تولد عادة في ظل الانظمة الديكتاتورية الشمولية في أي بلد من بلدان العالم. وهي درجات تبدأ بالتملق والمداهنة فالميل ثم الازدواجية في الرأي فالخنوع ثم التبعية وآخرها العمالة نتيجة الخوف.!!
وكثيرا ما تنموا تلك الآفة المستفحلة «تقبيل السياط» في مجتمعاتنا الشرقية أثناء وعقب الاعتقالات السياسية والملاحقات طويلة المدى لبعض الشخصيات المهزوزة ويتخللها موجات مكثفة من الترهيب والترغيب.
وتتواجد بكثرة في اوساط المتطرفين فكريا وبعض المسلحين والافراد والجماعات الذين يتخذون من العنف والفوضى وسيلة للوصول الى أهدافهم.
فتجدهم يتحولون الى الضفة الاخرى بين ليلة وضحاها ويبدأون بمناقضة قناعاتهم التي اقتاتوا عليها سنين طوال.
لا يخلو مجتمع من هذا الصنف الذي يجيد هذه الصنعة الرخيصة وذهب ضحيتها عشرات الالاف من الاحرار في البلدان العربية بسبب أشخاص تلبسوا بالثورية يوما ما وهم ليسوا اهل لها فتحولوا 180 درجة على حساب آخرين كانوا مؤهلين لان يواجهوا الرصاص بصدور عارية ويصبروا على صنوف التعذيب في اقبية اجهزة الامن العربية منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي والى يومنا هذا.
دائماً، الجلاد يجد له اتباع ومريدون إما بدافع الخوف من سياطه او حبا في دراهمه الغزيرة التي يجنيها من عرق الشعب الذي يقع تحت نيران سياطه التي لا ترحم.
وغالبا ما تلازم تلك الحالة صاحبها حتى بعد زوال عرش الجلاد فيستمر في متابعة حركاته وسكناته ليل نهار متمنيا عودته لممارسة نفس الاجرام وبنفس السوط الذي اكتوى هو بنيرانه عقود من الزمن.
قسم آخر من هذه الشريحة البائسة تتحرر بمجرد زوال المستبد وتتنفس الحرية وتناقض قناعاتها المؤلمة لكنها تكون عرضة للنكوص إن هي واجهت الشدائد مرة اخرى وهذا النوع يحتاج مساندة مجتمعية وتوعية دائمة بضرورة الصبر والتضحية للانعتاق من ربقة الاستبداد والتبعية.
الواقع يقول ليس كل من انحنى امام سوط الجلاد بخائن ولا كل من تمرد بشريف إلا ان الفعل الذي ينتج بعد ذلك عن تصرفات الاشخاص في حالة الاستقرار يتم بموجبه معرفة معادن واصناف الناس.