[email protected] مكررة هي الأحداث والقضايا والمشاكل في المشهد السياسي اليمني الذي بات نسخة طبق الأصل لحالة النخب السياسية المصابة بالعجز والضعف والوهن الأمر الذي انعكس بدوره سلبا على حياة كافة اليمنيين. العيش في اليمن أشبه بالحياة وسط دائرة مقفلة لا مخرج ولا أفق لها منذ أن سار اليمنيين وراء سراب التسوية السياسية القائمة على المحاصصة والتقاسم بين أطراف تتشبث بالماضي أكثر من النظر للمستقبل.
أعوام مضت كانت تكرارا للفشل والإحباط والأزمات التي ألقت بظلالها السوداء على أرواح اليمنيين وحياتهم التي باتت خلاها علامات غياب الدولة وسقوطها في فخ الاختطاف أكثر الحاضرين في موائد اليمنيين ونقاشاتهم.
شيعت البلاد المئات من أبنائها في مواكب جنائزية متوالية حتى باتت أخبار وحوادث عمليات القتل والإرهاب والعنف هي ما تجمع كافة اليمنيين حول شاشات التلفزة ومجالس العزاء اليومية في طول البلاد وعرضها. تقاسمت الجماعات الإرهابية المسلحة والقوى التقليدية ومراكز النفوذ والطائرات الأمريكية بدون طيار فواتير الموت المجاني التي تدفع من ارواح اليمنيين بلا حساب وبدون ان تثير تلك الدماء قلق او سخط أحد في واحدة من أسوأ حالات التواطؤ المجتمعي مع القتلة والمجرمين وأدوات العنف.
الفقر والبطالة والجوع وغياب الأمن والخدمات العامة وتفشي حالات الجريمة المنظمة وتغول الفساد والرشاوى لم تنجح في استثارة قلق ومخاوف اي من نخب البلاد المشغولة بإعادة ترتيب أوضاعها وإعادة بناء تحالفاتها وإنتاج نفسها استعدادا للأنقاض من جديد عبر بوابة العنف وامتلاك أدواته.
آلاف النازحين والمهجرين من ديارهم جراء الصراعات المسلحة واستمرار تشظي البلاد وتآكل النسيج الاجتماعي وتضاءل مساحات السلم والتعايش والقبول بالآخر كانت نتيجة طبيعية لاتساع نشاط الصراعات السياسية ومطامع أمراء الحرب وبارونات الفساد، وتنامي سلوك الانتهازية السياسية وسطوة المشاريع الصغيرة على حساب وجود قيم العدالة والمساواة وحقوق الإنسان وقبل ذلك اختطاف الدولة. في ظل صراع الجغرافيا المنتمي لفكرة الجهوية والمناطقية أصبحت الاتجاهات الأربعة عناوين لتصدير العنف والموت وبعدها لن يصبح الشمال شمالا ولن يكون الجنوب جنوبا واحد،وكل ذلك لن يكون الا لصالح القوى التي دمرت البلاد ومزقتها من اجل الحفاظ على فكرة بقاءها مهما كانت الخسائر والتضحيات التي ستدفع فاتورتها من دماء ومستقبل اليمنيين.
كان الرهان من بدايته على نجاح النخب السياسية الفاشلة في انتشال البلاد من أوضاعها البائسة مقامرة غير محسوبة النتائج وتم الترويج لها كنافذة وحيدة للخروج من النفق المظلم بمثابة خيانة جديدة ارتكبتها النخب السياسية في حق البلاد التي يبدو ان مؤتمر إعادة تدوير مخلفات تلك النخب سيفضي لنتائج قاتلة ومدمرة عنوانها الابرز نتائج ومخرجات لحوار بلا بلاد.