ينزلق اليمن سريعاً الى الفوضى الكاملة والحرب الأهلية. فقد كان كافياً أمس ان يتأمل المراقب كيف تزدحم سماء صنعاء بأربعة متناقصات قد تدفع اليمن الى جحيم الصوملة: 1 - الدخان المتصاعد من السفارات الأجنبية التي انهمكت في إحراق وثائقها استعداداً للرحيل، بعدما قررت اميركا وبريطانيا وفرنسا اغلاق سفاراتها وغادر السفير الاميركي صنعاء امس. 2 - التهديدات التي وجهها زعيم الحوثيين المدعومين من ايران عبد الملك الحوثي، الى الديبلوماسيين الأجانب بعدما رفض بعضهم استدعاءه الى وزارة الخارجية أول من أمس، حيث طُلب من الذين حضروا ان يكمّوا أفواههم ويمتنعوا عن التعليق على ما يجري في البلاد، إلاّ اذا كانوا سيمتدحون "الاعلان الدستوري"، الذي أصدره الحوثيون بعدما أجهضوا "الحل اليمني" ثم أسقطوا "اتفاق السلم والشركة الوطنية"، الذي وضعوه لإحراج الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي! 3 - أوهام المبعوث الاممي جمال بن عمر الذي قال الأثنين: "يسعدني ان أخبركم انه بعد مشاورات مع الاطراف السياسيين وتواصلنا المباشر مع عبد الملك الحوثي تم الاتفاق على استئناف المفاوضات للتوصل الى حل ينهي الأزمة". وأي حلٍ في حين كانت السفارات تستعد لإغلاق ابوابها، وبن عمر فشل في تنفيذ بنود "الحل اليمني" الذي وضعته جامعة الدول العربية، لأن علي عبدالله صالح حاول استعمال الحوثيين مطّيّة للعودة الى السلطة فسهّل لهم اجتياح صنعاء عبر مراكز القوى التي تدعمه في الجيش والحكومة، لكنهم استعملوه مطيّة لتنفيذ انقلابهم! 4 - الصراخ المتعالي من تعزّ الى سبأ مروراً بمأرب وغيرها، الذي يدعو الى رفض الانقلاب ويعتبر ان "الاعلان الدستوري" هو مجرد بيان انقلابي يهدف الى احتكار السلطة ووضعها في ايدي الحوثيين وتحميل الآخرين المسؤوليات الجسيمة والطاحنة للآخرين، وفي هذا السياق رفض حزبا "الاصلاح" و"الناصري" وحتى الكتلة البرلمانية لحزب "المؤتمر الشعبي" إلغاء مجلس النواب والالتحاق ب"المجلس الوطني" الذي يريد الحوثيون ادارته! على الطريقة الايرانية وكما جرى قبل 36 عاماً في طهران عندما حوصرت السفارة الاميركية مدة 444 يوماً، لم يكتف الحوثيون أمس بمحاصرة السفارة الاميركية ولا اهتموا برحيل الديبلوماسيين، بل سارع عبد الملك الحوثي الى تهديد الدول التي لا تعترف بالانقلاب قائلاً إن مصالحها ستكون مهددة ... هكذا بالحرف! ولكن من أين سيأتي الحوثي بالخبز لليمنيين والبلد في حاجة فورية الى عشرة مليارات دولار، وكيف سيعالج المشاكل المعيشية والاقتصادية، وكيف سيواجه العقوبات الخليجية المقبلة، ومن أين ستأتي طهران بالمليارات لدعمه، وهل ان مضغ القات يكفي كي لا يطالب المواطن اليمني بالخبز؟ جواب واحد: الحوثي سيأكل الفشل مع القات!