شكراً دولتنا وحكومتنا الرشيدة! كانت الصورة عن اليمن في دول العالم مشوهة بفعل إعلامهم الذي يصورنا كشعب إرهابي وقاتل، فجاء إعلامكم الرسمي بتأكيد إرهابيتنا من خلال نشركم مقاطع أحداث الخميس الأسود في العرضي لتعكسوا له صورة إضافية مشوهة وأكثر بشاعة، فهل يا ترى اكتفى العالم بما قدمتموه عنا أم أن هناك إبداعات إضافية حتى يتم تصوير وحشيتنا بشكل يتجاوز وحشية دراكولا اللعينة! توقع البعض أن يكون عرض مقاطع الفيديو في إعلام الدولة الرسمي (الفضائية اليمنية) مقدمة لزيادة إثارة الرأي العام الشعبي المثار أصلاً والغاضب جراء الحادثة، يتلوها فضح كامل للجهة المتآمرة والداعمة لعناصر المؤامرة الدنيئة، إلا أنه – كما يقال – الطبع غلب التطبع، فقد عودتنا الحكومة والدولة على إخفاء الحقائق والتملص من المكاشفة على الدوام، وكأننا شعب لا يعنيه ما يحدث أو أبله لا يفهم، وليس بالضرورة أن يفهم.
سياسة الدولة في عدم المكاشفة هي من أتى بمثل هذه الأعمال الإجرامية، وهي من جعلت الأطراف المتآمرة تتمادى في أعمالها التخريبية، ولو أن الدولة عملت بشفافية وكشفت من يقف وراء الأحداث على اختلافها، وعراقيل تقدم الحوار، لجنبتنا كثيراً من المآسي والأحزان.
قد تكتفي الجهات الرسمية باعتراف القاعدة الأخير بتبني أحداث العرضي، لتحميلها المسؤولية أمام الرأي العام لتغطية أطراف أخرى كانت عاملاً حاسماً في الإعداد وتقديم المعلومات الدقيقة للمهاجمين.
صار العالم يتناقل عنا صورة سيئة ويصورنا كشعب همجي دموي قاتل قبلي متقطع بدائي متخلف منزوع الرحمة، ويغذي إعلامه هذه النزعة - التي نبرأ إلى الله منها - لكنه لم يمتلك دليلاً واقعياً، يؤكد فرضية تعميم تهمة الإجرام على كامل الشعب اليمني لأن العقلاء يعرفون تماماً قاعدة "السيئة تعم�'" وبأن من يقوم بالأفعال الإجرامية شواذ في المجتمع، لكن دولتنا الرشيدة وحكومتها الموقرة أبت إلا أن تؤكد للعالم – من خلال مقاطع الفيديو- أننا فعلاً شعب ميت الضمير، عديم الإحساس، منزوع الإنسانية، بلا مشاعر، فإذا كان اليمني قبل حادثة العرضي، عرضة للشك والمساءلة والتأخير في موانئ العالم فكيف سيكون حاله بعد اطلاع العالم على الطريقة البشعة التي تعامل بها الإرهابيون أثناء الحادثة مع من كانوا في مجمع العرضي والمستشفى.
اليوم فقط بتنا نخشى أن يكون عرض مقاطع فيديو أحداث العرضي لأجل ابتزاز الجهات الممولة للإرهابيين، وليس لأجل فضحهم، ومن أن تتحول قضية العرضي إلى مادة للاستثمار السياسي واللعب على أوتارها، كما استثمر صالح – سابقاً – حادث النهدين 2011، بعد أن فقدنا الأمل في إمكان اطلاعنا على الحقائق.