يحق للأستاذ عبده بورجي أن يفتخر بالوطن، فلقد أعطاه الكثير " الثروة والسلطة والقرب من الرئيس " فمثله يحق له أيضا أن يطلع علينا بقلمه الرشيق في أخيرة الثورة معاتبا ومستهجنا ظاهرة التنكر للوطن في الكثير من النفوس التي وصفها بالمحبطة والمتحجرة. فبورجي الذي تلقفه الحظ من الجامعة إلى الرئاسة لم يجد نفسه يوما بشهادته على الأرصفة لسنوات باحثا عن وظيفة يحظى بها أبناء الذوات، بل كان الوطن كريما معه لدرجة أنه أنقذه من مصير المئات من أقرانه أطفال " اللحية " الذين يتكبدون مشقة اجتياز حدود الجارة الغنية لتتلقفهم قسوة " المجاهدين" حرس الحدود السعودي وسجونها المتعفنة، والعديد من الإهانات للطفولة والإنسانية.. ولا أظن بورجي الشاب الطموح الذي وصل به قلمه إلى القصر مارس يوميا مهنة التسلل للمياه الأرتيرية للاصطياد، وذاق طعم أن يقوم جندي في البحرية الأرتيرية بضربك على وجهك وبالسوط على ظهرك أمام أبنائك، ويحشرك كجرذ مع آخرين في قارب متهالك لإرسالك لليمن بعد أن صادر مصدر رزقك، ووجدت نفسك في مهانة وذل من بعد ستر، دون أن يحرك ذلك من ساكن القلوب المتحجرة في صنعاء. ربما غادر "عبده" تهامة باكرا ولم يذق كتهامي بسيط عجرفة ضابط من "مطلع" يسجنه لأيام بدون سبب ومع ذلك يعطيه عشرين ألف ليطلق سراحه.. أو أبتلاه الله بشيخ من "إياهم" يبتلع أرضك وينكد حياتك، بصراحة هو محظوظ جدا.. وربما يكون التهامي الوحيد الذي يهابه ويتملقه أصحاب "مطلع".. اللهم لا حسد.. أكثر من رائعة قصيدة الفضول الوطنية التي استدل بها الأستاذ في مقاله ولكن من سيؤمن بها وهو يرى أنها لم تجدي نفعا الفنان الكبير أيوب طارش الذي تغنى بها وبالعديد من الأغاني الوطنية وهو يستجدي علاجه عندما نكبه الدهر وأمراضه. ومع ذلك يظل قلم بورجي متميزا ومشوقا كعادته، لن أخفي أنني ابتسمت أكثر من مرة أثناء قراءته، وجميل أن يكتب رجل بحجمه في النظام عن ذلك ويدعو للوقوف أمامه بتمعن وعمق ودراسة أسبابه ودوافعه، مع أنه تحامل كثيرا على من يفعلون ذلك قبل أن يقل لنا ما هي الأسباب أو يناقشها.. نصيحة منه للرئيس بدراسة تلك الظاهرة الخطيرة والعمل على معالجتها خير بألف مرة من اللوحات الإعلانية الساذجة التي تملأ العاصمة وعواصم المحافظات عن حب الوطن.. فأن تكون وطنيا لا ينقصك أن تشاهد إعلان في الشارع أو التلفزيون. *قال الشاعر العربي أظنه المتنبي: وأعز أقطار البلاد إلى الفتى * * بلد ينال بها عزيز المطلب