لعل مشكلتنا الراهنة ببساطة أننا لا نعرف حب الوطن وأنه لم يزرع في قلوبنا من قبل هذا الحب وإن انتمائنا قسري لا إرادة لنا في تغييره منذ البدء، فكما أننا لم يكن لنا الاختيار في وجودنا، فليس لنا الاختيار بوجودنا في مكان يسمى اليمن. ربما لم نجد في مناهجنا التعليمية ما يذكي هذا الحب والتعلق او نجد في ما خلفه اسلافنا ما يقوي هذه العاطفة في قلوبنا.
وسياسيونا لا يحبون هذا الوطن أكثر منا انهم مشغولون بخلافاتهم ومراكزهم وما لهم وما ليس عليهم، واحزابنا تحب مصالحها ومكانتها اكثر من حب الوطن. ومصلحة اليمن ليست هي ما يوقف آمالهم واطماعهم.
نرى ذلك في كل نهايات ثورات الربيع العربي إن كانت لها نهايات (وإن كنا قد انصفناها بذه التسمية فهي أشبه بشتاء قاسي البرودة والجفاف إلا من بعض الحماسة التي سيطفئها تردي الاوضاع في كل مكان).
ففي دول دانت للاستعمار علمهم سلب الوطن وخيراته منهم كيف يموتون حباً وعشقاً من اجله. اما في اليمن فأننا نشعر انه مازال ذلك اليمن الذي لم نجد فيه عيشاً مريحاً او آمناً كي نحب العيش فيه فمنذ زمن الأئمة وما فيه من معاناة لشظف العيش وحتى قيام الثورة الأخيرة والغالبية يتمنى هجر اليمن والاغتراب بعيداً عن هذا الإنتماء وقلة هم اولئك الذين ذاقوا حلاوة حب الاوطان وسعوا من اجلها وبذلوا من اجل رقيها وليس تدميرها.
ففي مصر نرى عصابة الفلول تتلاعب بمصير استقرار مصر، لا يعلمون ماذا يرفضون هل الدستور ام نتيجة الدستور هل هو مرسي ام من اختار مرسي إنما وبكل وضوح هذه العصابة لا تحب مصر او خيرا لأهل مصر.
وفي اليمن تدفق السلاح المريب إليها وهي الغارقة أصلا في مستنقع السلاح لا يدل على ان أمر الثورة قد حسم او أن الأيام القادمة افضل أننا بهذا المعدل العجيب لتهريب السلاح سيأتي نهاية العام القادم وكأن لكل مواطن يمني مخزن أسلحة متكامل وربما مع مربض للدبابات والطائرات وسيزول التغني بأننا المحظوظين بثورة سلمية لم يسفك فيها الكثير من الدم على خلاف الثورة السورية التي اغرقتها الكراهية في بحر من الدماء والدمار تلك الكراهية العجيبة ولا شيء سواها يخنق الحياة في البشر والشجر والحجر.
فهل يعرف حب اليمن من يغرقنا بأدوات الدمار؟
وسياسيونا الذين انساهم الإعداد لمؤتمر الحوار الوطني قضايا الوطن الصغيرة في نظرهم فهل يأملون أن يقوم مؤتمر الحوار الوطني على انقاض الوطن او ما تبقى منه. أم يتداركوا الوضع ويكفوا الأيدي الملطخة بالدم والتي تسعى لهدم اليمن تحت غطاء الشراكة السياسية ويحافظوا على منجز الثورة الجزئي إكراما لشهداء ضحوا بدمائهم من اجل نهضة الوطن ويكملوا مشروع التطهير الكامل للفساد والمفسدين بدلاً من الجلوس معهم على طاولة حوار وجودهم فيه انجاز لهم على ثورة الشباب واستمراراً لوضع رفض من قبل.
من المؤسف اننا نحن اليمنيون دائما نعود لنقطة البداية... ثم لا نبرحها.