نثور مع الثوار نتحرك معهم من واد الى واد ومن خيمة الى أخرى.. نعيش مع الثورة يوما بيوم, ساعة بساعة, دقيقة بدقيقة.. نعيش في خيام من الامل وساحات من الطموح وميادين واسعة من الحرية, ليس لنا سبيل كمغتربين الا هذا السبيل (الفيسبوك) نسير مظاهرات من خلاله نتنقل من مجموعة إلى أخرى ومن واد إلى آخر ومن صفحة إلى أخرى لنطرح أفكارنا ونناقش أفكار الآخرين في هذه الساحة.. بل ويصل بنا الأمر الى الغضب والاختلاف والعداء أحيانا.. وأحايين نتفق على اهداف مشتركة بما يخدم الثورة في ساحاتنا وساحات الثوار في ارض الوطن الحبيب.. نقدم استقالاتنا ونرفض بعض المسؤوليات ونوافق على بعضها.. وكأننا في اليمن مع الثوار.. بل البعض يتعرق من شدة التعب وهو على كرسيه يتجول في ساحات الفيسبوك ويسهر الساعات الطوال لا تسمع الا قعقعة لوحة المفاتيح (الكيبورد) لديه.. بل قد تستغرب من ضحكاته التي تنطلق عاليا دون ان تعرف لماذا وهو في الحقيقة يعيش مع اصدقاء ويشاركهم الضحكات من وراء البحار. الفيسبوك ساحة لكل من هب ودب للثائر والمتآمر والمخبر والمدبر والمتعجل والمتأخر والنطيحة وما أكل السبع وصاحب الجد وطالب الشهوات فهذا له مطالب وذاك له نزوات, فمن طالب صداقة مع الشباب الى طالب صداقة البنات, جمعت المتناقضات في ثناياه الطيبة والخبث, الوطنية والخيانة وكل في فلكه يسبح, من طرأت في رأسه فكرة انشأ مجموعة أو صفحة وأضاف لها أصدقاء من كل أنحاء العالم يشاركوه همه أو «أوهامه» التي تجول في خاطره. من على هذه المنصة تقام دول وتسقط أخرى وهذا ليس مبالغة بل قد تحقق في أفعال الربيع العربي حيث كان «الفيسبوك» الأداة الأكثر فاعلية في تحريك الجماهير للنزول الى الشوارع ابتداء في تونس, وليس انتهاء في سوريا الجريحة التي أبدع ثوارها إبداعاً رهيباً في تسخير هذه الشبكة لخدمة أهداف ثورتهم، فكم شاهدنا من صور وفيديوهات تفضح النظام البعثي على صفحات ومجموعات وساحات الفيسبوك بل حتى وصل بهم الامر الى حد النقل المباشر بالصوت والصورة عبر الانترنت من داخل الساحات الثورية. فثوار المهجر من العربان ليس لهم من بد للمشاركة والتفاعل مع الثورات والعيش في تفاصيلها داخل بلدانهم سوى الفيسبوك والانترنت بشكل عام, ففي بعض الاحيان تبدو الصورة واضحة للمغترب اليمني – مثلا – أكثر من الذي يعيش داخل الوطن ويلامس الحدث لان الأخير يكتفي بما رأته عيناه أما المغترب فيتجول في ساحات الفيسبوك والانترنت للبحث عن أسباب الحدث وأقوال المحللين وآراء الساسة فتتضح الصورة لديه أكثر ويتكون عنده بذلك نضج ووعي سياسيين بما يدور في وطنه من ثورات اسطورية عجزت أفواه الرواة ان تختزلها في شعر او كلام يقال. قيل عن الفسيبوك انه الساحة الوحيدة التي يعبر فيها الانسان عن مشاعره بصدق ولكن باسم مستعار على عكس ما يعيشه في الواقع باسمه الحقيقي مع مشاعر واحاسيس مزيفة.. في ساحة الفيسبوك جيوش الكترونية هدفها تدمير صفحات ومجموعات الخصوم السياسيين واخرى للدفاع عن اصدقاء من هجوم جيوش اخرى. في هذه الساحة تعقد الاجتماعات المطولة التي يحتدم فيها النقاش ليصل ذروته في بعض الاحيان وقد يؤدي الى التشاجر وقذف التهم وعندها يتدخل بعض الوجهاء «الفيسبوكيين» لحل المشكلة ويتم التحكيم.. «ويامنعاه شنحكمك».. على الطريقة اليمنية طبعا.. فتلك أجواء نحبها كونها تجعلنا نعيش في اجواء يمانية صرفة نروح فيها عن همومنا وأوجاعنا اللامنتهية في بلاد المهجر. موقع الفيسبوك احدث ضجة كبرى في العالم وخاصة في عالمنا العربي حين خدم ثورات الربيع العربي.. على سبيل المثال - لا الحصر- وصل الفيسبوك او كاد ان يصل الى كل بيت يمني حتى كبار السن تجدهم مولعين بالفيسبوك كموضة وكمصدر للأخبار والتواصل مع الاهل اذا كانوا خارج القرية او الوطن بل قد تجد ان اسرة بني فلان أنشئت لها مجموعة على الفيسبوك لإدارة شؤون العائلة ولم شملها في الداخل والخارج ليجتمعوا في هذه الساحة لمناقشة أمر ما قد يخص العائلة او يهم الوطن فيما يتعلق بدور الاسر في المظاهرات وغيرها.