تجسد الجروف المنحدرة والجبال الشاهقة في منطقة الحدود اليمنية السعودية التحدي الشاق الذي تواجهه المملكة لوقف تسلل متشددي «القاعدة» إليها من جارها الفقير. وتمتد الجبال والتلال الوعرة والكهوف والأودية إلى أميال وأميال على جانبي الحدود، كما تحيط منحدرا بعمق مئة متر بأحد جانبي الطريق الحدودي الضيق الذي يصل نقطتي الحدود في علب.
ولطالما كانت الحدود بين البلدين والتي تمتد إلى أكثر من 1500 كيلومتر بيئة خصبة للمهربين الذين ينقلون الغذاء والكحوليات والحجاج إلى السعودية من البلد الفقير إلى المنتج النفطي الكبير إلى جانب نقل الأسلحة إلى متشددي «القاعدة».
وقال فرد في حرس الحدود لم يذكر اسمه لوكالة «رويترز»: «يعرف المهربون المنطقة، يحاولون استغلال أوقات مثل الليل والأمطار والضباب حيث تنخفض الرؤية».
وقالت صحيفة «عكاظ» السعودية، إن شرطة الحدود صادرت راجمات صواريخ وأكثر من مئة بندقية وقرابة مئة اصبع ديناميت خلال ثلاثة شهور العام الماضي. ويخشى مسئولون سعوديون من انتقال المزيد من الأسلحة إلى السعودية.
وتخشى السعودية من أن يتخذ «تنظيم القاعدة» اليمن منطلقا للعمليات. وتنوي الرياض بناء سور بتقنية عالية وبكلفة تصل إلى مليارات الدولارات ويكون مزودا بكاميرات ليلية ومجسات حرارة ومراقبة جوية وبحرية لإغلاق حدود المملكة.
كما تخشى الرياض حليفة الولاياتالمتحدة من أن يستغل «القاعدة» الذي شن هجمات في المملكة بين عامي 2003 و2006 حالة انعدام الاستقرار في اليمن الذي يكافح حركة تمرد حوثية بالقرب من الحدود السعودية وانفصاليين في الجنوب.
وحاول انتحاري قال إنه تائب قتل مسئول الأمن في ميناء جدة السعودي المطل على البحر الأحمر في أغسطس/ آب بعدما جاء من اليمن وفقا إلى اتفاق مسبق. وقتلت قوات أمن سعودية الأسبوع الماضي اثنين من متشددي «القاعدة» في تبادل لإطلاق النار بالقرب من معبر آخر بمنطقة جازان الجنوبية.
ويقول محللون إن وضع نظام الحدود لن يستغرق سنوات فقط ويتطلب مشاركة مئات المتعاقدين ووجود تكنولوجيا متقدمة لتغطية الكهوف والممرات النائية، لكن الظروف أيضا ستضع المعدات موضع الاختبار إلى أقصى مدى.
وقال أستاذ الأمن الأوروبي في جامعة ساوثامبتون، فرانك جريجوري، إن دولا أخرى مثل الولاياتالمتحدة بنت أسوارا في أجزاء من حدودها مع المكسيك وإنها تواجه مشاكل مثل تعطل الكاميرات بسبب الحرارة. وأضاف: «وجدوا عددا من المشاكل بشأن عمل المعدات في ظل ظروف جوية قاسية، والسؤال الآخر هو عن الدعم التقني وكم سيستغرق استبدالك الكاميرا أو المجس؟».
ولم ترد تفاصيل عن حجم الخطة الحدودية الأمنية السعودية، لكن الكثير منها سيعتمد على سرعة وصول القوات بعد انطلاق الإنذار وهو ما يمثل تحديا في ظل الجبال والصحراء وعدم وجود طرق جيدة أو قواعد قريبة للطائرات المروحية. وتلامس أجزاء من حدود السعودية مع اليمن وعُمان والإمارات العربية المتحدة صحراء الربع الخالي الشاسعة التي لا توجد بها بلدات أو طرق رئيسية.
وتقع في الصحراء أيضا الحدود الشمالية للمملكة مع العراق والتي تأمل الرياض في بناء جزء أولي من الأسوار الحدودية فيها لمنع تسلل المقاتلين منها بحلول نهاية العام الحالي.
ويقول محللون إن الأسوار ذات التقنية العالية لن تنهي بسهولة تاريخا طويلا من التهريب والعبور غير القانوني للقبائل التي لا تعترف بالحدود الدولية.
وذكر دبلوماسي غربي أن المهربين يحاولون الزواج من عائلات تعيش في المنطقة الحدودية، ويرى بعض المحللين أن «القاعدة» الذي ضم جناحيه في اليمن والسعودية العام الحالي يتبع النهج ذاته لبناء روابط مع القبائل اليمنية.
وقالت مطبوعة «سنتينل» التي يصدرها مركز مكافحة الارهاب ومقره الولاياتالمتحدة: «هذا التطور جديد ومقلق، لأنه يتضمن إمكانية تحول أي عملية لمكافحة الارهاب إلى حرب أوسع نطاقا تشارك فيها القبائل اليمنية. وقد لا تجدي الكاميرات نفعا أيضا في رصد المقاتلين الذين قيل إنهم يعبرون الحدود في أزياء نساء مستغلين ضرورة تغطية المرأة لكامل وجهها وجسدها في السعودية وحقيقة أن النساء نادرا ما يتم تفتيشهن عند نقاط التفتيش».
وقال مسئول خليجي: «لن يجرؤ ضابط على أن يأمر امرأة بخلع نقابها للتأكد من جواز السفر، فعادة ما يكفي أن يقول رجل إن هذه زوجته. ليست هذه مشكلة سعودية فحسب. وقد يعوق التعاون أيضا تفاوت الموارد بين القوات السعودية واليمنية التي تقوم بدوريات على جانبي الحدود. فالجانب السعودي من معبر علب منظم جيدا ويحتوي على عدة حارات ونقاط لتفتيش السيارات ولا يمكن توقع الأمر نفسه على الجانب اليمني الذي يعاني من سوء حالة الاتصالات».