قبل ثلاث سنوات، كنا في مثل هذا اليوم، حيث أشرقت فينا شمس الحُرية وصاحبنا الأمل وتسابقت نفوسنا للتضحية. كنت هناك في الساحة المباركة التي استوطنتها كيانات ظلامية.
كنت أحدثك صديقي الشهيد (جمال) عن الشهيد (عرفات) الذي سبقك إلى ربه بستة أيام، حينما هجموا على "جزيرة الحقيقة" في شارع أبو الأحرار (الزبيري).
كتبت مقالاً رثائياً ل"عرفات" وأنا إلى جوارك يا رفيق الدرب (جمال)، تلوته عليك، وخضت في تفاصيل أكثر بعيداً عن مضمونه.
ها هي ثلاث سنوات تمضي منذ تطاول المجرمون على إنسانيتك وقتلوك وقتلوا أطهر من كان معنا في ساحات الحُرية وميادين التغيير. لم أعد أجرؤ على رؤية نهى ومها ومصعب وصهيب والنظر إلى وجوههم المنتظرة القصاص من القتلة.
ماذا أقول لهم أيها الحبيب الذي انتقاك الله من بيننا ليكرمك بالشهادة وأنت تعمل على توثيق جرائمهم لتفضحهم أمام العالم وتقديمهم للعدالة المحلية أو الدولية؟ ماذا اقول لأبنائك وفلذات كبدك وقد عجزنا حتى عن جرجرة مجرم واحد إلى قفص الاتهام؟ بل لا زال رفيقك الثائر إبراهيم الحمادي وإخوانه مختطفين لدى عدالة منقوصة بتهم صرت مؤمناً أنها شرف لا نستحقه لو كنا أقدمنا عليها وأذقنا رأس الإجرام القليل مما أذاقنا وشعبنا من إجرامه الممتد 35 عاماً، ولم يكف عنه.
رحمة الله عليك يا صديقي جمال ورحمة الله عليك يا صديقي عرفات ورحمة الله على كل شهدائنا الأطهار.