هناك واحدة من أهم الحقائق السياسية التي تفسر لنا الأحداث والمواقف السياسية المختلفة وهي أن السياسة أشبه بما يمكن تسميته بالمذهب الباطني، الذي يعطي للأحداث والمشاهد الواقعية تفسيرا ومعنى باطني آخر باتجاه هدف متعين وللحفاظ على الإستراتجية والمصلحة المحددة حتى بالرغم من الموت أو الولادة المادية. لكن هناك على مر الزمان ما يمكن تسميته لحظه نماذجية في التطابق بين الموت والولادة المادية والتفسير السياسي في نفس اللحظة. وهذا بالتحديد ما جرى في مصر و تونس ولم يجري بصوره نموذجية في اليمن لأسباب داخليه وخارجية. من هذه المقدمة يمكن أن أُلخِّص وجهة نظر تفسيرية لما يجري في اليمن خاصة مع رحيل صالح. تنطلق وجهة النظر هذه من أن صالح أصبح عقبة أمام النظام وكان لزاما للحفاظ على النظام إخراجه من العملية السياسية بطريقة غير سياسية. وبهذا ضاعت النقطة النموذجية التي يمكن أن نرى التغيير والتحول من عندها واضحا للعيان. وكان لزاما أيضا أن يتم ترحيل صالح بعد أن أصبح عقبة أكثر وهو على كرسي المرض. من كل هذا نصل إلى حقيقة سياسيه وهي أن صالح خرج من العملية السياسية بل ومن البلد ولن يعود. وان عملية ترحيله إلى السعودية وفرض نوع من الغموض المتعمد حول مصيره إلا محاوله لإطالة عمر النظام المتهاوي بافتعال الأزمات والدجل الإعلامي ومحاولة فرض نوع من السطوة للنظام. ولكنها باءت بالفشل لأنهم لم يدركوا أن الشعب يريد وسيكون انتحارا مؤكدا العمل من اجل إبقاء النظام وعندها سيفوتهم حتى قطار الوالد. لذلك لم يعد هذا الغموض الظاهري سوى ورقه أخيره على طاولة التسوية السياسية.