عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية    الكشف عن الخسائر في مطار صنعاء الدولي    الإرياني: استسلام المليشيا فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها والمضي نحو الحسم الشامل    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    57 عام من الشطحات الثورية.    إنتر ميلان يحبط "ريمونتادا" برشلونة    الحوثيين فرضوا أنفسهم كلاعب رئيسي يفاوض قوى كبرى    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    الإمارات تكتب سطر الحقيقة الأخير    صرف النصف الاول من معاش شهر فبراير 2021    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    إنتر ميلان إلى نهائى دورى ابطال اوروبا على حساب برشلونة    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    تحطم مقاتلة F-18 جديدة في البحر الأحمر    لماذا ارتكب نتنياهو خطيئة العُمر بإرسالِ طائراته لقصف اليمن؟ وكيف سيكون الرّد اليمنيّ الوشيك؟    الخارجية الأمريكية: قواتنا ستواصل عملياتها في اليمن حتى يتوقفوا عن مهاجمة السفن    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    محمد عبدالسلام يكشف حقيقة الاتفاق مع أمريكا    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    اليمنية تعلق رحلاتها من وإلى مطار صنعاء والمئات يعلقون في الاردن    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    سحب سوداء تغطي سماء صنعاء وغارات تستهدف محطات الكهرباء    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    حكومة مودرن    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد بازرعة: تمديد الحوار من الناحية الاقتصادية كارثي وعلينا الخروج بدستور جديد في وقت محدود
نشر في المصدر يوم 23 - 06 - 2013

أكد رئيس لجنة التنمية المستدامة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل أحمد بازرعة أن أي اتجاه لتمديد الحوار الوطني سيتسبب في كارثة اقتصادية وستكون له تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني.

وقال بازرعة وهو أيضاً رئيس مجلس إدارة بنك اليمن البحرين الشامل أن مؤتمر الحوار الوطني معني بدرجة أساسية في الخروج بدستور جديد للبلاد خلال وقت معين.

وأشار بازرعة إلى أن فريق التنمية المستدامة اتخذ قرارات إزاء معظم القضايا المطروحة في جدول أعماله، مشيراً إلى أن معظم تلك القرارات التي اتخذها الفريق تشكل مبادئ سيتم تضمينها في الدستور القادم للبلاد.

وتحدث بازرعة عن الأوضاع الاقتصادية المتردية لعدد من مؤسسات وهيئات الدولة، مشيراً إلى أن هنالك خللاً اقتصادياً كبيراً في عدد من المؤسسات المملوكة للدولة.

وأشار بازرعة إلى ضرورة أن يتم تحويل المؤسسة الاقتصادية العسكرية إلى شركة مساهمة عامة عبر فتح باب الاكتتاب العام فيها للمواطنين، لافتاً إلى أن دور المؤسسة اختل عندما أخذت تتدخل في القطاع المدني وتنافس الشركات.

وتطرق بازرعة في حوار مطول لموقع "المصدر أونلاين" إلى سوق الأوراق المالية والعراقيل التي تحول دون تحوله إلى أمر واقع، مشيراً إلى أن عدم تنفيذه بطريقة سليمة سيتسبب في نكبة اقتصادية.

وقال إن البنك المركزي اليمني لا يقوم بالدور المناط به في مراقبة أداء البنوك، منتقداً تحوله إلى خزينة عامة وعدم قيامه بالمهام المناطة به في السياسة النقدية ومراقبة أداء البنوك.

بازرعة تطرق أيضاً إلى أوضاع البنوك الحكومية كبنك التسليف التعاوني والزراعي وبعض الشركات المملوكة للدولة كمصافي عدن وشركات الاتصالات ودعم القطاع الخاص وقضايا أخرى وذلك في سياق الحوار التالي:
حاوره: حسين اللسواس

- ما الذي تم انجازه حتى الآن في لجنة التنمية المستدامة في الحوار الوطني؟
ربّما قبل أن أبدأ في ما أنجز حتى الآن سأعطيك فكرة سريعةً عن طبيعة القضايا التي نقف أمامها في فريق التنمية الشاملة، نحن أمامنا عشر قضايا ابتداءً بالقضايا الاقتصادية والتعليم والتنمية البشرية والصحة؛ وأيضاً في التنمية الثقافية والتنمية السياسية والتنمية الاجتماعية لدينا أيضاً موضوع الدعم الخارجي، كذلك الحال بترشيد استخدام الموارد، ولدينا أيضاً النقطة العاشرة والأخيرة وهي دور الدولة والقطاع الخاص والمدني والأفراد في التنمية، نوع من تحديد الأدوار، فهذه عشر قضايا، ما عملناه في البداية في فريق التنمية قُمنا بعملية حصر للكوادر الموجودة لدينا، والحمد لله فريقنا يتميز أن فيه عدداً كبيراً من الكوادر الأكاديمية والخبرات سواءً الذين يعملون في الدولة أو في السلطة التشريعية أو مازالوا موجودين في مجلس الشورى. وهنالك أيضاً من القطاع الخاص، وبعدها توزعنا في أربع مجموعات عمل، كل مجموعة عملياً مسكت ثلاث قضايا باستثناء دور الدولة والقطاع الخاص الذي أسند إلى مجموعة لوحده.

- ماذا عن بقية المجموعات في الفريق؟
بقية المجموعات الثلاثة؛ على سبيل المثال: المجموعة الأولى أسندت إليها التنمية الثقافية والتنمية السياسية والتنمية الاجتماعية؛ لأن هنالك ترابطاً كبيراً بينهم، ومجموعة أسندت إليها الصحة والتعليم والتنمية البشرية والمجموعة الثالثة التنمية الاقتصادية والدعم الخارجي، وترشيد استخدام الموارد؛ باعتبار أن هنالك علاقة كبيرة بينهم، وكل قضايا التنمية هي في حقيقة الأمر مترابطة. أيضاً من أوائل الخطوات التي بدأنا فيها بدأنا بوضع منهجية علمية لسير عمل الفريق؛ لأننا حريصون على السير بالمنهجية نفسها، لكي نصل إلى نتائج وتقارير متشابهة بحيث لا تكون هنالك تقارير متباعدة أو متضاربة ليس من حيث المضمون ولكن من حيث الترتيب وهيكلة التقارير، لذلك قمنا بوضع منهجية علمية اقترحت أيضاً من أعضاء الفريق وتم اعتمادها وبدأنا العمل فيها.

ما هي أبرز ملامح هذه المنهجية العلمية؟
فكرة المنهجية قائمة على أساس البدء بتكوين قاعدة معرفية أساسية عن كل قضية من القضايا، على سبيل المثال: لو تأخذ الصحة، يجب على مجموعة العمل المعنية بالصحة أن تقوم بتكوين قاعدة معرفية، صحيح أن هنالك عدداً من الأطباء الذين لهم علاقة أو خبرة سابقة، لكن أيضاً لم يحيطوا بكل شيء، فكان من المهم في تكوين القاعدة المعرفية مثلاً أن يلتقوا بكل الأطراف المعنية ابتداءً بوزارة الصحة التي لديها خبرة متراكمة في الموضوع، ونقابة الأطباء ونقابة الصيادلة، بالإضافة إلى أصحاب المستشفيات الخاصة، وكل من له علاقة بقضية الصحة، بعد ذلك يقومون بالنزول إلى عدد من المستشفيات الحكومية أو الوحدات الصحية أو القطاع الخاص أو غيره؛ سواءً في أمانة العاصمة أو خارجها، بالإضافة إلى صندوق الدواء وقضايا أخرى كثيرة، وقد تم استدعاء عدد من الخبراء في هذا الجانب، فكل هذا في اتجاه تكوين معرفة. وفي موضوع المنهجية اعتمادنا منهجية مبسطة جداً يسمونها التحليل الرباعي، تبدأ بتحديد نقاط الضعف والقوّة ويسمونها البيئة الداخلية. وهنالك أمر آخر يسمى التهديدات والفرص، فعملياً بناء القاعدة المعرفية هو في هذا السياق، يشوفون نقاط ضعف القطاع الصحي مثلاً ونقاط القوة وبعدها ينتقلون إلى مرحلة ثانية، وهي أين يريدون أن يكونوا؟ وهذا أيضاً سيكون جزءاً من القاعدة المعرفية. فالآن عرفت وضعك وماذا تريد، وبما أن هنالك فجوة بينهما فكيف تستطيع أن تردم هذه الفجوة من خلال مجموعة من السياسات والإجراءات المطلوبة، عندها تخرج قراراتك وفق منهجية علمية. وهذه المنهجية هي التي اعتمدناها في كل الفرق، وفي كل القضايا.

خطط النزول الميداني
بالنسبة للنزول الميداني، هل أنجزت مجموعات العمل خططها في هذا الاتجاه؟
في البداية، استهلت المجموعات عملها، وتم الشروع في النزول الميداني بهدف تكوين قاعدة معرفية - كما قلت لك-، يعني مثلاً: مجموعة التنمية الثقافية والسياسية والاجتماعية نزلوا إلى الميدان والتقوا أعداداً كبيرة جداً من المنظمات، كذلك هو حال الأحزاب السياسية، التقوا أيضاً بها، واطلعوا على برامجها وتوجهاتها. أيضاً تم النزول إلى دار الكتاب والثقافة والمتاحف وبعض المحافظات. وهنالك حادثة طريفة: عندما تم النزول إلى سقطرى كان معنا من التنمية الثقافية زيارة إلى بعض التجمعات السكانية الذين يتحدثون لهجة محلية، حيث قررنا أن نأتي بمترجمين لكي يترجموا اللغة المهرية (يضحك). أيضاً كيف نحافظ على هذا التراث الثقافي والموروث الموجود. كل هذه القضايا مترابطة ببعضها، لكن هذا كان جزءاً من نشاط النزول الاجتماعي. تم الالتقاء أيضاً بالشخصيات الثقافية المعروفة؛ مثل: الدكتور عبدالعزيز المقالح وبعض أساتذة الجامعات الذين استضفناهم أو الذين زرناهم في أماكنهم. وفي حقيقة الأمر الفريق بذل جُهداً خلال الفترة التي مضت، وفي نهاية المطاف وصلنا إلى مجموعة قرارات. أنا شخصياً أشعر بالسعادة بما وصلنا إليه في قضايا التنمية الثقافية والسياسية والاجتماعية. فنحن أنجزنا جزءاً كبيراً من العمل، حتى وإن لم يكتمل، المهم أننا خرجنا بمجموعة القرارات التي تم إعلانها.

هل يمكننا اعتبارها قرارات نهائية أو مشاريع قرارات؟
هي قرارات في شكلها النهائي.

كيف تم حسم التركيبة القيادية لفريق التنمية المستدامة؟
تم اختياري بالتوافق بين الأعضاء كرئيس للفريق، وتم اختيار نائبين اثنين هما الدكتورة نجاة جمعان، وهي أستاذة أكاديمية وسيدة أعمال معروفة، والأستاذ مراد الحالمي، وهو أيضاً موظف حكومي لكنه من الحراك الجنوبي، بالإضافة إلى شخصية متنورة من الشباب المقرر أحد تكوينات الشباب اسمه محمد بن طالب, ومثلما ذكرت لك، تم توزيع الفريق على أربع مجموعات، كل المكوّنات السياسية موجودة ستة عشر أو سبعة عشر مكوناً موجودون ابتداءً بالمجلس الوطني للثورة إلى الأحزاب السياسية المعروفة كلها، إلى الشباب، إلى المرأة المستقلة، كذلك الحال بالمجتمع المدني.

مستوى التباينات في الفريق
سمعنا عن وجود تباينات واختلافات في وجهات النظر داخل الفريق، ماذا عنها؟
بدون شك، ولكن قبل أن أدخل إلى مسألة التباين دعني أقول لك إن الجو العام في فريق العمل فيه كثير جداً من الانسجام، وهذا ما مكننا أن ننجز أشياء كثيرة، ومع هذا أقول لك وأكون صادقاً معك: هنالك مجموعة من القرارات تم الاعتراض عليها، لكن نحن لم نقل إن هذه هي نهاية الطريق، قلنا تُعاد لم نرفع أي قرار إلى لجنة التوفيق حتى الآن، هنالك مجموعة من القرارات تم الاختلاف حولها، لكن قررنا أن نعطي الفريق مدّة أطول لكي يتم التوافق حولها من جديد. صحيح أن الوقت ربما ساعدنا، فلهذا مازال أمامنا عدد من القضايا -إن شاء الله- سنعود لها بعد الجلسة العامة، وأنا على ثقة بأننا سنتوافق عليها. هنالك بعض التحفظات حول بعض القضايا من جانب إخواننا في الحراك الجنوبي، بدرجة رئيسية كانوا معترضين على عدد من القرارات بحجة أن القضايا الأساسية والخطوط والموجِّهات العامة في فريق القضية الجنوبية، وكذا بناء الدولة وفريق صعدة لم تتضح حتى الآن، ونحن نتفهم هذا الشيء تماماً، ولهذا هنالك كثير من القرارات التي نتحدث عنها قمنا بتأخيرها كذلك الحال بجزء من الموجهات العامة أو السياسات أجلناها إلى هذه النقطة بالضبط، لأننا لا نعرف التوجه العام لشكل الدولة القادمة، ولهذا قلنا لا نستعجل فيها، ولكن معظم ما طرحناه يتفق مع أي شكل من أشكال الدولة، لكن القضايا الأخرى التي فعلاً شكل الدولة هو الذي يحدد طبيعة القرارات فيها آثرنا تأجيلها.

كان هنالك مطالب بتأجيل كثير من أعمال اللجان الأخرى لحين انتهاء فريق القضية الجنوبية، من حسم شكل الدولة القادمة؟
ولهذا نحن وضعنا نصاً، وهذا حقيقة، كان بطلب من إخواننا في القضية الجنوبية والحراك؛ مضمونه إن أعضاء الفريق اتفقوا على ضرورة توافق القرارات التي يتم التوصل إليها مع مخرجات القضية الجنوبية وفريق بناء الدولة. وهذا في الحقيقة أعطانا وأعطاهم الكثير من الارتياح. فحتى لو خرجت القرارات من القضية الجنوبية وبناء الدولة بأي تعارض فهذا معناه أنه لازالت لدينا فرصة للرجوع بهدف تكييف وضع قراراتنا بما يتوافق معها إذا اضطررنا لذلك، لكن في تقديرنا أن معظم القرارات لن تتعارض؛ بغضّ النظر عن شكل الدولة. يعني من لديه إشكالية في تعليم "كويس" لأولاده أو صحة "زي" الناس أو غيره؟ فمعظم قرارات التنمية هي في هذا الاتجاه ونحن نحمد الله سبحانه وتعالى أن فريق التنمية هو أقل فريق لديه نقاط اختلاف؛ لأننا نتكلم بدرجة أساسية عن المستقبل بعكس بعض الفرق التي تتكلم عن الماضي ومشاكل الحاضر، ولهذا هذه النقطة مهمة، نحن نتكلم عن المستقبل، فالاختلاف حول شكل المستقبل قليل.

مبادئ للدستور القادم
في جانب التنمية السياسية، ما هي أبرز القرارات التي اتخذتموها؟
في التنمية السياسية اتخذنا قراراتٍ؛ مثل: إن الشعب ممثل بكامله من خلال مؤسسات تتسم بالشفافية والافصاح والمساءلة أمام الناس. أيضاً مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني، ولكل مواطن حق الترشح وإبداء الرأي عبر الاستفتاء وينظم القانون هذه الحقوق. اتخذنا كذلك قراراً بتمكين المرأة سياسياً بنسبة لا تقل عن 30%؛ هذا القرار تم اتخاذه بالاجماع. فيما يتعلق باللجنة العليا للانتخابات قررنا أن تكون مستقلة، أيضاً جزئية المساواة بين المواطن والمواطنة في الحقوق والحريات، كذلك تكفل الدولة للمرأة كافة الحقوق السياسية والمدنية.

هل يمكن أن تعتبر هذه القرارات مبادئ مرجعية للجنة صياغة الدستور القادم؟
بالضبط، هذه قضايا سيتم تضمينها في الدستور، ستُطرح كما هي في الدستور القادم، ربما فقط يمكن أن يُعاد صياغتها من جانب فني. قررنا أيضاً أن الكرامة حق لكل انسان ويجب احترامه، بالإضافة إلى تجريم استعباد أي شخص وعدم جواز بأي حال من الأحوال إهانة أو ازدراء أو انتقاص أي شخص بسبب رأيه. كذلك قررنا أن لحياة المواطن حُرمة ولا يجوز مراقبة أو مصادرة أو الاطلاع على المراسلات البريدية والبرقية والالكترونية والهاتفية إلا بأمر قضائي مسبب..

لكن ألا تتفق معي أستاذ أن بعض هذه النصوص غير قابل للتطبيق، وبالأخص في ما يتعلق بمراقبة المكالمات بأمر قضائي؟
فليكن، ولكن هذا هدفنا على مدى المستقبل، نحن لا نصنع هذا الدستور لليوم، ولكننا نصنعه للأجيال القادمة، هذا هو دورنا في حقيقة الأمر، وهذا ما نحن مستأمنون عليه.

تدخل مراكز القوى في الاستثمار
فيما يتعلق بمحور التنمية الاقتصادية، مازالت مراكز القوى تحاول التدخل في مجال الاستثمار بشكل يتسبب في هروب المستثمرين والحيلولة دون وجود استثمارات كبيرة في البلاد، كيف يمكن معالجة مثل هذه المظاهر؟
نحن في قضية التنمية الاقتصادية تكلمنا على الأسس، لدينا ثلاثة أشياء في التنمية الاقتصادية، وإلى حدٍ ما ينطبق على باقي القضايا، لكننا نتكلم ونركّز على الموجِّهات التي ستصب في الدستور أولاً. وهنالك مجموعة من السياسات والإجراءات المطلوبة، وربما تكون مشاريع قوانين أو تعديلات على قوانين قائمة، هذه النقطة الثانية. النقطة الثالثة: مجموعة من الإجراءات المُستعجلة الطارئة التي تحتاج أن تتعامل معها الحكومة الحالية أو يتعامل معها رئيس الجمهورية، هذه أيضاً موجودة في ثلاث مصفوفات، لكن في الحقيقة كان توجيه رئاسة المؤتمر بألاّ ندخل في القضايا التفصيلية الآن، ولا ندخل في القضايا التي تتعلق بالسياسات، نركّز أولاً في القضايا التي تتعلق بالدستور؛ لأنه الأهم. نحن أمامنا وقت معين، ويجب أن نخرج بدستور، فإذا ركّزنا على القضايا الجانبية قد يفوتنا الوقت ونصل إلى مرحلة لم يتم فيها إنجاز الدستور، وهذا سيكون أمراً بالغ الخطورة، فتركيزنا في المرحلة الراهنة على القضايا التي ستصب في الدستور بشكل مباشر، وذلك رغم أننا اتخذنا عدداً كبيراً من السياسات والإجراءات، ولكننا لم نطرحها في هذه الجلسة.

سيتم طرحها خلال الجلسة العامة الختامية؟
هي جاهزة، بعد الجلسة النصفية سنتوافق عليها وسنطرحها -إن شاء الله- على الجلسة النهائية. فدعني أقول لك في قضايا التنمية الاقتصادية وتحديداً الموجهات التي ستصب في الدستور، تكلمنا على دور الدولة في تحقيق الأمن الغذائي، تكلمنا على قضية تشجيع الصناعات المختلفة، ومنها المشروعات الصغيرة، لو ركزنا عليها أنها يجب أن تُضمن في التوجهات الدستورية، أيضاً قضايا المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت التي تقرر على ميزانية الدولة مثل الموظفين وغيره، كذلك قضية حرمة الأموال العامة والخاصة ومكافحة الفساد ذكرناها، ولو أنها ليست محوراً رئيسياً موجوداً عندنا في الفرق الأخرى. قضية الأوقاف، وكيف يتم حمايتها، وكيف تكون هيئة مستقلة تُشرف على الاوقاف، تكلمنا ايضاً على قضايا التنمية الزراعية والثروة السمكية كذلك الحال بالضرائب وقضية توزيع الثروة انه يراعى في فرض الضرائب والتكاليف العامة مصلحة المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين في توزيع الدخل ومنع تركز الثروة وتداولها في ايادي محدودة هذا كمبدأ عام وانه لا يجوز للسلطة التنفيذية عقد قروض او كفالتها او الارتباط بمشاريع يترتب عليها انفاق من خزينة الدولة في سنة او سنوات معينة إلا بموافقة السلطة التشريعية بمعنى تقييد السلطة التنفيذية وهذا الجانب هو كان موجود حقيقة في الدستور السابق، قضية العملة والسياسة المالية والسياسة النقدية وسن المقاييس والمكاييل والموازين هذه مسؤولية الدولة، ايضاً اكدنا ان مصادرة الاموال محظورة ولا تجوز إلا بحكم قضائي.

ولكن ألا ترى معي استاذ ان معظم هذه الافكار تعطي الدولة حضور قوي في الاقتصاد بينما يفترض اننا نتجه نحو الاقتصاد الحر؟
هذا لا يعني تقييد الاقتصاد الحر، بالعكس الدولة ملزمة بتوفير البيئة العامة التي تعطي فرصة للقطاع الخاص أن ينمو وينتشر، هذا شيء أساسي؛ لأن القطاع الخاص في الأخير لا يُمكن أن يكون فاعلاً أساسياً، وفي الوقت نفسه مشرّع، في أحد يشرع ويراقب وفي حد يشتغل، فالإطار العام والتنظيم مسؤولية الدولة.

هل تعتقد بأن مؤتمر الحوار خلال ما تبقى من الفترة سيتستطيع أن يُنجز ما تبقى من أعماله والمهام المُناطة به وبالأخص ما يتعلق بصياغة الدستور؟

أنا في الحقيقة آمل كثيراً أننا ننجز، أنا متفائل جداً بحجم الانجاز الذي تم في هذه المرحلة وهذا يتبين من مجموعة القرارات التي اتخذت يعني من تسع فرق عمل ثلاث فرق عمل فقط هي التي لم تتخذ قرارات، ونحن نتفاهم لماذا لم تتوصل إلى قرارات، القضية الجنوبية وصعدة وبناء الدولة؛ لأنهم مترابطين إلى حد كبير بالوضع السياسي، وهو مُعقد بدون شك، لكن بقية أو الست الفرق الأخرى عندها قرارات بغضّ النظر عن كثرتها أو قلّتها، لكن مبدأ أنهم استطاعوا أن يتوافقوا ويصلوا إلى قرارات أنا اعتقد بأنه أمر في غاية الأهمية. أنا لا أتكلم عن قضية التنمية على اعتبار أنها ليست محل خلاف كبير، لكن أتكلم على استقلالية الهيئات، وهذا أمر فيه كثير من الحساسية حتى للوضع القائم، كذلك الحال في قضية الجيش والأمن، فالانجاز الذي حصل إلى اليوم أنا اعتبره مؤشراً إيجابياً، على أن المؤتمر سيستطيع أن يُنجز أعماله خلال هذه الفترة. أنا معك مازال كثير من القضايا المهمة التي في القضية الجنوبية لم تحسم بعد إلى حد الآن، لكن آمل أن يتم حسمها خلال الأيام أو الأسابيع القادمة، وأنا أراهن على الله سبحانه وتعالى. كثير من الناس الموجودين في هذا المؤتمر يعلم الله نواياهم ويطلع عليها، لكن أشعر بصدق كثير من الموجودين، وإذا صدقوا سيصدق الله معهم، وسيستطيعون - إن شاء الله- أن يتوافقوا.

تمديد الحوار الوطني
على افتراض أن بعض القضايا لم تحسم كالقضية الجنوبية، هل هنالك داعٍ لتمديد الحوار الوطني؟
في الحقيقة لا أتمنى هذا، أبداً، ومدرك تماماً أن التمديد...

(مقاطعاً)، تقصد تمديد الحوار؟
التمديد بصورة عامة وليس الحوار لوحده. القضية هي مترابطة كلها بعضها بعضاً؛ يعني لا تستطيع أن تمدد الحوار إلا إذا مددت لكل شيء. أولاً نحن الآن نشتغل وفق آلية المبادرة الخليجية، وإذا تم تمديد لها -لا سمح الله- أقول (وحط خطين تحتها لا سمح الله) أنا شخصياً لا أستطيع أن أتوقع ما سيترتب على هذا التمديد. أنت تتكلم عن التمديد للحكومة، وهي حكومة تواجه الكثير من الصعوبات، وفي وضع لا تُحسد عليه. التمديد لرئيس الجمهورية، تمديد لأطول مجلس نواب في الدنيا الذي هو أصلاً غير قادر أن يتحرك، والتمديد لمجلس الشورى ولا أعرف ماذا سيترتب على هذا كله. الأسوأ من هذا كله أن هنالك عدداً من القضايا المتعلقة بالشأن الاقتصادي الآن في طور الجمود. الوضع الاقتصادي جامد، وبالعكس يتردى وضعه، وأعرف كثيراً من المجموعات الصناعية والتجارية الموجودة وكثيراً من القرارات الكل يترقب متى نستطيع أن نقفز على هذا الحاجز في المرحلة الانتقالية، ونبدأ نخلق الشرعية المحلية بعد الدستور الجديد، حتى الناس تتحرك. هنالك العديد من القرارات الاستثمارية متوقفة على هذا القرار. أما إذا أعطينا رسالة سلبية أخرى فإن الموضوع لازال مطولاً، فهذا - أنا أقول- من الناحية الاقتصادية كارثي على وضع اليمن، من الناحية الاقتصادية له آثار سلبية جداً على وضع البلاد. ولا أتمنى أبداً أن ندخل في هذا الأمر، وأنا شخصياً متفائل بما أنجز إلى حد الآن، ولكن في الحقيقة تحتاج إلى همة، تحتاج إلى مُتابعة، تحتاج إلى حركة أكثر، ونتمنّى من الأخوة في الملفات المهمة والصعبة التي ذكرتها أولاً (القضية الجنوبية وبناء الدولة وقضية صعدة) أن يستشعروا خطورة وأهمية أن يتوافقوا بسرعة على هذه القضايا.

يبدو أن هنالك تخوفاً لدى بعض القيادات في بعض الفرق الأخرى، مثل القضية الجنوبية، من الوصول إلى مرحلة القرارات الحاسمة؟
شوف، قضية صعدة والقضية الجنوبية بالطبع قطعوا فيهما مرحلة، حيث كانت أهم مرحلة هي قضية الجذور، والجذور في غاية الأهمية، أنا مدرك أنها مش كافية، هي واحدة من أربع مراحل. عندهم مرحلة أولى قضية الجذور، وبعدها المحتوى، لكن الجذور هي الأهم؛ لأنك لن تستطيع أن توصف علاجاً إذا لم تُشخصّ الداء بصورة صحيحة، فيبنى على هذه الجذور أو التشخيص الآتي كله سيُبنى عليه. لكنهم أنجزوا، في حقيقة الأمر، هذه المرحلة، وبعضهم قد دخلوا في المحتوى، لكن لم ينتهوا منه، هم دخلوا في المحتوى ووزعت رؤى المكوّنات السياسية كلها حول المحتوى في القضيتين، وحتى في بناء الدولة وصلوا إلى مرحلة أبعد من هذا، لكن يبدو لي لأسباب موضوعية أجلّوا اتخاذ أي قرارات.

لأسباب مرتبطة بمخرجات القضية الجنوبية؟
نعم، لأسباب مرتبطة بهذا.

ما بعد الجلسة العامة النصفية
بالنسبة لمرحلة ما قبل الجلسة الختامية في فريق التنمية، ما هي أبرز المحاور أو القضايا التي ستناقشونها؟
نحن في المرحلة القادمة لدينا عدّة مهام؛ أولها: استيعاب القرارات التي لم يتم التوافق عليها. ثانيها: لدينا مجموعة من القرارات الدستورية التي لم تُنجز بعد بسبب أن الجلسة النصفية قُرب موعدها، فاضطررنا لإيقاف أعمالنا لكي نستكمل التقرير الحالي، لذلك سنستكمل ما كُنا نقوم به ونستوعب الملاحظات أو القرارات التي لم نتوافق عليها. ثالثاً: مجموعة السياسات ومشاريع القوانين أو الخطط التي نريدها غير الموجِّهات الدستورية هذه أيضاً سنستكملها. كل مجموعات العمل، بعضها جاهز، والبعض الآخر تم تأُجيله، فهذه أيضاً سيكون لها دور غير بسيط؛ لأن هذه من المهام الأساسية، وبعدها قائمة بالإجراءات المستعجلة التي نرى بالضرورة أن تقوم بها الحكومة أو رئيس الجمهورية. لذا، طُلب مننا أن نقدّمها، وكانت في الحقيقة نتيجة طبيعية للنزول الميداني، عندما نزلنا إلى المحافظات. نحن أكثر فريق قام بزيارات ميدانية، نزلنا إلى عشر محافظات، وطُرحت علينا كثير من القضايا؛ وكثير منها آنية. ونحن في الحقيقة نتمنّى أن تنظر الحكومة فيها ومعالجتها؛ لأن القضايا الدستورية الناس لن يلمسوا أثرها، الآن هي بعيدة. الآن الناس عندهم مشكلة كهرباء واختلال أمني وبنية تحتية وغيرها.

تجاوب الحكومة مع التوصيات
لكن ماذا عن مستوى تجاوب الحكومة مع هذه التوصيات أو الإجراءات العاجلة؟
والله نحن دورنا أن نقوم برفع الهموم والمشاكل التي يواجهونها، وحقيقة بذلنا بعض الجهود بصورة شخصية في تسريع بعض القضايا، لكن لا أستطيع القول إنه إنجاز كبير أو إنجاز محدود، كانت جهود فردية من قبل بعض الناس الذين نزلوا إلى بعض المحافظات وواجهتهم مشكلة، مثلاً في التعليم العالي أو في المالية أو في الصحة، ولما عادوا تواصلنا مع بعض المسؤولين. حقيقة كانت أموراً إجرائية ومشت، ولكن هذه الأمور لا نريد أن نذكرها كإنجاز؛ لأنها كانت جُهود فردية من جانب بعض الأعضاء في الفريق.

في جزئية الإصلاحات الاقتصادية، الدولة تمتلك مؤسساتٍ اقتصاديةً كبيرةً وتعاني هذه المؤسسات من فساد كبير جداً بموازاة سيطرتها على جانب كبير من الاقتصاد المحلي، مثلاً: المؤسسة الاقتصادية اليمنية؟
في الحقيقة، طُرحت هذه القضايا، حتى المؤسسة الاقتصادية دُعيت كمؤسسة إلى فريق العمل، وأثناء المقابلة طرحت كثير من القضايا سواءً فيما يتعلق بتوجهاتهم ونشاطهم وارتباطهم وعلاقتهم بالجهة الإشرافية عليهم أو وزارة الدفاع، كذلك الحال ببعض المؤسسات الأخرى المرتبطة بالاتصالات أو غيرها، كل هذه القضايا ناقشناها وقمنا بالمرور عليها. المبدأ العام في هذه القضايا ألاّ تتدخل كناشط في الاقتصاد بصورة مباشرة أو بصورة تنفيذية. الأصل أن الدولة تقوم بتجهيز وإعداد الملعب، وتقوم بوضع القواعد، ومن ثم تراقب وتترك اللاعبين يلعبون، لكن لما تدخلت الدولة بنفسها في النشاط الاقتصادي كمضارب أو كمستثمر تسببت بخلل، والدور نفسه يختل، بمعنى لا عاد تقدر تلعب أو تراقب فهذا الخلل صار لفترة من الفترات. وأعتقد بأن الكل مدرك أنه يجب أن تعود الأمور بصورة صحيحة.

لنبقى في المؤسسة الاقتصادية، أنت تعلم أن المؤسسة تمتلك مصانع في تايلاند والصين ولديها استثمارات كبيرة جداً، لكن عائداتها إلى الخزينة العامة لا تكاد تُذكر مقارنة بحجم أصولها وأرباحها واستثماراتها وأنشطتها الاقتصادية داخلياً وخارجياً، كيف يمكن معالجة وضع هذه المؤسسة؟
في الحقيقة أنا عاصرت نشأة المؤسسة الاقتصادية، ولما نشأت في البداية كانت تخدم القوات المسلحة أساساً، ولا توجد إشكالية في كثير من الدول. هذا الشيء موجود؛ يعني القوات المسلحة أو وزارة الدفاع لها كثير من المشتريات المباشرة من ملابس الجنود من بعض احتياجاتهم، بالإضافة إلى بعض مواد التغذية وأشياء أخرى، ويمكن أن تكون ذراعاً تنفيذياً لهذه الاحتياجات. لا توجد إشكالية فيها من ناحية نظرية، لكن هذا الدور يختل عندما تتجاوز المؤسسة احتياج الجيش والقوات المسلّحة، وتتدخل في القطاع المدني، وتنافس الشركات الاقتصادية الموجودة، وتنافس القطاع الخاص والمؤسسات الخاصة، هنا صار الخلل. طبعاً هذا خلل حدث، وهو في واقع الأمر ليس الوحيد، هنالك الكثير من الاختلالات موجودة، والمؤسسة الاقتصادية واحدة منهم، فنحن نتكلم الآن كيف نعيد بناء الدولة بصورة صحيحة.

خصخصة المؤسسة الاقتصادية
هل تؤيد أن بقاء المؤسسة الاقتصادية أو غيرها من المؤسسات المتضخمة الأخرى في ملكية الدولة، وبالتالي استمرار تدخلها في الاقتصاد الوطني بشكل كبير، أم ترى ضرورة إخضاعها للخصصة على أن تكتفي الدولة بوضع المراقب؟
أنا اقول كمبدأ عام، نحن نريد أن نعمل نقطة فاصلة ننطلق فيها إلى المستقبل، يعني نترك الماضي بمزاياه وعيوبه، ونفكّر كيف نتكلم على مستقبل جديد. المستقبل الجديد هذا سيرتكز بدرجة أساسية على شكل الدولة، وهذا الذي نعمل من أجله. نحن في الحوار نريد أن نبني دولة مؤسسات صحيحة، نرسمها رسماً من جديد، نصممها من جديد، ونقول يجب أن تسير الأمور بهذا الشكل في جوانب التنفيذ والرقابة والشفافية والقضاء والحقوق، هذا شكل الدولة، وإذا لم نقم بهذا الشيء سنظل محلك سر، ولن تقوم لنا قائمة إذا لم نبني دولة صحيحة.

لكنك لم تجبني على السؤال، أستاذ أحمد؟
قضية المؤسسة الاقتصادية أو بعض مؤسسات الدولة هي واحدة، لكن لدينا اختلالات في أماكن تراها وأماكن لا تراها. أشياء ليست عادية. في كل قطاع تذهب إليه ستجد مشاكل، المؤسسة الاقتصادية العسكرية خرجت عن الطور الأساسي لها بمعنى أن قرار إنشائها كان محدوداً، وقس عليه غيره. عندك في بنوك، وعندك في شركات ومؤسسات أخرى، وعندك اتصالات، الدولة دخلت تنافس في مجال الاتصالات، في قضايا كثيرة، في هذا الاتجاه. فالاختلالات كثيرة، كيف تعالج مثل هذه القضايا. أنا لست مختصا أن أبدي رأياً محدداً فيها، لكن أنا في رأيي يجب أن تعود الأمور إلى نصابها، هذه مؤسسات دولة وليس بالضرورة أن يتم خصخصتها، يُمكن أن ترجع وتكون شركات عامة..

(مقاطعة)، تقصد أن يتم فتح باب الاكتتاب العام للمواطنين فيها؟
نعم، اكتتاب عام في جزء كبير منها. وربما تحتفظ الدولة بشيء بسيط. ربما غالبيتها تنزل للاكتتاب وتعطي فرصة للناس أن يدخلوا في هذا الاكتتاب. صاحب الخمسين الألف والمائة الألف ريال يستطيع أن يستثمر، وتأتي بعض العوائد مع الوقت. هنالك فرص ومعالجات كثيرة يمكن اللجوء إليها.

كثير من مراكز النفوذ كانت تستخدم هذه المؤسسات لغرض تنمية ثرواتها الذاتية والشخصية؛ مثلاً: المؤسسة الاقتصادية كانت تُستغل من قبل متنفذين كبار في الجيش والأسرة الحاكمة –سابقاً- لإنماء ثرواتهم وتمرير صفقات فساد، وهذا انعكس بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني؟
فليكن أن هذا كان موجوداً في مرحلة من المراحل، الآن ما هي المعالجات اللازمة. في تقديري يجب أن تعالج هذه القضايا كلها في المرحلة القادمة. واعتقد بأنها ستعالج إذا استطعت أن توجد الآلية الصحيحة من خلالها. يعني إذا وضعت أسساً عامة، أين يبدأ نشاط الدولة؟ وأين ينتهي؟ فقد قمت بحل هذه المشاكل كلها، والمعالجات الفردية لهذه المؤسسات يمكن أن تأتي تدريجياً وتقدم مقترحات من المؤسسات التنفيذية، الوزارات التي تتبعها، وكيف تعاد هيكلتها من جديد.

هل يمكن أن تقدموا مقترحات في هذا الاتجاه؟
هذا ممكن، لكن هذه ليست قضايا دستورية، هذه قضايا يمكن أن تمر في السياسات والإجراءات، واعتقد بأن الفريق تعرض لهذا الجانب بقوة مثل قضايا الاتصالات وقضية المؤسسة الاقتصادية العسكرية..

بنك التسليف خرج عن مهمته الأساسية
(مقاطعاً)، أيضاً هنالك بنوك تمتلكها الدولة؛ مثل البنك الزراعي، وتكاد تكون في أوضاعها تماثل الاقتصادية العسكرية؟
صحيح، هذه القضية طُرحت بالفعل. واستدعينا رئيس مجلس إدارة بنك التسليف الذي يعتقد كثير من الناس بأنه خرج عن الإطار العام والهدف العام الذي أنشئ من أجله.

هو أنشئ لدعم التنمية الزراعية في اليمن؟
- نعم، وأقول لك إن هذا السؤال طُرح على الأخ رئيس مجلس إدارة البنك، فأكد أن لديهم خططاً جديدة قادمة، وقال إن لديهم الآن توجهات قوية للدخول في هذا المجال، وأنهم سيرجعون من جديد إلى المزارعين والإقراض الأصغر.

كاك بنك لم يخرج عن مهمته الأساسية فقط بل تحول خلال فترة وجيزة إلى بنك استثماري كبير لدرجة أنه أضحى يمتلك فروعاً في دول كالسعودية وجيبوتي؟
نعم، بدون شك، فأقول لك هذه القضايا والمعالجات أتوقّع أنها ستأتي إذا استطاعت الدولة أن تقف بصورة صحيحة، سيكون من السهولة بمكان أن تتعامل مع هذه القضايا وغيرها.

فتح الاكتتاب في كاك بنك
في تقديرك هل تعتقد بأن من الأفضل أن تبقى البنوك الحكومية، مثل البنك الزراعي (كاك بنك) والبنك اليمني للإنشاء والتعمير والبنك الأهلي في ملكية الدولة أم تخضع لطائلة الخصخصة؟
في تقديري الشخصي، أعتقد بأنه سيكون من الأصلح للمجتمع وللدولة أن تتحول هذه البنوك إلى مساهمات عامة, ربما تحتفظ الدولة بنسبة بسيطة فليكن، وهذا موجود في كثير من الدول، لكن الغالبية يجب أن تُمتلك من قبل المجتمع وتُدار بآلية صحيحة. يعني، أعتقد بأن هذا سيكون أنسب ووسيلة من الوسائل التي نستطيع أن نستوعب صغار المستثمرين، يشغلوا فلوسهم، هذا طبعاً إلى حد كبير مرتبط بإنشاء سوق الأوراق المالية وهيئة الأوراق المالية التي نحن من فترة طويلة ننتظرها، وتأخّر هذا القرار كثيراً.

تقصد سوق البورصة؟
البورصة هي السوق، لكن الهيئة التي تُشرف على البورصة هي الأهم من البورصة. فهذا الأمر تأخر لوقت طويل في الحقيقة. ونأمل الآن أن يتم الإسراع فيه. وهنالك عدد من المؤسسات سواءً العامة مثل الاتصالات أو بعض البنوك أو المؤسسة التي ذكرتها الاقتصادية أو حتى المؤسسات الخاصة موجودة وجاهزة، ويمكن بسهولة أن تُساهم أو تدخل في سوق الأوراق المالية، وتقوم بتحول جُزء من ملكياتها إلى مساهمات عامة. وهذا الذي سيعطي دفعة قوية جداً للمواطنين أولاً بأن يستوعبوا استثماراتهم الصغيرة وستعطي أيضاً سيولة ممتازة لكبار المستثمرين في الاستفادة منها في تمويل مشاريع.

سوق الأوراق المالية
لماذا تأخر قرار إنشاء هيئة لسوق الأوراق المالية؟ هل هنالك مخاوف لدى الدولة من الإقدام على هذه الخطوة؟ أم أنها -حسب رأي البعض- خطوة اقتصادية متقدّمة لا تتناسب مع اقتصادنا المحلي؟
أبداً ليس للأمر علاقة، بالعكس هنالك دول اقتصادها أصغر من اقتصاد اليمن وضعف الدولة فيها كان في واقع الأمر أضعف من وضع اليمن خلال الفترات الماضية، ومع هذا استطاعت أن تخطو في سوق الأوراق المالية. أنا شخصياً لا أدرك بالضبط ما هو السبب، رغم أنه تم إنشاء أول لجنة لهذا الموضوع في عام 2002. وكنت جُزءاً من لجنة في 2004، لكن كانوا يصلون إلى مرحلة معيّنة ويتوقفون، حتى البنك الدولي وصندوق النقد كانوا يحثون ويطرحون هذا الأمر في كل لقاء، وفي كل تقرير يطرحون هذه القضية. لكن لأسباب كثيرة أجهل معظمها حقيقةً، الأسباب الحقيقية لا أعرفها، لكن كان هنالك تأجيل متتالٍ، وعلى أي حال أنا لو أتكلم عن اليوم ربما كان في خير للبلاد أن سوق الأوراق المالية لم يأت على أوضاع لم تكن مضبوطة. فسوق الأوراق المالية إذا لم يبدأ بداية صحيحة وقام بصورة قوية وتمكن من خلق ثقة عند المواطنين فستكون هنالك نكبة عادةً، ولن يستطيع أن يقوم. بمعنى من الأفضل التأخّر وعمل السوق بصورة صحيحة وكسب ثقة المواطن العادي؛ لأن الاستعجال وإقامة سوق الأوراق المالية بطريقة غير صحيحة ستتسبب في خسارة ثقة المواطنين، وإذا خسر السوق الثقة فلن تقوم له قائمة، وهذا الأمر حصل في بعض الدول.

فيما يتعلق بأوضاع المؤسسات التي ذكرناها سابقاً، هل ستُطرح ضمن جدول أعمالكم لمرحلة ما بعد الجلسة النصفية، وبالتالي رفع توصيات وإجراءات عاجلة بشأنها؟
هي موجودة بالفعل ضمن السياسات والإجراءات، وهنالك مجموعة توصيات في هذا الجانب.

يعني، مذكورة بالاسم؟
نعم، منها مثلاً مصافي عدن، وهنالك قضايا كثيرة في الحقيقة، لدينا كثير من مؤسسات الدولة وضعها صعب، فهذا الأمر مطروح ضمن مجموعة السياسات والإجراءات التي سنقترحها -إن شاء الله- في نهاية الجلسة العامة.

احتكار "يمن نت" خدمة الانترنت
هنالك مجالات لم تتح للقطاع الخاص فرصة للاستثمار فيها، مثلاً لازالت الدولة محتكرة لبعض الأشياء كخدمة الانترنت التي لازالت محتكرة من جانب شركة "يمن نت" التابعة لوزارة الاتصالات؟
نحن طرحنا أن تقديم خدمة الانترنت يجب أن يفتح، لكن تحرير قطاع الاتصالات بصورة عامة وبالذات الدولية فيه بعض المحاذير، والأسباب كثيرة تتعلق بالسوق، لكن هنالك توصيات في هذا الجانب -إن شاء الله- ستخرج في وقتها، وستكون محل نقاش.

الحديث عن احتكار "يمن نت" للانترنت مهم؛ لأن هنالك رأياً عاماً لدى جمهور الانترنت ينادي بكسر هذا الاحتكار، حيث إن الشركة تقوم بحجب المواقع الإلكترونية حسب أمزجة وأهواء القائمين عليها أو جهات أمنية نافذة في البلاد؟
هذا ما في إشكالية فيه، وأعتقد بأن الحكومة الآن -حسب علمي- أو وزارة الاتصالات بالتحديد في طور فتح التنافس لمقدمي خدمة الانترنت، وهنالك فارق في قضية تحرير قطاع الاتصالات. تحرير قطاع الاتصالات أمر آخر، لكن نحن نتكلم بدرجة أساسية، من ضمن التوصيات التي طرحناها بقوّة وجود هيئة تنظيم الاتصالات، هذه الهيئة يجب أن تكون مستقلة، فيها من القطاع الخاص وفيها من الخبراء وفيها تمثيل حكومي لا بأس به. وهذه الهيئة تقوم بوضع التنظيم واللوائح التي تنظم عمل كل من دخل في قطاع الاتصالات. فعلى سبيل المثال: كيف يصح أنك من يضع أسعار أو سعر المكالمات بين الهاتف النقال من شركة إلى أخرى وبين الهاتف النقال والهاتف الأرضي والدولي وغيره، فإذا كان الذي يمتلك الأرضي ويمتلك النقال يعطي سعراً والآخر لا يسمح بالدفع بسعر آخر، فهنا تشعر بأن هنالك غبناً وعدم إنصاف، فالهيئة هي المعنية بهذا التنظيم وتحديد الأسعار. وكثير من الدول خطا فيها قطاع الاتصالات خطواتٍ كبيرة عندما شُكلت هيئة لتنظيم الاتصالات، وهذه ليست هيئة حكومية.

إعادة النظر في دور البنك المركزي
فيما يتعلق بالبنك المركزي اليمني، هنالك من يقول إنه لا يقوم بالكثير من المهام المناطة به، وبالأخص ما يتصل بمراقبة أداء البنوك المحلية؟
نحن نعتقد بأن البنك المركزي له دور أكبر بكثير ممّا يحصل. وحقيقةً في فريق استقلالية الهيئات تم وضع البنك المركزي كإحدى الهيئات التي يجب إعادة النظر في دورها. في تقديرنا أن البنك المركزي دوره يقتصر على قضايا محددة كالسياسة النقدية والرقابة على البنوك وأيضاً تنظيم عمل البنوك مثل الترخيص لها وغيره. أما الذي يحصل اليوم فمعظم عمل البنك المركزي أو الغالبية من عمله يقوم بدور الخزينة، أي بنفس دور الخزينة العامة، وتنفيذ بنود الموازنة العامة الموجودة في الحكومة، وهذا في الحقيقة ليس الدور المطلوب من البنك المركزي، يجب أن تكون إما وزارة خزينة تقوم بهذا الدور، ويفرّغ البنك المركزي لهذه الثلاثة الأدوار الرئيسية التي هي السياسة النقدية والرقابة على البنوك وأيضاً قضية التنظيم والمتابعة، لكن نحن نعتقد بأن هنالك قرارات اتخذت من قبل استقلالية الهيئات، فالبنك المركزي يعد إحدى الهيئات التي يجب أن يعاد تنظيمها أو بالأحرى تنظيم عملها.

إنشاء وزارة للخزانة
إعادة هيكلة البنك هل تتطلب تعديلاً في قانون البنك المركزي رقم 14 لسنة 2000؟
ربما يتطلب الأمر تعديلاً في القانون، طبعاً قانون المصارف هذا شيء آخر، لكن قانون البنك المركزي ودوره الذي يقوم فيه ربما يحتاج إلى إعادة النظر.

من وجهة نظرك، هل ثمة حاجة لإنشاء وزارة للخزانة في اليمن؟
كثير من الدول لديها وزارة للخزانة، اليمن الجنوبي قبل الوحدة كان فيه وزارة للخزينة، وكان فيه أيضاً بنك مركزي موجود، الخزينة هي معنية بدرجة أساسية بتنفيذ ميزانية الدولة العامة وصرفها على البنود التي تُقر أو تخصص لها، والبنك المركزي الأصل أن دوره لا يدخل في هذا الجانب، حيث أن دوره الأساسي -كما سبق- أن أشرت ليس هذا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.