عاجل: قبائل همدان بصنعاء تنتفض ضد مليشيات الحوثي وتسيطر على أطقم ومعدات حوثية دخلت القبيلة "شاهد"    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    عبدالملك الحوثي يكلف هذا القيادي بملاحقة قيادات حزب المؤتمر بصنعاء ومداهمة مقراتهم وما فعله الأخير كان صادما!    هل تتجه المنطقة نحو تصعيد عسكري جديد؟ كاتب صحفي يكشف ان اليمن مفتاح اللغز    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    الكشف عن ترتيبات أمريكية مؤلمة للحكومة الشرعية وقاسية على القضية الجنوبية    محمد علي الحوثي: "غادري يا ميسون فهو الأفضل لش".. بمن يتغزل "الطبل"؟    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    نجل قيادي حوثي يعتدي على مواطن في إب ويحاول ابتزازه    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    تطور مفاجئ.. فريق سعودي يقدم عرضا ضخما لضم مبابي    مليشيا الحوثي تواصل اختطاف خبيرين تربويين والحكومة تندد    اختتام البرنامج التدريبي لبناء قدرات الكوادر الشبابية في الحكومة    بريطانيا تخصص 139 مليون جنيه استرليني لتمويل المساعدات الإنسانية في اليمن مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استعدادا لمواجهة البحرين.. المنتخب الوطني الأول يبدأ معسكره الداخلي في سيئون    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    يوفنتوس مصمم على التعاقد مع ريكاردو كالافيوري    العليمي يصل المنامة للمشاركة في القمة العربية    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    كلوب يسخر من واقعة المشادة مع صلاح    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    وزيرا المياه والصحة يبحثان مع البنك الدولي تمويل إضافي ب50 مليون دولار لمشروع رأس المال البشري مميز    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    الخطر الحقيقي على الجنوب وقضيته يكمن في معاشيق    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    «البلسم»تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية للكبار والأطفال    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    الرئيس الزُبيدي يقرر إعادة تشكيل تنفيذية انتقالي شبوة    عار على الجنوب وقيادته ما يمارسه الوغد رشاد كلفوت العليمي    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    ما معنى الانفصال:    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحلل السياسي سعيد ثابت: الخارج غسل يديه من الاعتراف بحكم صالح (حوار)
نشر في نشوان نيوز يوم 01 - 07 - 2011

اعتبر الكاتب والمحلل السياسي "سعيد ثابت سعيد" ما وصفه ب"الموقف الفاتر" إقليمياً ودولياً وعدم اتصال الزعماء بالطمأنة على صالح- يكشف في تقديره "عن أن المجتمع الدولي والإقليمي قد طوى صفحة العهد الصالحي في اليمن، وغسل يديه من الاعتراف بحكمه كرئيس للبلاد".

وأشار في حوار مع "الناس" إلى أن حادثة الهجوم على مسجد النهدين في قلب دار الرئاسة التي أصيب فيها الرئيس صالح وكبار قيادات الدولة، مثلت خاتمة كتاب نظام حكم صالح. "نشوان نيوز" يعيد نشر الحوار الذي أجراه الزميل ثابت الأحمدي:
** من الواضح أن الثورة انتقلت منذ جمعة حادث مسجد الرئاسة إلى مربع آخر.. أولاً ما قراءتك لما حدث في جامع الرئاسة؟
* من المهم أن نقرأ مسار الثورة الشعبية السلمية حتى نستطيع استيعاب الأحداث التي وقعت في أكنافها.. في اعتقادي أن مقدمات الثورة الشعبية تبلورت في الانتخابات الرئاسية عام 2006، ولعل أبرز سمة للمرحلة الأولى كان (تبهيت) الشرعية الزائفة للنظام التي اكتسبها بفعل تزييف نتائج الانتخابات الرئاسية.
أما المرحلة الثانية فقد اتسمت بكسر حاجز الخوف من نظام الحكم المختنق بأزماته، والمتباهي بسطوة القوة التي امتلكها وراهن عليها في تعامله مع المعارضة السياسية الممثلة في أحزاب اللقاء المشترك، ودفعته لأن يرفض كل دعوات الحوار للخروج من الأزمة التي وضع نفسه والوطن برمته على فوهتها، وعملية كسر حاجز الخوف مرت بمستويين: الأول: على صعيد النخبة السياسية والكوادر الحزبية وهذه تمت إبان الحملة الانتخابية الرئاسية في المرحلة الأولى، والثاني على صعيد القاعدة الجماهيرية العامة، وهذه تعاظمت مع اتساع حركة الاعتصامات والمسيرات الاحتجاجية التي شهدتها المحافظات على وقع نجاح الثورة التونسية والمصرية اللتين ساعدتها على اختزال الزمن في تسريع عملية كسر كل الحواجز النفسية والمخاوف تجاه النظام، ولذلك سارع النظام إلى تقديم تنازلات تكتيكية وتعهدات لفظية حملت مضامين عدم التوريث والتمديد وغيرها وهي تعهدات لمطالب تجاوزتها حركة الجماهير التي تتسم عادة بالبطء في الاستجابة لأي فعل ثوري، لكنها عندما تستجيب فإنها تسبق كل النخب والأحزاب السياسية.. وعندما تتهاوى كل (التابوهات السياسية) في المجتمع فإن الحركة الثورية تكون قد بدأت بفرض وجودها على طريق نزع اعتراف الفاعلين السياسيين بها.
وفي المرحلة الثالثة التي بدأت بارتكاب النظام الحاكم مذبحة جمعة الكرامة اتسمت بعملية دؤوبة لتفكيك هياكل وبُنى النظام وأجهزته السلطوية القمعية، وكان من الضروري المرور على هذه المرحلة وتحقيق هذه العملية لإحباط مخطط النظام الرامي إلى إدخال البلاد في دوامة العنف والعنف المضاد على طريق إنضاج الحرب الأهلية التي راهن عليها، وسهر من أجل إشعالها، فكانت دماء شهداء الكرامة بمثابة سيل جارف جاء على بنيان النظام، وزلزالا هز أركانه، فبدأت مرحلة تفكك النظام بحركة الانضمام الواسعة في المؤسسة العسكرية والأمنية والمدنية إلى صفوف الثورة، وأيضا إعلان القبائل اليمنية المختلفة برموزها المشيخية الالتحاق في صفوف الثوار، ودعمهم، وبدت اليمن كما لو أنها تتشكل بصورة مغايرة تماماً عما عرفه العالم عنها.. بدت اليمن شعبا في مواجهة حاكم وحيد...معزول.. مضطرب.. يدير البلاد بأدواته الأسرية والعائلية، وأدرك النظام حينها أنه أمام ثورة شعبية حقيقية لم يعرفها من قبل، وليس لديه أي سابقة في التعامل معها، وهو ما دفعه أكثر إلى التخبط والوقوع في سلسلة خطايا عمقت الشرخ، وكرست الانفصال بينه وبين الشعب وقواه المختلفة الحديثة والتقليدية على حد سواء، وفقد بوصلة العقل والرشد التي ينبغي أن تكون حاضرة في مثل هذه الظروف، فأمعن بارتكاب جرائم قصف المدنيين بالصواريخ والأسلحة الثقيلة، واستهداف منازل ومقرات قيادات سياسية واجتماعية تحظى باحترام ومكانة لدى جماهير الشعب، ومن بينها منزل الشيخ/ عبدالله الأحمر الذي يأخذ رمزيته من مكانة صاحبه المرتبط بتاريخ النظام ذاته، وأيضاً لعلاقته بالبعد القبلي الذي لازال يتحكم في النسيج الاجتماعي ويشكل البؤرة العصبوية للنظام (عصبية الحكم حد تعبير ابن خلدون)..
أما المرحلة الرابعة التي بدأت بحادث الهجوم على مسجد النهدين في قلب دار الرئاسة، وأعلن الموالون للنظام عن إصابة صالح وعدد من أركان حكمه بينهم (رأس السلطة التنفيذية ورأس السلطة التشريعية)، لتكون هذه المرحلة خاتمة كتاب نظام حكم صالح، وتتسم بالبحث عن تأمين الغطاء الإقليمي والدولي للثورة، وهي سمة ذات ملمح سياسي أكثر بكثير من ملمحها الثوري التعبوي، وتحتاج إلى ثوار سياسيين، أو سياسيين ثوار قادرين على إدارة التفاوض لترتيب عملية نقل السلطة، على طريق إنجاز عملية بناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة..
هنا أود التوضيح أن هذه المرحلة التي مر عليها نحو شهر كان يمكن اختزالها زمنياً لولا أن الرئيس المخلوع عندما كان يُحمل على (طائرة إخلاء سعودية) متأثراً بجراحه تاركاً البلاد والشعب- أقول كان يمكن اختزالها زمنياً لو لم يكن قد وضع ألغاماً أمام طريق نقل السلطة، وهذه الألغام التي زرعها تتمثل في تمكينه منذ فترة طويلة أبناءه وأقاربه من مفاصل بعض الوحدات العسكرية والأمنية، ومنحْهم صلاحيات الحاكم نفسه.. لذلك فإن طول فترة نقل السلطة فرضتها معالجة إزالة تلك الألغام وبحث الثوار السياسيون في هذه المرحلة عن خبراء لنزع تلك الألغام بأقل الخسائر..
** ولماذا لا يزال الحادث يكتنفه الغموض حتى اللحظة؟ ولمصلحة من هذا الغموض؟ وهل ترى أن ثمة أطرافاً دولية قد تقف وراء العملية؟
* بقدر ما يثير حادث الهجوم على جامع النهدين كل هذا التخبط من الإرباك عند التحليل، ويسهم في إضفاء مزيد من الغموض، فإنه أيضاً يكشف عن أن الحادث بالتأكيد جاء من داخل مربع النظام ومن المقربين لصالح، ولن يكون بالتأكيد من خارجه، لأسباب كثيرة؛ منها أن الحادث لم يقع في جامع الصالح حيث هو مكان مفتوح نسبيا للمواطنين، رغم أن ثمة إجراءات أمنية مشددة لكل من يرغب بالدخول إليه، إنما وقع الحادث في جامع وسط دار الرئاسة المحصن والمحمي من كل الجهات بقوات الحرس الخاص والحرس الجمهوري والقوات الخاصة، ومنها أيضاً أن ارتباك بقايا النظام وتناقضات تصريحاتهم حول ما جرى وتحميل أكثر من جهة المسؤولية، ثم التراجع عنها لتحميل أخرى مسؤولية الهجوم، فمن اتهام للأحمر، ثم تراجعهم واتهام المخابرات المركزية الأمريكية، ثم تحميل تنظيم القاعدة المسؤولية، ثم أحزاب اللقاء المشترك، كل ذلك يبين أن بقايا النظام الذين كلفوا بالتصريح لوسائل الإعلام وقعوا هم ضحية معلومات مضللة ربما بقصد أو من غير قصد، لكنهم في الأخير لم يقدموا الرواية الرسمية المتفق عليها، ربما لتعدد مصادر القوة المتبقية في أركان نظام صالح المتهاوي..
هذا الغموض في نتائج الصراع السياسي، والجرائم السياسية في اليمن ليس جديداً على كل حال.. وبالتحديد في الجريمة السياسية هنا.. فلازالت عملية اغتيال القاضي الحجري غامضة، واغتيال الأستاذ/ محمد النعمان، واغتيال الرئيس/ إبراهيم الحمدي، ومقتل الرئيس/ أحمد الغشمي، ومقتل الرئيس/ عبد الفتاح إسماعيل وغيرهم..
إن حادث الهجوم على جامع النهدين واستهداف صالح وبعض أركان نظامه يكشف عن علم مسبق للجناة بتحركات صالح، ومكان وجوده في هذا الوقت بالذات، وتسديد القذيفة أو الصاروخ أيا يكن يظهر معرفة الجناة أيضا بإحداثيات الموقع المستهدف، وبعد ذلك تكثر الإشاعات والتصورات حول مسار الأحداث بعد انفجار الصاروخ أو القذيفة أو العبوة، لكنها كلها تشير إلى أن الجاني لم يكن أبدا بعيداً عن الدائرة الضيقة والمقربة لصالح، بعد ذلك ليس مهما أن تكون ثمة أطراف إقليمية أو دولية أو كلاهما متورطتين في الحادث، فلا أستبعد أنا احتمالية علم قوى خارجية، بهدف إزاحة صالح من المشهد بعد أن أيقنت أن بقاءه يشكل تهديداً فعلياً لمصالحها الحيوية في المنطقة عموما وفي اليمن على وجه أخص..
طبعا الغموض حول الحادث يبدو للمراقب أنه مقصود لذاته.. فثمة أطراف إقليمية ودولية، كما فعلت الخارجية الأميركية بعد وقوع الحادث، أو مراكز قوى محلية، وكلها تحرص على نسج مزيد من الغموض حول الحادث من خلال إطلاق تصريحات أو بث تسريبات عبر صحف موالية أو مقربة من أركان الحكم وإن بدت أنها معارضة في بعض أطروحاتها لاكتساب مزيد من القبول والمصداقية، والهدف من هذا الغموض هو اللعب بورقة الزمن لترتيب الأوضاع في اتجاه قد يكون، بل بالتأكيد، مناقض لخط الثورة، إنما ما ينبغي أن ندركه أن صالح كتب نهاية حكمه تماماً مع إخراجه إلى الرياض، بغض النظر عن كل التصريحات التي تتحدث عن عودته أو (رجعته)، فصالح انتهى فسيولوجياً يوم جمعة النهدين، كما انتهى سياسياً يوم جمعة الكرامة..
الملفت هنا أن فور وقوع حادث الهجوم لم يصدر بيانات أو اتصالات من قادة الدول العربية أو الغربية لإدانة الحادث، ولزمت الصمت، بل إن الخارجية الأمريكية شككت بالحادث، ولم يصدر أي بيان رسمي من تلك الدول، وبعد أكثر من ثلاثة أسابيع قرأنا عبر وسائل إعلام حكومة تصريف الأعمال تصريحات لسفراء بعض الدول تعبر عن إدانتها للحادث، ومع وصول جيفري فيلتمان -مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى- قالت وكالة سبأ إن وزيرة الخارجية الأميركية بعثت رسالة لنظيرها الدكتور/ القربي وفي ثنايا الرسالة هناك تعبير عن إدانة للحادث، لكن كل هذه التعبيرات لا تتناسب مع حجم ما قيل من استهداف لرئيس مفترض، فماذا يعني ذلك؟؟ أزعم أن هذا الموقف الفاتر إقليميا ودوليا وعدم اتصال الزعماء بالطمأنة على صالح ربما يكشف عن أن المجتمع الدولي والإقليمي قد طوى صفحة العهد الصالحي في اليمن، وغسل يديه من الاعتراف بحكمه كرئيس للبلاد..
** يقول البعض إن البوصلة ضاعت على أحزاب اللقاء المشترك خلال الفترة الأخيرة إذ بدت كالحيران لا تدري ما ذا تفعل، كيف تنظر إلى أدائها؟ وهل أضاعت بعض اللحظات التاريخية التي أفلتت منها في أكثر من مرة؟
* لا أتفق مع من يقول إن البوصلة ضاعت عن قيادات أحزاب اللقاء المشترك خلال الفترة الأخيرة، بالعكس أدارت هذه القيادات بالمجمل الصراع الثوري بحنكة ومهارة سياسية ممتازة، ولم تكن في أي محطة من محطات المسار الثوري خارج الفعل، وصناعة الأحداث، كما ظلت وفية لاستراتيجياتها الرامية إلى التغيير.. المشكلة أن منطق الثوري يختلف تماماً عن منطق السياسي، ومن الطبيعي أن أي عملية ثورية تكملها وتكللها عملية سياسية.. يدعمها ويسندها الفعل الثوري في الساحات والميادين..
وبرغم هذه الرؤية فإن لديّ تحفظات ونقداً قد يكون في بعض جوانبه قاسياً لأداء قيادات المشترك الذين لا نشك بإخلاصهم للثورة وصدق توجههم لاستكمال مراحلها.. ربما بسبب تركيبة الأحزاب في كل الدنيا التي تحمل وظيفة محافظة وليست ثورية، ثورية هنا بمعنى التغيير الجذري، فهي تتحرك في إطار النظام القائم وتتحرك وفق سقفه التشريعي والقانوني، ولما تبدأ بفعل ثوري يستهدف النظام تجد نفسها خارج مشروعية النظام.. على كل حال للأحزاب منطقها وظروفها التي ينبغي أن نتفهمها، وعلى تلك الأحزاب في المقابل أن تتفهم أن للثوار منطقهم الراديكالي الذي ينبغي أن يكون مساعداً ومكملاً لإنجاز نجاح الثورة..
** فيما بين منادٍ بحل المؤتمر الشعبي الحاكم ومحاكمة رموزه على غرار ما فعله ثوار مصر وبين من يدعو إلى التسامح والتوافق السياسي بين مختلف الأطراف السياسية ومن بينها المؤتمر، ماذا ترى؟
* أؤمن دائماً بحق الآخرين في البقاء وتركهم للرأي العام ليحدد مصيرهم، فالحكم للجماهير الشعبية، وموضوع مصير المؤتمر الشعبي يجب أن يترك للإرادة الشعبية، والمؤتمر الشعبي بالمناسبة ليس حزباً بالمفهوم العلمي، هو تكتل مصالح، كالطفيلي، أو العليق، يقتات من دم الدولة، وعند فطامه وفصاله عن ثدي الدولة ستجده كأن لم يكن.. فباعتقادي لا داعي لطرح مثل هذه المسائل الآن..أنا لست مع حل أي حزب أو إقصاء أي تيار.. والمؤتمر يمكنه أن يعمل في عهد الثورة كغيره من الأحزاب والتيارات، لكن من المهم أيضا أن تقوم الثورة بعملية فصل دائمة بين الأحزاب وخاصة الحاكمة وبين أجهزة ومؤسسات الدولة..هذا هو المهم، وبعد ذلك فليتنافس المتنافسون.. لا يمنع ذلك من مبدأ محاكمة الجناة ومرتكبي جرائم قتل وتعذيب المعتصمين، فهذا المبدأ لا مساومة عليه، ولا تنازل عنه..
وهناك أخطاء أخرى منها اعتماده واكتفاؤه في إدارة البلاد على التكتيك، والمناورة بأوراق لا تقبل المناورة، وإغراق البلاد ومفاصل الدولة وأجهزة المؤسسات التشريعية والتنفيذية والعسكرية والأمنية بالفساد وجعله هو المتسيّد والمتحكم بهذه الأجهزة والمؤسسات، واعتماده سياسة التحريش بين القوى السياسية، والإفراط في توزيع الوعود على حساب إمكانات الدولة.
- ثمة بوادر انفراج للتوصل إلى حل بالتوافق وعلى الطريقة اليمنية بدا في اليومين الماضيين ماذا ترى؟ وهل لذلك من تأثير سلبي؟
من الضروري أن نعرف أن لا عملية ثورية من دون أداءات سياسية ترافقها وتتبعها، ومن الضروري أن نعلم أن الثورة لن تستمر ثورة تعبوية طوال عمرها، فهي بحاجة بعد أن تحقق هدفها الاستراتيجي المتمثل برحيل النظام أن تباشر بعمل سياسي هادئ بعيدا عن اللغة التعبوية لبناء الدولة الجديدة، دولة العدل والحرية والمساواة والشراكة، واليمن أبهرت الدنيا بحكمة ورجاحة عقول أبنائها الثوار والسياسيين المناهضين للعهد الصالحي البائد، ومن الطبيعي أن تجري عملية توافق مع كل المؤمنين بالثورة سواءً كانوا داخل النظام المتساقط، أو من خارجه، ولنتذكر أن هناك كثيراً من أنصار الثورة موجودون داخل النظام البائد.
** بم تعلل تعاطف المملكة العربية السعودية مع علي صالح ونظامه إلى هذا الحد؟ وكذا المجتمع الدولي؟ وكيف تنظر إلى اليمن بعد رحيل علي صالح؟
* من الطبيعي أن تتعاطف الرياض مع صالح، ليس بسبب قناعتها به، ولكن تركيبة نظام الحكم السعودي وطبيعته المحافظة.. على كل حال لدى الرياض أجندتها واستراتيجياتها التي تخصها، لكنها كلما أمعنت في تجاهل تطلعات وآمال الشعوب والبلدان لاسيما اليمن الواقع في خاصرتها الجنوبية، وكلما راهنت على الأشخاص والواجهات، تخسر الكثير وبأحجام مضاعفة عما كانت تخسره في الماضي...
ومن المهم هنا التأكيد على تحييد مؤسسة الجيش بقياداتها، ومؤسسة القبيلة بمشيخها عن الإدارة السياسية للدولة الجديدة، فهاتان المؤسستان برموزها القيادية لهما وظائف خارج إطار الهيكل الجديد للدولة، فالمؤسسة العسكرية مجالها الحدود والثغور وحماية السيادة الوطنية، والمؤسسة القبلية برموزها المشيخية دورها يتحدد في الشأن الاجتماعي الخاضع للإدارة السياسية المتحررة... وهو ما تعهد به القائد لعسكري اللواء علي محسن صالح والشيخ صادق بن عبد الله الأحمر بالالتزام به، مما يشير إلى وعي متقدم لرموز هاتين المؤسستين، ولإدراكهم كوارث تماهي وتداخل العمل القبلي والعسكري بالعمل السياسي للدولة التي كرسهما وعمقهما النظام الهالك..
** قدم بعض المثقفين صورة شوهاء عن الأديب أو المثقف في المجتمع والدور المنوط به في خدمة قضايا الأمة والانتصار لمطالبها، كيف تقرأ ما أقدم عليه بعض الزملاء والساسة في هذا الجانب؟ وما انعكاساته السلبية؟
* ثمة مثقفون وأدباء وصحفيون كانوا ولازالوا منارات في إحداث هذا التحول العظيم في حياة المجتمع وأسهموا في قيادة الثورة والحفاظ على مسارها بعيد عن المواقف العدمية، والرؤية المزاجية، والتحركات العبثية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.