هذه القصة حكاها لي أكثر من شخص وتدور حول مشهد غالباً ما يتكرر في زماننا، فقد تعرض أحد المواطنين في خمسينات القرن الماضي لأزمة مالية حادة وتكالبت عليه المصائب من كل حدب وصوب، فأشار عليه البعض بضروره التوجه الى صنعاء لمقابلة الإمام ليطلب منه مد يد العون، فاستحسن الرجل الفكرة واستدان ريالين وتوجه صوب صنعاء والسعادة تغمره، وبعد أيام قابل الإمام وعرض عليه حاجته، وفي النهايه صدرت توجيهات مولانا الإمام بصرف ريالين للرجل، فأخذها وانصرف مغضباً، وأخذ يسأل نفسه كيف سينفق الريالين هل ستكون مصاريف للعوده! ام سيعيد الريالين اللذين استدانهما ام سيقضي جزءاً بسيطاً من الديون التي عليه وكيف سيواجه النفقات الطارئه التي استدعت منه مقابلة الإمام، وفي اثناء حديثه مع نفسه لمحه أحد اليهود وسأله عن حاله وما الذي جعله يتحدث مع نفسه؟ فالتفت اليه صاحبنا ثم مضى في سبيله، لكن اليهودي ألح في سؤاله وقال للرجل: "قل لي مدري او انفعك" فضحك الرجل مستغرباً وقال: "ما نفعنا مولانا الإمام عاد عاينفعنا اليهودي" فأجاب اليهودي "قلي مدري أو انفعك" فشرح له القصة واليهودي يستمع الى ان أكمل حديثه ونظر الى اليهودي الذي كان مشغولاً بالبحث عن كيس نقوده فأخذه الي يده وفتحه وعد عشرة ريالات أعطاها للرجل الذي أخذها بعد إلحاح وهو مذهول من شهامة اليهودي، وكيف جاد عليه بهذا المبلغ الكبير وهو لا يعرفه فاخذ العشرة الريالات ووضعها في يمينه ووضع الريالين في يده اليسرى وشَخَصَ ببصره الى السماء وقال "رب العالمين من اليهودي؟ ذي أعطى الريالين او ذي أعطى العشرة!".
ذكرتني هذه الطرفة بعلي جمعة مفتي مصر السابق الذي بلغ من العمر عتياً وهو يوجّه الجيش المصري في محاضرة مسجلة بقتل المعتصمين المعارضين "اضرب في المليان!"، وبالمقابل موقف المحامي البريطاني مايكل مانسفيلد، الذي توعّد الانقلابيين والقتلة في مصر بالمحاكمة لينالوا جزاء ما ارتكبوا من جرايم بحق الشعب المصري ونحن نقول ما قاله السيد "من اليهودي إذن؟"!