الوطنية تعني التفاني في خدمة الوطن وحمايته وصيانته وحراسته ونسيان الذات أثناء هذه الأعمال كما تعني أيضاً ألا يسعى الشخص أثناء أدائه لهذه الأعمال للهث وراء الشهرة وتسليط الأضواء على شخصه وربط كل عمل ومنجز به، فإن أي منجز إنما هو نتاج جهود كبيرة من فريق عمل متكامل لا يستطيع الفرد أن يقوم به بنفسه، وهذا في كل المجالات، فمن الظلم أن تختزل تلك الجهود في شخص واحد ، ولو نظرنا إلى الدول القائمة على مؤسسات لا يمكن أن يسخر الجيش لخدمة حزب ما أو عائلة أو فرد ولا يمكن أن يسخر الإعلام لتلميع شخص الرئيس أو رئيس الحزب الحاكم ولا يمكن تسخير المال العام لشخص الرئيس يعبث فيه كيف شاء، وإنما كل مؤسسة من مؤسسات الدولة تعمل وفق الأهداف المرسومة لها وأجهزة الرقابة التي هي صمام أمان تراقب أداء كل هذه المؤسسات، فإن بدأ مؤشر الانحراف يظهر دق ناقوس الخطر عند أجهزة الرقابة وسارع لتقويم ذلك الاعوجاج، أما في بلداننا العربية فالوطنية ليست إلا مجرد ادعاء وعباءة يتعاقب المسؤولون على لبسها ويسخرون إعلامنا وأموالنا لتلميع وطنيتهم المزعومة ويشكلون طاقماً متكاملاً لعمل هذه الهالة المزورة المستهترة بجماهير الشعب الذي سلم عقله للإعلام المزور بينما يتفرغ الزعيم الأكبر وبقية طاقمه لنهب الوطن والمواطن وخيانة الوطن وتدميره وتشكيل الجماعات المخربة التي تتبع ذلك النظام والتي يحركها متى ما تأثرت أو اهتزت مصالحه كي يحكم قبضته من جديد وباسم الحرية والديمقراطية يحول البلد إلى سجن كبير للشعب بعامة وللوطنيين الشرفاء بخاصة عن طريق تشويه صورة أبناء البلد بطريقة أو بأخرى فلا يسمح لهم بالسفر إلى أغلب دول العالم ومن سمح له بالسفر فبعد أن يمر بعدة قنوات ويبقى بعد سفره تحت المراقبة حتى يعود.. إن هؤلاء الذين يتغنون بالوطنية ما عرفناهم إلا بالخيانة للوطن وبيع أرضه ومصالحه لصالح أنفسهم وعرفناهم بنهب الثروات والخيرات والمال العام وعقد الاتفاقات الأمنية مع الأجنبي التي تسمح بانتهاك سيادة البلد، وما من نشاط اقتصادي إلا وهم يديرونه وينفذونه بالخفاء عبر شركات بالباطن وهذا يعد من الخيانات الكبرى، لذلك فمشاريع البنى التحتية فاشلة لأنها لم تبن وفق المواصفات التي رسمت لها وهذا بسبب الشركات الباطنة التي لا توصل إلى المقاول الحقيقي المنفذ للمشروع إلا الفتات فينفذ المشروع بحسب ما وصل إليه من المال لا بحسب المواصفات وهذا باتفاق مع تلك الشركات التي تعده بعدم المساءلة ثم يأتي المهندسون والمشرفون على تلك المشاريع وهم ولا شك على ارتباط بالشركات التي أخذت المشاريع بالباطن يأتون وقد استلموا الرشوة من هذه الشركات فيستلمون العمل على أنه وفق الشروط والمقاييس، ذلك لأن هذه المنظومة رباها وعلمها كبيرهم الذي علمهم النهب باسم الوطنية، فبالله عليكم ائتوني بمشروع ناجح من مشاريع البنى التحتية بني وفق المواصفات والمقاييس سواء كان مبنى حكومياً أو طريقاً أو مشروع ماء أو مجار أو محطة كهرباء... أو أو ومع هذا تعد هذه المشاريع من منجزات القائد الملهم والزعيم الوطني الأوحد. إن العالم المتحضر لا ينسب المنجزات للقائد الزعيم وما علمنا ذلك، بل إن المشاريع عندهم تنفذ وفق أعلى المقاييس والمواصفات لذلك فإنها تعمر وتستمر في الخدمة أكثر من عمرها الافتراضي, بينما في بلادنا بعض المشاريع يخرب قبل افتتاحه فهل هذه هي الوطنية? وفي العالم المتحضر لا تزيد فترة الرئيس عن دورتين انتخابيتين ولذلك فلا مكان للديكتاتورية عندهم, أما في بلادنا حيث تدعى الوطنية فالقائد الملهم لا بد أن يصفر له العداد بل ويقلع لأنه لا يوجد في البلد شخص يستطيع أن يدير البلد وكل مسئولي الدولة ونواب البرلمان الموالين للقائد يسعون لذلك لأنه هو الذي يعينهم ويغض الطرف عن فسادهم بل ويرقي من كان لصاً فاسداً منهم وكلما ازدادت سرقة وفساد المسئول كلما ازداد رقياً وقرباً من شخص القائد الوطني الملهم بل وارتبط عمر بقائه في الوظيفة بعمر بقاء القائد وفي البلدان المتحضرة قانون تدوير الوظائف يشمل العسكريين والمدنيين وإذا صدر القرار قال المسئول سمعاً وطاعة، أما في بلادنا فنقل المسئول من وظيفته خط أحمر لأنه من بني الأحمر أو يحميه بنو الأحمر، فإذا صدر قرار بنقل مسئول ما جمع بلاطجته من أجل أعمال النهب والتخريب والفوضى، كما فعل حافظ معياد والذي عرف بفساده في بنك التسليف ثم في المؤسسة الاقتصادية حين صدر قرار بنقله وهذا على سبيل المثال وغيره كثير آخرهم وليس بالأخير قائد الدفاع الجوي محمد صالح الأحمر الأخ غير الشقيق لعلي صالح، حيث أتى ببلاطجته وحاصر مطار صنعاء أكثر من 24 ساعة وأغلقوه تماماً فلا صعود ولا هبوط للطائرات بل وتعطلت كل مطارات اليمن لأنها مرتبطة ببرج المراقبة في صنعاء هذه هي الوطنية التي يدندنون بها.. لقد كان علي صالح بالأمس يقول إن الفرقة الأولى مدرع بقيادة علي محسن هي الذراع العسكري للإخوان المسلمين فماذا حدث للدفاع الجوي يا ترى، لقد ثار منتسبوها عن بكرة أبيهم وخرجوا إلى شارع الستين واعتصموا فترة طويلة منادين برحيل محمد صالح الأحمر نظراً لفساده وذكروا من الفساد ما تشيب له رؤوس الولدان، فهل يا ترى أفراد الدفاع الجوي هم الذراع الآخر للإخوان المسلمين أم أنهم وطنيون غيورون على وطنهم؟. ما الفرق بين قائد الدفاع الجوي وبين قائد المحور الشرقي محمد علي محسن الأحمر الذي تقبل قرار النقل بكل أريحية ومَنْ الوطني الصادق منهما هل الذي دمر أرحب ونهم أم الذي انضم إلى الثورة ومن منهما يستحق أن يبقى في منصبه بل ويرقى أليس هو محمد علي محسن الأحمر، ومع هذا تقبل القرار واستجاب له هذا هو الوطني حقا وصدقاً إن جعل في المقدمة كان لها وأن جعلوه في المؤخرة قال سمعاً وطاعة وخدمة الوطن تكون من خلال أي موقع وإن صغر، لقد غدر بالوطن والوطنية وقلبت الأمور رأساً على عقب فمن يتمالأ مع أعداء الأمة ويسهل لهم نهب الخيرات والثروات ويسمح لهم بانتهاك الأجواء والسيادة ويسمح لهم بقتل أبناء الوطن مدانين وأبرياء يعد وطنياً ومن ينادي بوجوب احترام سيادة البلد وسيادة الدستور وينادي بمحاكمة المتورطين بأي أعمال وفق القضاء الشرعي داخل الوطن وتقام عليهم العقوبة التي يستحقونها يعد عميلاً وخائناً، من يدعم الجماعات المسلحة المتمردة على الدستور والقوانين النافذة ويحرك من يخرب ويدمر ويقتل النفس المحرمة ويزعزع الأمن والاستقرار ويخرجهم من السجون من أجل تنفيذ هذه الأعمال التخريبية يعد وطنياً ومن يناضل بالطرق السلمية بالكلمة والتظاهر والاعتصام يعد قاطع طريق ومخرباً وعميلاً وليس وطنياً، من يعمل جاسوساً للأعداء جهاراً نهاراً يعد وطنياً لأنه بزعمهم يعمل ذلك من أجل الوطن ويرد بعض الجميل الذي قدمه له الأعداء وهم يعدونه من أبنائهم
كما قال بعض الدبلوماسيين في بلد ما إن هؤلاء أبناؤنا ولا يمكن أن نتخلى عنهم كيف يعد هؤلاء وطنيون ومن ينأى بنفسه عن ذلك ويرفض العمالة يعد خائناً للوطن، لكنني وبالرغم من الألم الذي يعصر قلبي وكبدي أرى في الأفق بوادر تولية الأكفاء، أرى بوادر بروز وظهور الوطنيين حقاً وأن زمن الإدعاء يتلاشى ويدبر لكن مع هذا لابد من تفعيل قانون تدوير الوظائف العسكرية والمدنية ولا بد من تفعيل دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ويجب أن يربط بمجلس النواب الذي هو السلطة الرقابية والمحاسبية للمسؤولين وهذه هي الهيكلية الصحيحة، إن حزم القرارات التي أصدرها وسيصدرها رئيس الجمهورية المنتخب عبد ربه منصور هادي ستغير بإذن الله من صورة اليمن وعلى اليمنيين أن يكونوا على استعداد وأن يتعاملوا بواقعية مع تبعات وإفرازات ومعاناة هذه القرارات وأن يصبروا على تلك التبعات، فإن الصبر على تلك التبعات أولى من استمرار أولئك الفاسدين في مناصبهم والعمليات الجراحية الكبرى تحتاج إلى وقت أكبر من النقاهة حتى يتعافى جسم الأمة منها ومن ضمن ما أتوقع من التداعيات اشتداد الهجمات التي ستقوم بها قاعدة النظام السابق وأنصار شريعتهم لكن بفضل الله تعالى أولاً ثم بجهود القيادات الوطنية ثانياً ستدحر هذه الجماعات وستنتصر اليمن وسيظهر من هو الوطني الحق وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.