تمر الثورة في اليمن الآن بالمخاض الأخير للنصر المؤقت أو الهزيمة الدائمة للأسباب الآتية: 1- انغماس الوجه السياسي للثورة في حوار الطرشان الذي لا يهدف إلا للحوار المكرور والقائم على التردد، وبمكاسب إن تحقق منها شيء فهي لا تذكر مقارنة بما يمكن تحقيقه من مكاسب أفضل لو كان هذا الحوار قائماً على معرفة نقاط القوة والضعف للأطراف المتحاورة، فشتان بين من يملك جبال صنعاء والسبعين ومن يملك رجالها وشبابها ونساءها والمؤلفة قلوبهم. 2- انتظار الوجه العسكري للثورة الشعبية العربية الذي سيعمل معه لدق المسمار الأخير في نعش المعز وذهبه. 3- بلبلة الساحات ما بين العمل التنظيمي والاختراقات، وبقاؤهم ثائرين بين مطرقة المشترك وسندان الاختلافات داخل الساحة. إن علينا الإدراك أن صنعاء وساحاتها وميادينها وجبالها ستبقى هي كلمة السر، وبدونها كما تعلمنا من التاريخ اليمني لن يكون هناك يمن جديد. لقد أعطت الحوارات الجارية لنقل السلطة الفرصة والمكاسب لجبال صنعاء وساحات السبعين لتزداد صولة وجولة حتى حاكت انتفاضة الأسد. وبرأيي أن على الثورة الشعبية أن تزيل من خارطة الطريق الارتكان إلى أمريكا والخليج والمجموعة الأوروبية، لأن هؤلاء هم الباحثون عن المصلحة أينما وجدت، حتى لو كانت مع من ضيع في الأوهام عمره. إن بعض الأخطاء السياسية التي قام بها قادة اللقاء المشترك وفّرت مزيداً من التمكين لعيبان ونقم والصّمَع والسبعين، وبفضلها زادت التدخلات وهماً فوق وهم. لقد ذهب الزعيم وجوقته وبقي هامان وجنده، وهؤلاء لا زالوا يرون أن سيف المعز وذهبه أقوى من خطب الجمعة ولهيب شمس الستين. إن هؤلاء تحكمهم ثقافة الأنا وقطاع الطريق، ولو كانوا متأكدين مما معهم من مال وبنون وقناطير مقنطرة من السلاح الراجم والقاذف لكان رأيهم أمس غيّر موازين القوة قبل اليوم. يجب أن لا نلوم أمريكا ولا الخليج أو المجموعة الأوروبية، لأن هؤلاء ينظرون إلى مصالحهم أينما وجدت، فهم أولى بها وهذا حق مشروع ولكن ألوم شعبنا أبياً مارداً شرساً في ساحات التغيير توقف نفكيره بالارتهان للحوارات التي ثبت حتى الآن أنها غير مجدية. أما آن لثماني عشرة محافظة متأججة وثائرة ومتحدة تحلم بيمن جديد أن تفرّق بين الساسة ويسوس؟ أما آن لرجالها ونسائها أن يقطفوا ثمار التضحيات والأثمان الباهظة التي دفعها الفقير والغني، الأمي والمتعلم، العامل ورجل الأعمال، الجندي والموظف، الطالب والمدرس، هؤلاء كلهم ألم يخافوا عليهم أن يكون حلمهم بغدٍ مشرق وجميل هو حلم اليقظة وانتكاسة، ولن يجدوا ما يقولونه سوى: «واأسفا على يوسف وابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم». إلى كل ساحات التغيير: كونوا على ثقة أن وراء كل صاروخ ودبابة ومدفع في عيبان ونقم والصّمَع والسبعين مؤلفة قلوبهم يخافون من انكساركم على أيدي جلاديكم السياسيين البررة، وهم ينظرون ساعة الصفر الحقيقية لتطفأ هذه الفوهات وتنار الكهرباء وييتدفق الديزل وتحيا الورش والمصانع، شاء من شاء وأبى من أبى. أيها الشعب الثائر: الأيام القادمة حبلى ورمضان على الأبواب والمؤامرات تزداد عليكم بجهل الجاهلين أو بطمع الطامعين، وعليكم أن تدفعوا فاتورة الدماء مهما كانت لأنكم حتى الآن لم تصلوا إلى ما وصلت إليه وفيات حوادث المرور، فالهدف يستحق أن ندفع من أجله أرواحاً زكية بريئة، ولا تستمعوا لفتاوى قتل البعوض و«يمدد أبو حنيفة ولا يبالي» واقرؤوا أسباب تأخر النصر في «الظلال» وسيرة أردوغان لتدركوا أن بروتوس هو قاتل قيصر.