تزداد عزلة الانقلابيين الحوثيين وحلفائهم يوماً بعد يوم، وتزداد معها معدلات الغرور والصلف الذي يمارسونه بحق معارضيهم، إذا استمر المنحنى التصاعدي لتلك العزلة وذاك الغرور فلكم أن تتخيلوا الفاجعة التي ستحل بهم وباليمن في نهاية المطاف. القرار الحوثي فيما يبدو لن يغادر المسارات التي رسمها سلفاً، التي حددت إتجاهاً إجبارياً واحداً، خالياً من أي محطات للتوقف والمراجعة والعودة إلى الخلف. وعليه فإن انتظار لحظة رشد أو مراجعة تبدو بعيدة المنال، على الأقل في اللحظة الراهنة.
مثلاً: يبني الحوثيون مواقفهم على مسلّمات تبدأ بتمثيل "مشيئة الله وإرادة الشعب! وتنتهي بواقع صنعوه بالقوة في صنعاء وما حولها، وأن ذلك كافٍ لتأهيلهم لحكم اليمن، ورسم خارطة طريق لليمنيين لا يزيغ عنها إلى تكفيري أو داعشي أو عميل!
وفي السياسة الخارجية، كان رهانهم كبيراً على مثلث "إيران، روسيا، مصر"، قبل أن تقرع آذانهم التأكيدات الروسية والمصرية الأخيرة على شرعية الرئيس هادي، وقبل ذلك أيضاً تماسك الموقف الخليجي المؤكد على مسار المبادرة الخليجية في حل المشكلة اليمنية.
إذا أراد الأشقاء في الخليج وخاصة في المملكة العربية السعودية الإسهام بفاعلية أكبر في إنجاز مصالحة يمنية تخرج اليمن من عنق الزجاجة فليبادروا إلى تفعيل دور المبعوث الخليجي الخاص إلى اليمن، لأن المبعوث الأممي جمال بنعمر لا يمكنه إلا أن يكون ممثلاً لاتجاهات دولية لا تتفق بالضرورة مع الرؤية الخليجية.
بنعمر غضب مؤخراً عندما وصف أحد السياسيين سياسته ب"إمساك العصا من المنتصف" وهو (أي بنعمر) محق في غضبه، لأنه أبداً لم يمسك العصا من المنتصف، بل يستخدمها ليسوق الأطراف السياسية في الطريق الإجباري الذي حدده الحوثي سلفاً!
قد يضطر الحوثيون مع مرور الوقت إلى القبول بدور أكبر للمملكة العربية السعودية، لأن ذلك سيضمن لهم مخرجاً لا يمكن أن توفره روسيا ولا مصر ولا حتى إيران.
ملاحظة أخيرة ينبغي التنبه لها في التعاطي مع الشأن اليمني على اعتبار أن ما يحدث هو "صراع شمالي جنوبي"، فقد كتبت أقلام خليجية مطلع الأسبوع عن "تغير موازين القوى بين شمال اليمن وجنوبه"، في إشارة ضمنية إلى توجه خليجي لدعم خيار التقسيم كاستراتيجية بديلة لمحاصرة الحوثيين وعزلهم محلياً وخارجياً، وهي قراءة بعيدة تماماً عن تعقيدات المشهد اليمني، ذلك أن الذهاب إلى خيار التقسيم لا يضمن العودة إلى ما قبل 1990 بل سيكون مقدمة لتأسيس دويلات وإمارات وكيانات متصارعة.
لنبحث عن الأطراف المستفيدة من خيار التقسيم، سنجد: الحوثيين، القاعدة، الحراك المسلح المدعوم من إيران. وهي الأطراف التي لا يمكن أن تؤسس لشراكة إيجابية من أي نوع بين اليمن ودول الخليج العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.