رغم مرور قرابة العامين على انطلاق ثورات الربيع العربي والتي كان لبلادنا اليمن نصيبا منها إلا أن التغير لاسيما في الجوانب الاقتصادية والمعيشية يسير ببطء شديد جدا، الأمر الذي جعل الكثير يصاب بالإحباط، غير مدركين للمعركة التي تدور رحاها بين الثوار الذين يسعون إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية قائمة على العدل المساواة والتعايش والقبول بالآخر ويسود فيها النظام والقانون وبين أصحاب النفوذ والمصالح الذين يعملون بجد من أجل إيقاف عجلة التغيير ويضعون العوائق أمام بناء الدولة التي حتما سوف تقضي على مصالحهم وتنهى نفوذهم. وهذه المعركة نحن اليوم نعيش أحداثها غير مدركين أنها هي الثورة الحقيقة فهي اشد وأقوى من إسقاط النظام.. لان تيار المتمصلحين ومراكز النفوذ الذين يعملون من اجل انحراف مسارها وإعادة إنتاج النظام السابق ولو بشكل جديد حتى يبقى نفوذهم ولا تتأثر مصالحهم، مستغلين غفلة الثوار وتفرق كلمتهم.
كل يوم نفاجأ بشيء جديد كلما اعتقدنا أن الأمور انجلت والهم زاح ظهرت مستجدات جديدة تعيدنا إلى نقطة البداية، كان آخرها على سبيل المثال مشروع العدالة الانتقالية الذي تم تقديمه إلى مجلس النواب مشوهاً، والهدف من وجهة نظري الشخصية هي إدخال الثوار في معركة جانبية تبعدهم عن المعركة الحقيقة التي هي استكمال نقل السلطة و القضاء نهائيا على سلطان العائلة التي قد كانت على وشك الاكتمال بعد القرارات التي أصدرها رئيس الجمهورية والتي وحدت الجيش وأنهت مليشيات العائلة، تلك القرارات أنهت مصالح كثيرة ويكفى مثال على ذلك ما نشر مؤخراً عن وجود أكثر من مائة ألف اسم وهمي فيما كان يسمى الحرس الجمهوري.
المتمصلحون في الغالب يعملون في الخفاء ولا يحبون المواجهة هم مع ما يحقق مصالحهم يمدحون ويطبلون للنظام إذا حقق مصالحهم ويعارضونه إذا هدد مصالحهم يختلفون مع بعضهم عندما تتقاطع مصالحهم يتفقون عندما يشعرون أن هناك خطرا يهدد مصالحهم.
النظام البائد ارتبط مع شبكة من المتمصلحين من أجل الحفاظ على الكرسي وهذا ما أعطاه قدر من الصمود أمام صرخات الثوار لكنه في النهاية لم يجد مفر من الاستسلام والتنازل ليأتي نظام آخر قائم على التوافق، لكن شبكة المصالح لا تزال في مواقعها تقود حملة مضادة ضد الثورة و تسعى بكل قوة على عدم تحقيق أهدافها وهذا ما يجب على الثوار أن يدركوه جيداً، فالدولة المدنية التي يتطلعون إليها لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تم القضاء على أصحاب النفوذ والمصالح.