منذ زمن بعيد تحكي الأسطورة أن(تحوت) إله أهل سيناء أنقذ الطفل (حورس) إله الشمس المصري عندما لسعته العقرب في دلتا مصر.. وهو ما يدل في نظر بعض علماء الإنسان على نزعة الخير المتأصلة لدى الإنسان السيناوي.. على أرض سيناء حيث يعيش العرب الأنباط ازدهرت الديانات القديمة وناجى موسى ربه في الوادي المقدس طوى.. وفي سيناء انبعث إله القمر الحضرمي القديم (سين) الذي لا زلنا نهتف به إلى اليوم ونقول ( يا سين).وأهل سيناء هم الذين حمو الجيش المصري في 1956 و1967، وشك لوا طوال فترات الاحتلال الإسرائيلي لسيناء المقاومة الحقيقية لذلك الاحتلال، وعملوا كطلائع الاستخبارات المتقدمة لجيش مصر في 1973. اليوم يبدو أن حورس قد تنكر لتحوت..
في أكتوبر الماضي أقدم النظام العسكري في مصر على هدم بيوت أهل سيناء وتهجيرهم عن مسكانهم.. وقبل ذلك كان نظام مبارك الاوجارشي قد حرم أهل سيناء من الانضمام إلى قوات الجيش والأمن. و أكثر من ذلك أقيمت بعض المصانع الكبيرة (كمصنع الاسمنت)في سيناء وحرم بدو سيناء من التوظيف لدى تجار النظام الفاسد.
أهل سيناء رغم نزعة الخير والكرم والشهامة التي فيهم ذوو " عاطفة شرف" و أنفة كما تشير ليلى أبو الغد في أبحاثها الأنثربولوجية عن عشيرة أولاد علي في سيناء، و هم، و إن كتموا مشاعرهم، فإنهم لا يرضخون أبدا.. هدم النظام ما يقرب من ألفي بيت و أعاد شعب الانباط الحضري العريق الذي بنى عاصمته ( البتراء) و وهبنا الخط العربي الذي نكتب به اليوم إلى عصور ما قبل البتراء وما قبل الكتابة..
وهذا ما يعني في نظر المراقبين والمختصين أن نظام السيسي يقدم خدمة مجانية لاسرائيل ويفتح الباب واسعا أمام بدو سيناء للانضمام إلى " ولاية سيناء" الإسلامية، التي، رغم كونها لا تزال تصنف في فئة التمرد المتوسط المستوى، قد تتطور إلى جماعة ذات تكتيكات معقدة في السنين القادمة لتصبح مثل حركة داعش أو جماعة الحوثي. الأغبياء فقط هم من يهدمون بيوتهم لارضاء الجيران. ومن هنا، فلا غرابة أن يكون رد حماس عقب حكم " القضاء المستعجل" في مصر بتصنيفها في قائمة الارهاب أن لدى مصر الكثير الذي سوف تخسره في غزة..
تتداعى أوروبا من أقصاها إلى أقصاها لحل مشكلة ديون اليونان ويعمد النظام المصري إلى هدم بيته و شيطنة جيرانه المظلومين ليبقى سلة يقذف إليها المتنفذون في الأقليم والعالم بفتات المعونات الرخيصة والدعم الزائف.. أما البدوي المسكين فما الذي سيخسره إن مات في صفوف جماعة متطرفة بعد أن سدت في وجهه كل السبل.