نستطيع القول بأن عبدالملك الحوثي لوح للمرة الأولى باحتمالية اضطراره لاجتياح الجنوب بالجيش واللجان الشعبية وذلك من خلال إشارته في الخطاب الذي القاه مساء الثلاثاء إلى دور الجيش واللجان الشعبية في الوقوف ضدأي محاولة للذهاب بالبلاد إلى الانهيار. نحن نعرف أن الجيش ليس تحت سلطته، وما يجمعه ببعض قيادات الجيش هو وحدة الموقف من القضية الجنوبية المتمثل برفض انفصال الجنوب وعدم الاعتراف بالانفصال كقضية ذات بعد سياسي. لذلك، فإنيأعتقد بأن الهدف منإشارته لدور الجيش هو إيصال رسالة للجنوبيين بأنه لن يقف مكتوف اليدينأمام محاولات إثارة الفوضى. بمعنى آخر، يمكن القول أن إشارة عبدالملك الحوثي إلى دور الجيش لم تكن موجهة ضد أطراف في الشمال خاصة وأن الحوثي لم يصل إلى مرحلة السيطرة الكاملة على الجيش لتوظيفه في صراعات تخدم مصالح جماعته,لكنموقف بعض قيادات الجيش من القضية الجنوبية -والتي كان آخرها بيان قائد قوات الاحتياط بخصوص تطورات الأوضاع في الجنوب وتلويحه بالاستعداد للتضحية اللازمة لضمان وحدة البلاد -يجعلنا نعتقد أن التقاء قيادات الجيش مع جماعة الحوثي في الموقف من الوحدة هو الذي جعل عبدالملك يشير إلى دور الجيش، وأن هذا الدور ستكون ساحته الجنوب. إذاً، هذا التلويح بإمكانية استخدام القوة في الجنوب جاء بعد أيام قليلة من بروز مؤشرات تشيرإلى تحول طبيعة الموقف الحوثي من القضية الجنوبية وذلك بالتحول من الإقرار بحق الجنوب باختيار الحل الذي يحقق لقضيته العدالة والمعالجة الناجعة،إلى الحديث عن معالجة القضية الجنوبية وفقا لاعتبارات إدارية واقتصادية كما ظهر في خطاب عبدالملك الحوثي الذي أعقب إسقاط جماعته لمقار صنع القرار السياسي والذي أكد فيه رفض جماعته (وفقا لاعتبارات سياسية)التقسيم الإداري الجديد إلى أقاليم. وإذا افترضنا جدلاً صحة ماذهبنا إليه، فقد يترتب على ذلك تحول في أجندة و أولويات الحوثي على المدى القصير. فبعد أن كان متوقعا أن تكون مأرب هي الساحة التالية لمعركة جماعة الحوثي بعد اسقاطهالمؤسسة الرئاسة، يبدو أن التطورات المتسارعة دفعت الجماعة لإعادة ترتيب أولوياتها وتأجيل معركة مأرب لصالح أولويات أخرى من بينها ترتيب الوضع في صنعاء وخلق حالة إجماع بين قوى الشمال في مواجهة تحركات الحراك الجنوبي.