قدمت حكومة الوفاق الوطني تقريراً ضخماً إلى مجلس النواب، وأمضى أعضاء البرلمان يوم أمس (الاثنين) أربع ساعات يستمعون فقط إلى الوزراء، وهم يتناوبون على قراءة فصول هذا التقرير المؤلف من 64 صفحة. كان باسندوة حاضراً، وكان نواب مؤتمريون يشحذون أقلامهم ويتجهزون للرد الشديد على الحكومة، على خلاف نواب المشترك الذين بدت أعصابهم باردة لأول مرة وكأنهم الكتلة الحاكمة.
تضمن التقرير الحكومي "الضخم" عن مستوى تنفيذ البرنامج العام لحكومة الوفاق، شروحاً وتفاصيل بعضها مملة، لكن أغلبها تفاصيل هامة وشفافة. وإذ استُهل التقرير بمقدمة من 3 صفحات ساردة توصيات البرلمان الخمس لحكومة الوفاق في ديسمبر، أضافت الحكومة أيضاً "التوصيات والمهام المناطة بحكومة الوفاق في البرنامج"، الذي قدمته إلى المجلس بُعيد أسبوعين من نيل الثقة..
هذا تأسيس لعرفٍ حكومي جديد أمام البرلمان، وعلى ضوء تلك التوصيات التي ضمَّنتها الحكومة في ديباجة التقرير، قدمت حكومة باسندوة مجمل الأنشطة والأعمال التنفيذية لتلك التوصيات.
شرحت حكومة الوفاق الوطني أعمالها بالتفصيل، لكن التقرير لم يتضمن أنشطة وأعمال 3 وزارات: التربية والتعليم، والمياه والبيئة، والعدل!
رُفعت الجلسة في تمام الثانية بعد الظهر، ويوم السبت القادم سيناقش مجلس النواب هذا التقرير الحكومي المفصل بتوسع.. واليوم حضرت الحكومة إلى البرلمان لمناقشة البيان المالي ومشروع الموازنة العامة للدولة الذي أُدرج في جدول الأعمال، الأحد الفائت.
أشارت الحكومة في مطلع تقريرها هذا إلى جملة من المعوقات والمشكلات وتعقيدات الواقع، وشكت من الممارسات "المتصلة بالتصعيد الإعلامي بين أطراف الوفاق بين الحين والآخر والأعمال التخريبية والتقطع والإعمال الإرهابية لتنظيم القاعدة والجهات الأخرى". وأشار التقرير إلى أن هذه الجماعات العنيفة "كثفت من عملياتها بشكل أكبر من ذي قبل".. إضافة إلى ذلك جاء في التقرير مظاهر الاعتصامات والإضرابات لموظفي وعمال بعض المؤسسات الحكومية والعامة، "شكلت هي الأخرى مجتمعة عوامل كابحة لأي من محفزات الأداء وخفض معدلاتها بأي حال من الأحوال".
وإذ أكدت الحكومة بأنها سعت منذ مباشرة عملها على الاتصال المكثف إقليمياً ودولياً، إلا أن تقريرها لم يتطرق بشكل عملي ومفصل إلى النتائج الإيجابية لجولة رئيس الوزراء إلى عدد من دول مجلس التعاون الخليجي منتصف الشهر قبل الفائت.
يفصح التقرير عن أمور كثيرة مرتبطة بحدود صلاحيات حكومة الوفاق، ويظهر وزير الدفاع والداخلية كأكثر الوزراء تلكؤاً وأقلهم صلاحية. وهاتان الإشكاليتان تكشفان من خلال التقرير بجلاء عن وضع الأجهزة الأمنية وعن حكومة بلا جيش.
لا تضطلع حكومة الوفاق الوطني بواجب تحقيق الأمن والاستقرار، إنما هذه من مهام واختصاصات "لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن".. وأفرد التقرير 6 صفحات كجزء من أنشطة وزير الدفاع والداخلية في إطار اللجنة التي يمسك بزمامها الرئيس هادي شخصياً.
********* المصدر أونلاين ينشر قراءة تفصيلة لتقارير الوزارات الحكومية المقدمة للبرلمان.. ويبدأ تالياً بوزارتي الداخلية والدفاع..
وزارتا الداخلية والدفاع: الموقف الأمني في عدن ولحج متوتر والوضع في صعدة مقلق للدولة تواجه لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار برئاسة المشير هادي عدداً من الصعوبات والمعوقات "التي تحول دون تقدم عملها"، كما جاء في التقرير الذي أسف لكون "الوضع الأمني بشكل عام ليس على ما يرام".
وإذ أشار التقرير إلى أبرز ما حققته اللجنة العسكرية من مهام، إلا أن نسبة الإنجاز في ما يتعلق بإزالة التوتر من قلب العاصمة لم يتعدَّ ال50 بالمائة.. وجاء في التقرير أن المسلحين لا يزالون منتشرين في عدد من أماكن أحياء أمانة العاصمة مثل حي صوفان وحي النهضة والأحياء المجاورة لها "إضافة إلى الاتجاه الغربي للأمانة بكامل ما فيه من أحياء". وقالت اللجنة إنها لا تزال "تتابع".
صرفت اللجنة العسكرية مرتبات الضباط والأفراد المنضمين للثورة وأعادتهم إلى أعمالهم "وصرفت المستحقات على النحو الذي كان قبل يناير 2011، كما تم إعادة طلبة المعهد الفني للقوات الجوية إلى المعهد وصرف مرتباتهم ومنح الضباط والأفراد من القوات الجوية المعتصمين إجازة لمدة شهر ومن ثم إعادتهم إلى وحداتهم".
ولفتت الحكومة إلى أن اللجنة العسكرية "تعاني بطئاً نسبياً في تنفيذ تعليماتها من قبل الجهات المعنية ذات العلاقة" وجاء في التقرير "أن اللجنة أصدرت تعليماتها بتاريخ 26 فبراير الماضي لإخلاء وإزالة بؤر التوتر في بعض مناطق أمانة العاصمة وفي محيطها، وحتى الآن لم يتم التنفيذ".
وشكت الحكومة من تعرض خط أنبوب النفط للتفجير ب"استمرار" وقالت إنه لا يزال مقطوعاً حتى الآن. وأشار التقرير إلى أن السبب يكمن في "أنهم يطالبون بمبالغ مالية كبيرة مستحقة لهم من السابق حسب زعمهم، ويظهر أن في مطالبهم نوعاً من التلاعب وهو ما يكبد الدولة خسائر كبيرة من جراء ذلك تقدر بملايين الدولارات يومياً".
التقرير أشار إلى ان التيار الكهربائي وخطوط وأبراج الكهرباء تتعرض "للتخريب المتعمد بصورة مستمرة". كما أن التقطعات لا تزال منتشرة بصورة متكررة في الطرق الرئيسية "ويحدث من وقت لآخر تقطع لقاطرات المشتقات النفطية وكذلك لقاطرات المؤسسة الاقتصادية المحملة بالمواد الغذائية واستمرار التقطع على آليات القوات المسلحة والأمن والحكومة بشكل عام".
وكشفت الحكومة عن نشاط متزايد لتنظيم القاعدة في محافظتي أبين والبيضاء، وتزايد عملياته في حضرموت وفي منطقة "عزان من محافظة شبوة، التي تعتبر مركزاً تدريباً لهم، إضافة إلى ظهور الخلايا النائمة لهم في محافظتي عدن وصنعاء". كما أن الوضع الأمني في محافظة صعدة لا يزال "مقلق للدولة". ولفتت الحكومة إلى أن "الموقف الأمني في عدن ولحج متوتر ولا زالت عناصر القاعدة والموالون لها يقومون بالاعتداءات على العسكريين في عواصم المحافظتين ونهب الفنادق والممتلكات العامة والخاصة، كما أن السيطرة على معسكرات محافظة الجوف والأسلحة والمعدات التي كانت فيها لا يزال مستمراً مع منع السيارات الحكومية والعسكرية والأمنية من المرور في الطرق الرئيسة وإعاقة إيصال المؤمن للعسكريين".
وبشأن إعادة هيكلة الجيش، أكد التقرير الحكومي أن جهود اللجنة مستمرة في الإعداد لإعادة "هيكلة الجيش والأمن ووضع خطة للمهام والإجراءات الخاصة والأسس والمرتكزات العامة لإعادة الهيكلة التنظيمية التي على ضوئها سوف يتم البدء في تنفيذ الهيكلة".
وجاء في تقرير الحكومة أن اللجنة العسكرية "تلمس بأن الوضع الأمني بحاجة إلى تكاتف الأحزاب وتوحيد الإرادة السياسية ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وإلزام جميع الأطراف بالتعاون مع اللجنة العسكرية عند تنفيذ مهامها والحد من التصرفات اللا مسؤولة".
التقرير كشف عن خطة أمنية شاملة لوزارة الداخلية "تشمل ضمان حالة الأمن وإعادة سيطرة الدولة وبسط سيادة القانون وإنهاء المظاهر المسلحة ومكافحة الجريمة ومواجهة عناصر الإرهاب والتقطع والتهريب والتسلل والقرصنة وتعزيز حماية المنشآت والأهداف الحيوية". لكن التقرير اشترط لتنفيذ هذه المهام أن تكون وزارة الداخلية بمختلف أجهزتها ووحداتها الإدارية والميدانية بجاهزية كاملة، وهو ما لم يكن متوفراً في الوقت الراهن لأسباب يدركها الجميع"، كما جاء في التقرير.
وأشار التقرير إلى أن أجهزة الوزارة التخصصية تعرضت خلال السنوات الماضية للإهمال في بنائها التنظيمي والمنهي "وإضعاف لقدراتها". ولأجل ذلك فإن وزارة الداخلية شرعت في تنفيذ عدد من الإجراءات، لكن لا تبدو أنها إجراءات واقعية تعالج تلك الاختلالات بقدر ما هي أنشطة اعتيادية بسيطة، مثل المشاركة في الإدلاء بأصواتهم وانتخاب الرئيس هادي كحق دستوري.
- لقراءة تقرير وزارتي الكهرباء والنفط، اضغط هنا - وزارتي الاعلام والثقافة، اضغط هنا