لسنوات عديدة، القطاع السابق حوّل المؤسسات التعليمية والتربوية إلى معسكرات تُدار بعقلية العسكري الجاهل. فقد تم تعيين رؤساء للجامعات والنواب، وأمناء الجامعات بقرارات لا تخضع للمعايير، ولا تخضع للوائح وأنظمة المجلس الأعلى للجامعات ووزارة التعليم العالي. وكان يصدر قرارات نتيجة للانتماء الحزبي، ولأنهم من مناطق معيّنة، ولذلك الكثير من قيادات تلك الجامعات فشلوا في تأسيس البنية التحتية، فشلوا حتى في ترميم بعض الكُليات، حتى في بناء قاعات إضافية، ومارسوا الفساد "عيني عينك"، ونهبوا مخصصات الجامعات، ونهبوا مئات الملايين من رسوم الأنشطة، ونتيجة لذلك حُرم مئات الآلاف من الطلاب من مُمارسة النشاطات العلمية والثقافية والاجتماعية، وحتى الرياضة فكان التجهيل وتدمير العقول سياسة مرسومة ومخطط لها. كنا نتوقّع بعد ثورة الشباب بأن الإصلاح سوف يبدأ من داخل الجامعات، لكن –للأسف- تفاقم الفساد بعد الثورة أضعافا مضاعفة، ويرجع ذلك إلى أن أصابع النظام السابق ما زالت موجودة، وتمارس الفساد أكثر من السابق. الهدف من ذلك تذكّر النظام السابق في جامعة صنعاء.
عندما اعتصم الطلاب والموظفون وأعضاء هيئة التدريس وخرجوا بمسيرات من أجل تعيين رئيس لجامعة صنعاء تجاوبت الحكومة وتم تعيين قيادات لهذه الجامعة.
لكن ما يحدث في تعز غير ذلك، ثمانية شهور ورئيس الجامعة لا يمارس عمله، وهناك اعتصامات ومسيرات من الموظفين والطلاب وأعضاء هيئة التدريس. كذلك ما يحدث في جامعة عمران من اعتصامات الطلاب والموظفين، حيث نصبت خيام أمام رئاسة الجامعة، وتم منع قيادات الجامعة من الدخول، وللأسبوع الثالث والخيام ما تزال على حالها، رغم ما يعانون من ظروف سيئة نتيجة الطقس البارد، كل ذلك ورئيس الوزراء يتجاهلهم. كذلك أعضاء هيئة التدريس للمرة الثالثة يعودون من وزارة التعليم وغير قادرين على لقاء وزير التعليم العالي ورئيس الوزراء، وأيضا ما يحدث في جامعة إب من اعتصامات ومسيرات مطالبين بمحاسبة الفاسدين.
لماذا حكومة الوفاق تتجاهل الشباب الجامعي، ولولا نضالهم وتضحياتهم بدمائهم وأنفسهم لما وصل رئيس الوزراء والوزراء إلى هذه المناصب.
فتقديراً لتضحيات الشباب الجامعي، الذين ضحوا بأنفسهم ودماؤهم ما زالت على الجدران والأبواب، والبعض منهم مازالت الإعاقة الجسدية تعيقهم من مواصلة الدراسة، على رئيس الوزراء والحكومة أن يتذكروا بأن هؤلاء الشباب فجروا الثورة من داخل الجامعات.
بعض رؤساء الجامعات مضى على صدور قرارات تعيينهم عشر سنوات، ومنهم من تجاوزت فترته ست سنوات، ومنهم خمس سنوات، وهي الفترة المحددة في قانون الجامعات.
المشكلة الخطيرة في عهد النظام السابق هي أن الناس كانوا غير قادرين على مقابلة الحاكم أو الوزير، ويعود السبب إلى وجود مشاعر التعالي والكبر، وكان الحاكم ورموز نظامه ينظرون إلى الناس بنظرة دونية واحتقار، ولا يشعرون بمشاكل الناس ومعاناتهم، فكان بينهم وبين الشعب اليمني مسافة أو بُعد نفسي واجتماعي ومكاني.
اليوم نلاحظ أن حكومة الوفاق تمارس نفس ما كان يمارسه النظام السابق، بتجاهل الناس وعدم الإحساس بمعاناتهم ومشاكلهم، والمواطن اليمني يجد صعوبة في مقابلة الوزير، فكيف يستطيع أن يقابل رئيس الوزراء أو يقابل الحاكم.
افتحوا مكاتبكم، افتحوا تلفوناتكم، افتحوا قلوبكم، افتحوا أبواب بيوتكم مثل ما كانت مفتوحة بداية ثورة الشباب، وعندما كنتم تشاركون الشباب في ساحات التغيير والحُرية. هل تعجز الحكومة في حل مؤقت للمشاكل، يتم صدور قرارات بانتخاب قيادات للجامعات.