تُوفي الشاعر الشعبي الكبير صالح سحلول مطلع الأسبوع الماضي، ولعل المفارقة أن جاء رحيل أحد مناضلي ثورة 26 سبتمبر ضد الحكم الإمامي، في زمن كَثر الحديث عن عودتها، و المخاوف من تلاشي أحلام الثورة. أدباء ومثقفون اعتبروا رحيله خسارة كبيرة للساحة الأدبية والثقافية والإبداعية يصعب تعويضها، يقول الشاعر عبد العزيز المقالح لوكالة "سبأ":"برحيل شاعر الشعب والثورة الشيخ صالح سحلول يكون الأدب ويكون الوطن قد فقد أهم شخصية من الشخصيات النضالية في هذا البلد وخسرنا برحيله علما شامخا من الأعلام الوطنية الصادقة ".
وكتب الشاعر علي المقري في صفحته على الفيسبوك " مات مقارع الاستبداد والرجعية، مات منشد الحياة والأمل، مات صوت الفقراء وشاعرهم العظيم، مات صوت الثورة صالح سحلول وما زالت قصيدته.
وزير الثقافة السابق خالد الرويشان قال يرثيه "الخسارة كبيرة، لكنه قد أدى ادواره كاملة وفعل ما لم تفعله إذاعات ووزارات للإعلام والثقافة ،لأن الرجل كان كبيراً في دوره الاجتماعي والسياسي خلال سبعين عاما، منذ ايام الإمام يحيي وهو يكتب للتغيير والتنوير ".
وأضاف " لقد كان الشاعر مثالاً في حياته الشخصية وفي سلوكه وكان نموذجا باهراً للثوري الشريف العفيف النظيف عاش فقيرا ومات فقيرا لكنه في قلب كل يمني وكل شريف في هذا البلد".
ولفت الرويشان إلى أن الشاعر سحلول قد شكل حلقة ضخمة من حلقات الشعر الشعبي إذا لم يكن الذروة الكبيرة الاولى في البلد في سبيل البلد وسبيل التغيير،منوها بما تحلى به الشاعر الراحل سحلول من اخلاق وقيم اجتماعية نبيلة تعد نموذجا في التعليم والتنوير.
وقال خالد الرويشان " نلاحظ أن هذا الرجل الريفي القادم من البداوة تكلم عن المرأة ودورها في الستينيات. تكلم عن المزارعين وعن القبائل وحثهم على ترك البنادق وحمل المعاول والعمل .
مضيفا :لا يعرف الكثيرون أن الشاعر صالح سحلول عاش معمعة في التغيير الاجتماعي قبل السياسي رغم أنه كان يحمل بندقيته بشكل دائم للدفاع عن الثورة والجمهورية .
وتابع :" لقد عاش الراحل قرنا كاملا قضى معظمه في هذه المجمرة الهائلة للصهر والتغيير والتطوير، والشعب يعرفه تماما ويحفظ قصائده وزوامله، ويحفظ كل نداءاته التي كانت تبثها اذاعة صنعاء في الستينيات، ولم يكن هناك فضائيات ولا جرائد ولم يكن هناك غير اذاعة صنعاء التي كانت تشكل جبهة لوحدها مع صالح سحلول تهد معاقل اعداء الثورة والجمهورية".
واختتم حديثه: "لحسن الحظ أ ن ديوانه الكامل ومجموعته الكاملة طبعت قبل وفاته وقد سعد بها ،ولكن هذا الديوان ايضا يظل متروكا أمام الأجيال للدراسة والمعاينة والتأمل لأن البلاد خسرت رجلا من الصعب أن يتكرر ، وسيضل صالح سحلول اسما محفورا في قلب كل شريف ونظيف في هذه البلاد إلى الأبد ".
شاعر وطن بدوره أشار رئيس جمعية الشعراء الشعبيين أمين المشرقي إلى أن الشاعر الشيخ صالح سحلول واحد من ابرز الشعراء الشعبين في اليمن عاش مع الوطن حاملاً آماله وآلامه وتطلعاته منافحاً عن ثورته المجيدة ووحدته العتيدة بالكلمة والبيت الشعري والقصيدة .
وقال المشرقي " إن تاريخ الشاعر الشعبي صالح سحلول معروف عند العامة والخاصة في الداخل والخارج ، وقلّ ما تجد بين اطياف المجتمع وشرائحه من لا يعرف الشاعر سحلول ولا يسمع أو لا يحفظ من نتاجه وقصائده الشهيرة ".
وأضاف " رحل عنا سحلول بالأمس بروحه الطاهرة وبدنه. لكنه لا يزال بيننا موجوداً بفكره وشعره ونتاجه، وسيظل خصوصا إذا ما قامت الجهات المعنية والمختصة بدورها في إبراز نتاجه الشعري وإظهاره عبر وسائل الاتصال المختلفة ، والاستفادة الكبيرة مما تركه الشاعر سحلول من قصائد وأشعار تحوي الحكمة والموعظة والنصيحة والمثل الثائر وحب الوطن وأساسيات ومقومات الحياة ".
من سيرته الذاتية: الشاعر صالح احمد علي سحلول من مواليد عام 1919م في بيت العميسي عزلة العرش قضاء رداع ، تلقى تعليمه الأولي وحفظ القرآن الكريم في كُتّاب القرية، ويعد من المساهمين الفاعلين والمؤثرين في خدمة حركة النضال والتنوير الوطني والثقافي .
تقلد خلال مسيرته الإبداعية العديد من الأوسمة تقديراً لأدواره البطولية والحماسية وتأثير كلماته الشعرية في إذكاء وتأجيج نيران الغضب والتضحية والفداء في نفوس الثوار والأحرار. = قال إبن سحلول ولّى ربيع عمري وقيضه أراه كالبرق أومض وغاب عني وميضه صرفت نصف الحياة في حرب العهود البغيضة ونصفها في نصيحة أهل القلوب المريضه! = يقول أبو جبر صالح: ليت البنادق معاول والشيخ ليته مزارع أو صيدلي أو مقاول = يا نُقُمْ قل لحيد مرّان مهلا يا خبيري عاد المراحل طوالي لم يكن قصدكم هو الدين كلاّ إنما هي نغمة بأسلوب بالي إنّ تخريب الكعبة أهون وأدلى من دم إنسان يُسفك على أيّ حال. = (إن كانت الجنّة لهم يا إله* فالشعب هذاما يباها ولا يريد جنّة وفيها عداه*بل يطلب جنّة سواها ما قد جرى للشعب هذا كفاه* وهذه الدنيا كفاها قد أحرمونا عيشها والحياه*وعهدهم كدّر صفاها) = [يا شعبنا أرضك تريد انتباه الرجعية قَلَّت حياها تريد أن تسجد وراها الجباه ما با نصلِّي شي وراها مهما تؤذن أو تقيم الصلاة ملعون من صلّى معاها]