15 غارة للعدوان على الجوف ومأرب    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    شركات الطيران العالمية تلغي رحلاتها إلى كيان العدو بعد تحذيرات اليمن    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    تدمير المؤسسة العسكرية الجنوبية مفتاح عودة صنعاء لحكم الجنوب    فشل المنظومات الاعتراضية الأمريكية والإسرائيلية وهروب ثلاثة ملايين صهيوني إلى الملاجئ    خلال لقائه قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة وقادة المناطق العسكرية..الرئيس المشاط: أفشلنا بفضل الله وتوفيقه المرحلة الأولى من العدوان الأمريكي على اليمن    ورطة إسرائيل.. "أرو" و"ثاد" فشلا في اعتراض صاروخ الحوثيين    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    تطور القدرات العسكرية والتصنيع الحربي    في ذكرى الصرخة في وجه المستكبرين: "الشعار سلاح وموقف"    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    العشاري: احراق محتويات مكتب المعهد العالي للتوجيه والارشاد بصنعاء توجه إلغائي عنصري    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    دوي انفجارات في صنعاء بالتزامن مع تحليق للطيران    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    صنعاء .. طوابير سيارات واسطوانات أما محطات الوقود وشركتا النفط والغاز توضحان    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    وزير الدفاع الإسرائيلي: من يضربنا سنضربه سبعة أضعاف    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأزق الثورة المصرية!
نشر في المصدر يوم 17 - 06 - 2012

ما يحدث في مصر الآن من قلق عارم حول مستقبل الثورة ومآلاتها يمكن تفسيره من خلال ثلاثة أخطاء وقعت فيها الثورة.

هذه الأخطاء تعد أخطاء قاتلة وتتمثل في أن الثوار صدقوا ثلاث خرافات هي : خرافة سقوط النظام , والثانية : خرافة حياد الجيش المصري , والثالثة : خرافة نزاهة القضاء المصري , ومن يتابع ما آلت إليه أوضاع الثورة المصرية وخصوصا أحداثها الأخيرة المتلاحقة بدءا من النطق بالحكم على بعض رموز النظام السابق وإجراء الانتخابات الرئاسية ونتائج جولتها الأولى , وأخيرا حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون العزل السياسي وإبطال مجلس الشعب , كل ذلك يجعل المتابع لا يشك لحظة في أن هناك التفافا خطيرا وبارعا وماكرا في نفس الوقت على الثورة استطاع أن يتقنع تماما بقناع دستوري وقانوني وديمقراطي , وسأناقش فيما يلي هذه الخرافات الثلاث التي آمنت بها قوى الثورة المصرية بكل أسف والتي جرتها إلى ما لا يحمد عقباه وهي :

• خرافة سقوط النظام :
لقد كان من الواضح لأي متابع عادي لديه فكرة عن طبيعة النظام المصري القائم أن يعرف أن تنحي الرئيس مبارك كان بموافقة الجيش المصري الذي دخل إلى اللعبة السياسية باكرا وكانت التضحية بالرئيس هي الخيار الأنسب والمفضل لامتصاص الثورة وفرملتها ووقف احتجاجات الثوار في كل المدن المصرية , والواقع أن النظام المصري لم يكن يمثل ديكتاتورية فرد بل هناك قوى متعددة عسكرية وأمنية ورجال أعمال إلى جانب القوى الخارجية التي تنظر إلى حجم وخطورة التغيرات التي ستحدث في مصر كمدخل للتغيرات اللاحقة في البلدان العربية الأخرى .

صحيح أن الجيش المصري لم يتورط في قمع المتظاهرين لكن ذلك لا يعني أبدا أنه ليس لديه طموحات سياسية ولدى قادته الكبار , وليس أدل على ذلك مما كان أعلن عنه عن نية المشير " طنطاوي " رئيس المجلس العسكري الترشح للانتخابات الرئاسية إلا أن الجيش فضل اللعب بأوراقه السياسية ولكن من خلال شخصيات مدنية أو عسكرية سابقة , وقد كشفت الانتخابات الأخيرة عن اصطفاف واضح للمؤسسة العسكرية خلف " أحمد شقيق " الرجل القادم أصلا من المؤسسة العسكرية والذي أعلن عنه كمرشح " مستقل " وهو الذي كان حتى الأمس القريب جدا ركنا من أركان النظام السابق.

ومهما قيل من تبريرات تفسر ارتفاع نسبة تقدمه في الانتخابات كما يعزوها البعض إلى ذهاب كل الكتلة الانتخابية القبطية لصالحه وبعض القوى العلمانية ورجال الأعمال في النظام السابق فإن ذلك لا يكفي لتبرير هذا الصعود المفاجئ وغير المتوقع والمناقض لكل توقعات المحللين والسياسيين واستطلاعات الرأي والتي كانت تعطي " أحمد شفيق " مركزا متأخرا بين باقي المرشحين , هذه النتيجة التي فاجأت الجميع من الصعب تصورها دون وجود حشد قوي من قوى مقتدرة داخل المؤسسة العسكرية ومكونات النظام السابق.

باختصار لقد اخطأ الثوار حينما توهموا فعلا أن النظام قد سقط كليا بسقوط حسني مبارك ولذلك لم يلقوا لهذا الأمر ما يستحق من الحذر والعمل السياسي والثوري الضاغط بقوة ولم يحسنوا قراءة الواقع السياسي وجس نبض ما تبقى من النظام والتنبؤات والاحتمالات السياسية لهذا الواقع وقد عبر هذا عن وجود قصور كبير في الرؤية السياسية الواعية لدى معسكر الثورة استبدلته هذه القوى بزخم انتخابي عاطفي .
• خرافة حياد الجيش المصري :
وهي خرافة آمن بها معسكر الثورة بشكل مطلق كما يبدو على الرغم من التجارب المريرة في العالم العربي التي تقريبا لم تعرف زعيما أو حاكما إلا من خلال المؤسسة العسكرية وبالتالي ظلت بيادات العسكر تعيث في العالم العربي ولا تسمح برئيس مدني على مر عقود طويلة من الزمن , كيف لا وهي صاحبة إيمان راسخ بعقيدة أنه لا يصلح لقيادة العالم العربي إلا العسكر.

لقد كان من الطبيعي والمنطقي منذ الوهلة الأولى لطريقة تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة وتسليمها إلى مجلس عسكري أن تعي القوى الثورية مباشرة أن هناك لاعبا خطيرا وقويا أصبح ممسكا بخيوط الأمن والسياسة والإدارة في البلد هو المجلس العسكري وأن عليه تأكيد حياده ليفسح المجال للسياسيين للتناطح لكن العجيب أن هذا المجلس كان يثبت يوما بعد آخر أنه يسعى إلى إعادة إنتاج النظام السابق صورة معدلة ويبدو أنه قرر بالفعل التلاعب بعواطف القوى الثورية ويتضح أنه يتجه بإصرار نحو فرض القيادة السياسية التي يريدها هو بعيدا عما يريده الثوار من دولة مدنية.

• خرافة نزاهة القضاء المصري:
وهي خرافة روجها الكثير من الكتاب والمحللون والسياسيون سواء بحسن أو سوء نية , ولا شك أن القضاء المصري في الجانب المدني يتمتع بقدر كبير من الحياد والنزاهة لكن الأمر يختلف تماما حينما تتقاطع خطوط القضاء مع خطوط السياسة ومعلوم أن النظام السابق كانت له بصماته وأساليبه في تدجين القضاء والسيطرة عليه وخصوصا في الجوانب السياسية والأمنية , ولنا أن نتساءل أين كانت نزاهة وقوة ودستورية القضاء المصري حينما كان النظام السابق يحيل مدنيين إلى محاكم عسكرية ضاربا بالقانون عرض الحائط.

وحتى بعض القضايا المدنية التي كانت تتعلق برموز كبيرة في النظام السابق وشخصيات ذات وزن ونفوذ كثيرا ما كان القضاء المصري يرضخ لضغوط كبيرة وبالتالي فإن الإفراط في كيل المديح للقضاء المصري أمر مخالف للواقع والمنطق وإلا كيف يفهم المراقب العادي مواقف القضاء المصري عند تبرئة قادة في أجهزة الأمن والشرطة كانوا على علاقة مباشرة بأعمال قتل وسحل ضد المتظاهرين ثم يبرأون بهذا الشكل الفاضح.

لقد كان واضحا أن هناك اتفاقا بين القضاء والمجلس العسكري وبقايا النظام السابق على إخراج معين وبطريقة معينة للمحاكمات التي تمت ويبدو جليا من الأحكام الصادرة الاتفاق على التضحية برئيس سابق ووزير داخلية بلغا من الكبر عتيا لا يعني السجن المؤبد لها شيئا سوى التمتع بما تبقى لهما من أيام معدودة بمتابعة المشهد السياسي المصري في حين ينعم بقايا النظام بما فيهم الأبناء بالبراءة الكاملة وممارسة حياتهم بطريقة طبيعية.

ولهذا فحين يمتدح القضاء المصري علينا أن ندرك أننا لسنا في باريس أو لندن , لكن المشكلة أن معسكر الثورة وقع في هذا الخطأ الفادح بالركون إلى هذه النزاهة المنقوصة التي أفضت في النهاية إلى فتح الطريق أمام مرشح النظام السابق لينافس على كرسي الرئاسة في جولة الإعادة ولتبطل هذه النزاهة قانون العزل السياسي في الوقت الذي تمكن فيه العراقيون من إصدار وتطبيق قانون أشد وأنكى هو قانون " اجتثاث البعث " بينما إخواننا المصريون لا يزالون يحلمون بمنع مرشح ملطخ اليدين بالفساد من منافسة انتخابية.

هذه الخرافات الثلاث التي آمن بها معسكر الثورة المصرية جعلته اليوم في مأزق كبير يجعل البلد كما يقال " على كف عفريت " ويبشر بعودة الأمور إلى مربعها الأول , هذه الخرافات الثلاث هي التي جعلت معسكر الثورة بأحزابه وجماعاته وتكتلاته يعمل كل طرف فيه منفردا وباطمئنان وحتى بنوع من الغرور أحيانا والثقة الزائدة.

ويظل التساؤل الأهم هو : ماذا كان سيحدث لو كانت كل قوى الثورة جميعها بلا استثناء وعت الدرس ونزلت بمرشح واحد وفق تفاهمات واتفاق سياسي لإنجاح مرشح الثورة الوحيد ؟؟ , لربما كانوا تجاوزوا مرحلة الخطر وما وصلوا إليه ولما تمكن مرشح النظام السابق من خوض جولة الإعادة التي لم تكن لتحدث أصلا ولما تمكن من قلب الموازين بهذا الشكل.

ولعل أغرب جزئية في هذا المشهد الثوري أن معسكر الثورة حتى اللحظة وعلى الرغم من كل هذه المخاطر يبقى غير مدرك تماما لطبيعة المرحلة الحرجة التي دخلت فيها الثورة وغير مدرك أن قبول وتكاتف مكونات معسكر الثورة مع بعضها البعض هو الضمان الوحيد لنجاح عملية التغيير.

وبانتظار مفاجأة جولة الإعادة سنرى ما الذي سيحدث , ومن يدري فقد تكتمل حلقة الالتفاف على الثورة بفوز مرشح النظام السابق دستوريا وقانونيا وديمقراطيا وبذلك يكون المجلس العسكري قد نجح تماما في إنجاح ثورة مضادة وعندها سيكون على كل القوى الثورية أن تعض إصبع الندم على غبائها السياسي ولتضيف خرافة رابعة أمام الشعب المصري هي خرافة الثورة لا قدر الله وهذا ما لا نتمناه أن يحدث لمصرنا الغالية وشعبها الطيب المغلوب على أمره .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.