الإعلام الرياضي مشكلة لا تزال تلقي بظلالها على وزارة الشباب والرياضة، وتمثل الملف الصعب الذي يستعصي إلى الآن على فك رموزه وحلحلة عقده، فما بين الفينة والأخرى تطل قضية الإعلام برأسها باحثين لها عن حل يعيد الكيان الغائب إلى سابق عهده كغيره من الاتحادات ليقوم بدوره في تنظيم ورعاية الصحافة الرياضية. ومن قطرات غيث المؤتمر الوطني للرياضة، وعلى هامش انعقاده، تجلت فرصة سانحة تشكّلت على إثرها لجنة مؤقتة أسند لها ترتيب أوراق الاتحاد المبعثرة ومحاولة لملمتها، ومن ثم التهيئة والإعداد لانتخابات تفضي إلى تشكيل قيادة جديدة يؤمل عليها إعادة الاتحاد إلى واجهة العمل والتحدّيات والإسهام في خلق بيئة إعلامية رياضية أكثر نقاءً وأفضل استواءً تُساعد في تحمل الإعلام الرياضي لدوره على أكمل وجه بعيد عن المناكفات والتجاذبات غير السويّة..
خُطوة تشكيل اللجنة المؤقتة انقسم الإعلاميون في موقفهم منها، ولكلٍ وجهة نظره، وهذا أمر لا يبعث على الاستغراب، بينما المواجهة الحادة والمتشنجة لا أرى داعياً لها، على الجميع أن ينظر إلى هذا الحدث على أنه اجتهاد نابع من حرص وبادرة تصب في البحث عن مخرج للمشكلة العالقة.. ونُقرّ بأن للطرف المعارض مبرراته التي تنبع أيضا من حرص مماثل، خُلاصته حل المشكلة بالطرق الرسمية والقنوات الشرعية، ومن الموقفين يتضح أن قضية الإعلام الرياضي ترفض التطبيب، وربّما تُضاف في قادم الأيام آلام وجراح تستنزف ما بقي إن كان قد بقي شيء.
باعتقادي، مشكلة الإعلام أكبر من مجرد غياب للكيان الراعي والمدبر والمنظم للأمور، الإعلام مر ويمر بحالة خبث، تلوث على إثرها بجراثيم وعلائق يصعب الخلاص منها بسهولة. فالسياسة القذرة وال "أنا" البغيضة، وعصبية الفكر والاتجاه والميول، كلها مجتمعة فعلت سحرها بهذا الكيان وفرّقته شذر مذر، وأوقعته في مستنقع وبيئة تعصف بها زوابع الصراع على السيطرة..
إن العلة الحقيقية والضالة التي يبحث عنها الإعلام الرياضي هي غياب العفة والنقاء العقلي والوجداني في منتسبيه، هذه قيم ضلت طريقها إلى النفوس، ففسدت النوايا وساد الجشع والطمع وحلت قيم أنتجت التشتت والتمزّق.. لقد تم هجر القيم النبيلة عمداً وتم اللهث وراء الماديات بدون مُراعاة لأي ضرر، فوقعنا في الأوحال النتنة. وللأسف الشديد، هناك من يتغابى عن الحقيقة، ويلتمس النجاة من المنفذ الضيق.
على وزير الشباب والرياضة أن يرفع رأسه من الرمل في هذه المشكلة، ويستوعب حقيقة ما حل بالإعلام الرياضي كي يتخذ الموقف الصحيح ولا يهم التبعات طالما والقرار يستند لمسوغات قانونية، وحتماً ستهب عاصفة شديدة نظراً للتباين السائد، ولكنها في الأخير ستضع الإعلام الرياضي في الموضع السليم، عندها سيبقى من لا يعجبه العجب خارج الدائرة، ولا ضير في ذلك.
على الوزير ألاً يفكر في الرافضين والمؤيدين، فالأهم من كل هؤلاء الوطن، لقد مرت عليك أيها الوزير فترات عصيبة خرجت منها صلباً، فامض هنا أيضا، فالوجع في خدمة الأوطان مستعذب.
رأيت المواقف من مؤتمر الرياضة وقبلها الانتخابات، ولن تنتهي بمشكلة الإعلام الرياضي، ولكن المرء يقرر ويستريح عندما يكون على الحق والصواب.
وأختم كلامي ببيت شعري لأبي تمام: بصرت بالراحة العظمى فلم أرها ** تنال إلا على جسر من التعب