بعد انتهاء الحرب السادسة قفز اسم محمد بدالدين إلى الواجهة. عادة كان يحضر فقط في سياق الحديث عن نشأة جماعة الحوثي والدور المحوري الذي قام به هذا الرجل البالغ 45 عاما، في اللحظات الأولى من ولادة منتدى الشباب المؤمن. في هذه المقابلة الحصرية مع "المصدر أونلاين" يتطرق القيادي في جماعة الحوثيين إلى تفاصيل كثيرة تتعلق بسير عمل اللجان، والمضمون العقائدي لجماعتهم، والشائعات حول حياة شقيقه عبدالملك، وأشياء أخرى.
ما هو تقييمك للاتفاق الذي تم إبرامه مع السلطة؟ شيء رائع، وما نتمناه هو أن يستمر السلام ووقف إطلاق النار.
ما الذي قدمه التنظيم في سبيل إنجاح هذه الهدنة؟ هناك تنازلات حقيقية بالنسبة لنا، وهي كثيرة جداً كإطلاق السجناء وتسليم المواقع.
هل تتوقع نشوب حرب جديدة؟ ليس هناك ما يدعو لتجدد المواجهات بيننا وبينهم، إلا إذا كانوا هم مصرين على هذا، ولكن لا يوجد هناك أي مبرر لاندلاعها. كل شيء تم حتى الآن كان من قبلنا.. في الوقت الذي لم يتم فيه إطلاق أي أحد من السجناء التابعين لنا، إضافة إلى مسألة الإعمار لم يتم التحدث بشأنها حتى الآن. لدينا الكثير من المفقودين الذين لا نعلم عنهم شيء حتى هذه اللحظة، ولم تقم السلطة بالإفصاح عن أي معلومات تتعلق بأماكن اعتقالهم.
مع كل ذلك ورغم أننا لا نشعر بالإنصاف، إلا أننا نرى أن تعزيز وتوطيد السلام هو الأهم بالنسبة لنا، وعلينا أن نتحمل ذلك ونتغاضى عن الأمور الأخرى.
الواضح من كلامك بأنكم كنتم في الرمق الأخير عندما أبرمتم هذه الهدنة؟ لا.. الواقع هو الذي يجيب على ذلك، فالألوية العسكرية كانت محاصرة في سفيان، وبينها وبين صعدة مسافات طويلة والجيش كان محاصراً في الصمع والمهاذر، كما أن المجاهدين كانوا داخل الأراضي السعودية ولمسافة عشرات الكيلو مترات، فمن هو الذي في الرمق الأخير؟ أنا أعتقد أن من يقول بذلك فهذا من اللؤم.. نحن أردنا حقن الدماء ووقف الحرب والحد من التدخلات الإقليمية والدولية في شؤون بلادنا من خلال ما تم عقده من مؤتمرات ولقاءات دولية لمناقشة الوضع في اليمن، ولهذا نحن وقفنا بقوة أمام هذه التدخلات وسعينا لسد الطريق أمام هذه التدخلات من خلال وقف الحرب.
إضافة إلى أن الناس بحاجة إلى السلام والأمن والأمان، فعندما بادرنا إلى ذلك فلا يعني أننا كنا في موقع ضعف، وإنما في موقع قوة, ولو كنا في موقع ضعف لما كان هناك أي مبادرة من قبلنا.
بصراحة لم نكن نتوقع مثل هذه الوشاية، وأن تقابل مبادرتنا الحسنة والعظيمة جداً بهذا الأسلوب.. هذا لؤم، أن يقال بأننا كنا في الرمق الأخير، والجميع يعرف من كان فعلاً في الرمق الأخير.
إذن ما الذي كان ينبغي على السلطة قوله؟ على الأقل أن يقولوا بأن هذا من باب حقن الدماء والحفاظ على وحدة الصف وعلى الأخوة بين الناس.
حتى لا تندلع شرارة الحرب مجدداً، ما الذي ينبغي على الطرفين الالتزام به؟ هم وضعوا نقاط 6، وتم الاتفاق عليها، وهناك لجان تعمل على تنفيذ ما تبقى منها.
إذن لا مشكلة إذا ما تم تنفيذ النقاط؟ صحيح، لكن المشكلة دوماً تكمن في أولئك الأعضاء المتعنتين في اللجان. وعندما نعمل معهم نجد منهم تعمداً في عدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ويصرحوا بأننا السبب.
مثل من؟ أنت تعرفهم وتسمع تصريحاتهم أكثر مننا.. أنت صحفي وداري أيش بيحصل. قم بالنزول إلى سفيان أو الملاحيظ ستلاحظ انتشار الجيش وعدم وجود أي من الشباب التابعين لنا، وتشوف في شاشة التلفاز واحنا بنسلم الأسرى، ويقولوا أننا لم نقم بشيء، وأننا نرفض تنفيذ النقاط.
بصراحة هؤلاء هم مسعرين الحروب، ومأججي الحروب، وتجار الحروب، فإذا كان هنالك لا يزال من عقلاء في بلادنا عليهم الوقوف مع هذا الاتفاق والعمل على تنفيذه، فهذه المبادرة نالت رضا الطرفين وعلينا جميعاً استغلال هذا الرضا والعمل على تنفيذها.
أعضاء اللجان الذين أشرت إليهم تم إقصاؤهم، ألا يرضيك ذلك؟ أولاً، هذا مخالف لما تم الاتفاق عليه، فالمفترض أن اللجان التي تم الاتفاق عليها تبقى في عملها، وإذا كان هناك ضرورة للتغيير، فمن المفترض أن يتشاور الطرفان على ذلك.
لا يصح أن يتحكم بعدد اللجان وأعضائها طرف واحد دون آخر، لأن القضية تمس الطرفين. ومع كل ذلك فالواقع هو الذي سيثبت هل هذا الإجراء كان في محلة أو لا.
ونحن سنستمر في العمل مع اللجنة الجديدة، وإذا اتضح لنا وجود تلاعب فسيكون لنا موقف في حينه.
متى كانت آخر مرة التقيت بشقيقك عبدالملك الحوثي؟ ليس ذلك بالأمر الهام، ولا داعي للتحدث عن ذلك.
شخصياً أتمنى أن أعرف متى وأين كان ذلك؟ الحمد لله هو حي يرزق ويدير الأمور بكاملها.
الوسيط علي قرشه أكد لي ذات مرة بأنه لم يتحدث طيلة فترة وساطته في حديث مباشر مع شقيقك.. فما تعليقك؟ (يتفاجأ ويسكت قليلاً) أنا التقيت به قبل الحرب. هو لا يزال على قيد الحياة، ولا داعي للخوض في هذه القضية.. كما لا مشكلة في عدم تواصل أخي بشكل مباشر مع قرشة.
ماذا عن والدك "بدر الدين" وهل التقيت به خلال هذا العام؟ هو حي يرزق، ولا أرى أن هناك فائدة سيستفيد منها القارئ إن علم بآخر لقاء جمعني بوالدي.
هل لا تزال تعتقد بأن شقيقك حسين لا يزال حياً؟ يا أخي المفترض على السلطة أن تسلم جثته إن كانت فعلاً قد قامت بقتله.
برأيك.. ما الذي ساعدك على نشر هذه الأفكار في صعدة، خصوصاً وأنت من توليت تأليف المناهج الخاصة بذلك؟ أولاً هذا فكر واقعي بعيد عن الغلو والتطرف والتشدد، منطلق من القرآن والقرآن فيه هدى للناس وفيه قناعة، إضافة إلى من يدعون لهذا الفكر أناس مخلصون ليست لهم أهداف سياسية أو حزبية أو مادية، سوى وجه الله ورضوان الله فقط، وهذا الذي جعل الناس تثق بنا. الأمر الآخر يتمثل في ما تعرضنا له من مظالم وتجني وحروب، جعلت الناس يشعرون بأننا على صواب. الذي يحارب الآن هو الصدق والحقيقة.
وصفت فكرك بأنه بعيد عن الغلو والتطرف فهل تقبل بالطرف الآخر؟ بالطبع نقبل ذلك.
إذن فلماذا رفضتم قيام عبدالله صعتر ومن قبله مقبل الوادعي بالقيام بأداء خطبة الجمعة هنا في مساجدكم؟ لأنهم لا يسمحون لأحد بالخطبة في مساجدهم، ولأن مقبل الوادعي تجنى على الإمام الهادي في كتبه ومؤلفاته، فكيف يتكلم عليه ثم يأتي يخطب في مسجده ومن على منبره.
لنفترض ذلك، فلماذا لا تقبلون بفكرهم ما داموا هم منغلقين؟ نحن نقبل به ولم نحاربه، وكانت الحرب دائرة في دماج ولم تطلق ولا رصاصة واحدة على مركزهم هناك.
ما هو السبب؟ لكل واحد الحرية في الفكر والمعتقد، ولهذا لم نحاربهم لأنهم يخالفوننا الرأي. حتى لو كانت لديهم مساجد في وسط قرانا في ضحيان أو مران وغيرها، فمن المستحيل أن نقوم بالاعتداء عليهم، لهم الحرية في شعائرهم وأفكارهم ومبادئهم، مضت عشرات السنين وهم موجودون بمساجدهم ومكتباتهم ومدارسهم، ولم يحدث أي نزاع دموي بيننا وبينهم. نحن نرد الحجة بالحجة، وما بيننا وبينهم لا يتعدى الجدل الفكري.
ما هو رأيك في موقف عبدالله الرزامي من عدم المشاركة في الحرب؟ ما ندخلش منهم.
وحسن بختان والصيفي وعلي مجاهد وغيرهم من القيادات القبلية؟ أنا لا أعرفهم.
لماذا تم إقصاؤهم وتهميشهم؟ لا أدري.
وصالح هبرة؟ ليش تقول عليهم مهمشين.. شوف الميدان هو الذي يجيب.
الميدان فيه القبائل والذين تستغلوهم للقتال؟ شوف من هم القيادات؟
القيادات هاشمية؟ ما بش قيادات أخرى.. ما عاد تشتي.
لماذا لا يتولى القبائل القيادة مثلما الهاشميين؟ هذا زيف.. لا يخطر ببالنا ذلك. القيادة عندنا هي حسب الكفاءة والإخلاص والوعي والجد.. مسألة العنصر هذه لا نلقي لها أي اهتمام.
سألتك عن صالح هبرة ولم تجيبني؟ هو من سار يفاوض في قطر، وهو من قام بتمثيلنا في أكثر من مناسبة.
وبعدين تم إقصاؤه وتهميشه؟ ليش.. ليش.
أنا أسألك ذلك.. أين صالح هبرة الآن؟ ليست هذه هي القضية، قد يكون معه عمل آخر انشغل به وهو أهم من غيره من الأعمال.
الآن أرى بأن نفس السيناريو يتكرر مع صالح الصماد، ففي الماضي تم إزاحة صالح هبرة بدعوى التفاوض؟ ماذا تقصد؟
تم إخراج صالح الصماد من قبيلته وكلف بالانتقال إلى صنعاء والهدف هو إحلال قيادة جديدة بدلاً عنه ترتدي الثوب الهاشمي؟ ما بش معانا وقت للتفكير في ذلك. هذه مسيرة قرآنية لا تفرق بين أحد على الإطلاق.
إذن لماذا تم إيفاد الصماد إلى صنعاء؟ المعلومات كانت تصل إلى الرئيس وفيها تلاعب كبير، وكان لا بد يطلع على الحقيقة بعيداً عن تلك الأكاذيب، ولا بد من أن يسمع مننا مباشرة. على مدى الحروب وهم يقولون للرئيس بأننا في الرمق الأخير، ويرفعوا تقارير مزيفة.. ستة أشهر والجيش في مكانه، لم يتقدم خطوة واحدة، وهم يطمئنوا الرئيس بالأكاذيب. إضافة إلى تلك الإشاعات، التي تدعي بأننا نسعى إلى إعادة الإمامة، وأن لنا علاقة بإيران وغير ذلك، لهذا كان لا بد أن يسمع الحقيقة مننا مباشرة.
هل قام فارس مناع ببيع أو شراء أسلحة لصالحكم؟ لا.. لا.. لم يقم بذلك، وما تعرض له هو نتيجة لاستهداف أجنبي لشخص فارس مناع. وما تعرض له منزله جريمة ولم يكن هناك داعي لما حدث.
هل قصف صعدة بالطيران كان لصالحكم؟ بالطبع، فذلك أدى إلى اتساع رقعة أنصارنا، لقد أصبحت صعدة كلها مجاهدة في سبيل الله حتى النساء والأطفال، (يبتسم) فالطيران قام بالقصف بشكل عشوائي، لم يفرق بين مواقع تمركزنا ومساكن المواطنين.
النساء شاركن في الحرب معكم؟ نعم.. شاركن بحسب قدرتهن.
ما هو دورك في الحرب؟ ليس بالضرورة توضيح ذلك.. ومع ذلك شاركت في المجال الثقافي والإعلامي.
هل شاركت بسلاحك؟ لا.. لم أشارك. كانت لي أدوار أخرى.
شقيقك عبدالملك هل شارك بسلاحه في الحرب؟ لا.
وماذا عن بقية أشقائك؟ ما بش داعي.. أنا أقول لك الساحة مليان بالمقاتلين.
أريد أن أعرف هل أولاد بدر الدين حملوا السلاح ونزلوا للقتال؟ ما بش داعي للتحديد.
إذن حروب الحوثي وقودها القبائل؟ شكراً لزيارتك.
لا يزال لدي الكثير من التساؤلات، ومع ذلك ما هي الكلمة التي تود إيصالها لرئيس الجمهورية؟ نود منه أن يعرفنا معرفة "سوا"، وأن يعرف أننا أقرب إليه من أولئك الآخرين ولسنا ضده، أو ضد حكمه وتوجهه، نحن أبناء شعب واحد وأمة واحدة، وحسب كلامه ففكرنا الزيدي واحد. ندعوه لأن يتعقل ويتق الله، ولا يتسلط علينا إرضاء لأولئك المغرضين. لا بد على رئيس الجمهورية أن يعرفنا "سوا"، ولن يتم ذلك إلا من خلالنا، لا عبر الوسطاء ولا غيرهم، ونمد أيادينا إليه. * لا توجد صورة منشورة لمحمد بدر الدين الحوثي، كما أنه رفض التقاط أي صورة له من قبل مراسل المصدر أونلاين.
هذه المادة جزء من ملف ينشره "المصدر أونلاين" بالتتابع في وقت لاحق حول "صعده بعد الحرب" ويتضمن: - لماذا لم تؤل قيادة التنظيم إلى النجل الأكبر للحوثي وما العلاقة بين مرافقة عبد الملك لوالده أثناء مرضه في خولان وبين صعوده إلى قيادة الجماعة خلفاً لحسين؟ - محافظون في زمن الحرب .. العمري أدار 3 جولات والشامي أخمد الثالثة لكن الرابعة أطاحت به وخرج المصري من الخامسة خاسراً ووزيراً وقالت السادسة كلمتها في حسن مناع. - حوار مع أمين عام المجلس المحلي بمحافظة صعدة. - مراسل المصدر أونلاين في قبضة الحوثيين .. أربعون دقيقة موعظة للمراسل من ملازم "سيدي حسين" تنتهي بشعار "الله أكبر .. الموت لإسرائيل" .. لماذا اعتقل وكيف تم الإفراج عنه ؟ - عبد الله عيضة الرزامي.. صديق من زمن الفرسان.. ما مدى صحة أن عبدالملك دبر عملية خطف الألمان للإيقاع بين الرزامي والجيش بغرض استدراج الأول للحرب ؟