كما كنا سذّجاً عندما توقعنا أن المبادرة الخليجية ستعيد الأمن والأمن لنا، وأن الحصانة الممنوحة للمخلوع ستكف أذاه وشره عن الوطن، وكم كنا مغفلين عندما اعتقدنا أن الخارج سيقف معنا في ثورتنا وتوقعنا أن دول الخليج تريد لنا الخير، وعندما توهمنا أن الأممالمتحدة والمنظمات الدولية مهتمة بحقوق الإنسان اليمني وتريد الاستقرار لليمن. وكان الأولى بنا قبل أن نثق بالآخرين ونسلم لهم حاضرنا ومستقبلنا، أن نتأكد من مواقفهم الكثيرة مع غيرنا لنعرف كيف سيتم التعامل معنا، فدول الخليج لا هم لهم سوى عروشهم والقضاء على الإخوان المسلمين فقط، فلا يهم استقرار الدول العربية وخاصة المجاورة لهم مثل العراق وفلسطين، وكذلك الأممالمتحدة والمنظمات الدولية والإنسانية فهي ليست سوى شرطي في خدمة الغرب واليهود فقط، ولو كانت ستنصف الضحايا لكان أنصفت المظلومين في بورما وكشمير وأفريقيا الوسطى وفلسطين وغيرها.
فما يحكم العالم اليوم ليس قانون الغابة الذي يأكل فيه القوي الضعيف، ففي الغابة لا يأكل القوي الضعيف إلا عند الحاجة والجوع الشديد، أما في عالمنا الحاضر يأكل القوي الضعيف وهو في قمة الشبع وعدم الاحتياج، لذلك لن يهتم أحد إذا سقطت اليمن وتقسمت وتحولت إلى عراق أو صومال، فسيسكت العالم ضميره بالقليل من المساعدات الإنسانية وسيستنكر ويندد فقط.
والغريب أن البعض يعتقد أن العالم لن يترك اليمن خوفاً على النفط الذي يمر ثلثه من أمام سواحل اليمن، وهذا غير صحيح فسواحل اليمن قريبة من الصومال ورغم ذلك لا أحد يهتم بالوضع الذي وصل إليه الصومال . وطالما ونحن ننتظر الحل من الخارج أو ننتظر الفرج من مجلس الأمن - وكأن قرارات مجلس ستحل كل المشاكل العالقة في اليمن - فالوضع سيزداد سوءاً والمشاكل تزداد تفاقماً، وبالرغم من أن مؤتمر الحوار الوطني قدم العديد من الحلول، إلا أن المشكلة تكمن فيمن سينفذ تلك الحلول والمخرجات، طالما وأن القيادة السياسية لا تزال في أحضان النظام السابق وتحاول أن تمسك العصا من المنتصف وتقف على الحياد وعدم الانحياز فستظل كل الحلول ومخرجات الحوار الوطني الشامل حبراً على ورق.