن يبادر شخص بإطلاق رصاصة على صدره في أي لحظة ولم يكن هناك داعي للثورة ، وبالتالي على الثوار أن يدركوا بأنه يجب تشكيل مجلس إنتقالي يدير البلد لمدة ستة أشهرتجرى بعده إنتخابات ديمقراطية حقيقية لا يشارك فيها أياً من مراكز القوى التي تشكلت بفعل النظام السابق ويمكن الدعوة إلى حل حزب المؤتمر الشعبي العام وتشكيل حزب جديد إذا أراد رموز النظام القديم المشاركة من جديد ،كما أنه باعتقادي أن تشكيل حكومة وحدة وطنية يرأسها أحد أحزاب اللقاء المشترك ويرعاها المجلس الإنتقالي المشكل ليس عليها غبار طالما كان هدفها هو الإشراف على عمل دستور جديد وتحديد ملامح ومتطلبات وتطلعات الشباب الموجودين بالساحة وتحديد آليا ت تنفيذها والعمل على تنفيذها بالإضافة إلى تسييد القانون والنظام على كل الناس ..
ثالثاً : اي ثورة يمنية لا تحدد موقفها من القبيلة ودورها في تسيير أمور البلد هي ثورة منقوصة ، وإن كانت القبيلة قد أدركت ما لم تدركه في ثورات سابقة بأن عليها أن تقف إلى جانب الشعب فإن الإنتقال الجديد يجب أن يحدد دور القبيلة ويحد منه خاصة فيما يتعلق بتسيير أمور الدولة ،وبالتالي فإن على الثورة أن تحدد موقفها من القبيلة ودورها ، وليس من العناصر القبلية فكل عنصر موظف هو قبلي في الحقيقة ولكن علينا أن ندرك بأن دور القبيلة وتعاونها ونفوذها الذي يتجاوز حدود الدولة هي السبب الرئيسي الذي جعل عهد الرئيس عهداً ثلاثينياً ، ولو لم يكن حكم صالح مرتكزاً على اساس قبلي متين لما كان استمر كل هذه الفترة في الحكم وهو يعبث في البلد كما يريد هو وأتباعة ، فهو المنشئ لشؤون القبائل والقاضي بحكمهم حتى في أكثر ضرورات تحييد دور القبيلة فهو يتصرف بمعايير قبلية ويحكم على الآخرين بمعايير قبلية ويقسم الوزارات والعلاوات على اساس قبلي مناطقي ليجعل من الوطن والوطنيين باحثين عن مراكز قبلية اكثر منه باحثين عن مراكز سيادية علمية ثقافية فكرية ، وهنا يبدو ملحوضاً غياب العنصر الأدبي والثقافي الذي يعبر عن الثورة ،ليطرح كاتب هذه السطور سؤال على نفسه عن دور القبيلة في الثورة اليمنية ؟ ليرد بما يراه من صنع القبيلة في هذه الثورة أنهاأضافت زخماً جماهيرياً كبيراً بأنضمام فرد ينتمي إلى أكبر قبيلة في اليمن حاشد ومن أ سرة الرئيس نفسه وهو علي محسن الأحمر بعدها ينتمي إلى الثورة صادق الأحمر لترتمي العناصر الموالية للقبيلة إلى الشباب ليتم التفاوض والتصالح والوساطات على اساس قبلي بحت وليس ثوري مطلبي ، ويتم التنازل والحوارات والمبادرات على اساس الحياء ورمي الشالات وتوسيط الوساطات لقتل الحركة الثورية ، وهنا لمن يدقق في مسار الثورة بدا أن القبيلة تستحوذ على الثورة والثوار وتطلق ما تطلقه من الرصاصات لتعطي القبيلة دورها في ثورة قام بها العزل ومعارضي النظام ليكون الناتج حكماً قبلياً آخراً وإن لم يكن كذالك فهو حكم يرتضيه القبليين ويؤمنون به ، وهنا علي أن أشير إلى مسألة في غاية الأهمية بأن من ضرب على القصر الجمهوري في صنعاء ليس من الثوريين ولم يحدث هذا بدافع ثوري على الإطلاق إن صح بأن هذا ليس من نهج ا لثوريين وليس من عناصرمتبرعة بسقوط الحاشية ولكن تم بدافع قبلي سواء كان ذلك من أنصار صادق الأحمر أو ممن ولائهم للقبيلة أولاً وأخيرا ، وهنا إن صح هذا الكلام فإن القبيلة سوف تصنع دوراً يبهر الثوريين والحركة الشبابية الثورية ليس لأنها تحب الثورة ومن ظن ذلك فإنه واهم فهي لاتحبها طالماً هي متمسكة بالعرف القبلي الذي لا يحترم سيادة قانون أو نظام ولا صوت يعلو فوق صوت الشيخ .
صدقوني إن خوفنا على الثورة يجعلني أقول هذا الكلام كما أنه يجعلنا قليلي الكتابة رغم كثرة الأفكار وغزارتها فالثورة تحتاج منا إلى موقف مساند للحالة الثورية أن تستمر ، وللفكر أن يظل يتساقط بغزارة ، وللتصعيد الثوري أن يعلو ليتم طرح ما لم نستطع في ظل النظام القديم ، الحالة الثورية مبهرة وبديعة والكتابة في ظلها ركيكة خاصة عندما تكون هذه الكلمات من عروبي ، وهو يبدي ما يرى على الثورة أن تلتزم به حيال المواقف والأحداث الدامية التي تنهال عليها . .
رابعاً : الثورة كضرورة لأي أمة من الأمم يجب أن تحدد ملامح المستقبل من خلال رؤية تتسم بالموضوعية سواء في طريقة التعاطي مع القضايا التي تمسها من قريب أو من بعيد على اساس هذه الرؤية يتم تحديد إتجاهات وطرق للتعاطي مع القضايا المهمة التي يجب أن تكون هناك رؤية ثورية واضحة بشأنها كالحراك الجنوبي والتعاطي مع الحوثيين والعلاقات مع دول الجوار والعلاقات مع إيران وحزب الله كطرف اسيئ له كثيراً وبالتالي أيضاً العلاقة مع القاعدة والحرب على الإرهاب وعلاقة الدولة ( نظام الحكم ) بالقبيلة ، ومفهوم سيادة الدولة وقبول مبدأ الديمقراطية..