صحيح أن المملكة الجارة ظلت خلال قرن من الزمان – كسياسة ثابتة – تحافظ على بقاء اليمن وشعبه في مكان المراوحة لا تتيح له فرصة للتقدم سياسيا أو إقتصاديا قيد أنملة كي لا يصبح مؤثرا أ, منافسا باعتباره الوحيد في منطقة الجزيرة الذي يملك مقومات منافسة المملكة لكن من باب الاجحاف والغبن ومجانبة الحقيقة إذا ما قارناها بإيران من حيث الأفضلية بالنسبة للوطن والمواطن اليمني. السعودية بسياساتها تلك أثرت على نفوس اليمنيين وتركت آثارا عميقة وهو ما أتاح فرصة لجسم غريب على المنطقة كإيران باستغلال تلك الآثار النفسية والولوج من خلالها لدعم افكار وميليشيا غريبة حلت بالجسد اليمني وأثرت فيه عميقا ولو أن المملكة تعاملت منذ البدء – أو حتى استدركت – بإيجابية مع الوطن اليمني ومواطنه لأدركت في مثل هذه الظروف – أو غيرها – معنى أن تكون اليمن سندا قوميا طبيعيا لها , ومع كل مازلنا نعمل على تهدئة وإراحة النفوس بالتعليل بالإرادة الإلهية خارج نطاق قدرات الانسان .
في كل الأحوال لا وجه للمقارنة بين المملكة وإيران فالأخيرة ومنذ بدء تدخلاتها السافرة في اليمن منذ عقد ونصف من خلال دعمها المادي والمعنوي والتسليحي لبث أفكار وميليشيا ادخلت اليمن في خضم فتنة طائفية ومذهبية وسلالية لم تعهدها اليمن قبلا نتج عنها حروب لم تتوقف منذ 2004م الى اليوم سوى لفترات قصيرة وتعود وهو ماكان سببا رئيسيا للدمار والقتل والتشريد .
التدخلات السعودية في اليمن في الغالب لا تتجاوز حدود التدخلات السياسية والاقتصادية في أسوأ الاحوال فالسعودية أكثر رغبة في فرض هيمنتها ووصايتها على اليمن سياسيا واقتصاديا بالإضافة إلى أنها لا تتيح فرصة لانتعاش اقتصادي , لكن المملكة عند الشدائد اليمنية لا تقف أبدا مكتوفة الأيدي لمشاهدة تعثر أو سقوط لليمن ويكفي أن نتذكر دعمها السخي لرفد الميزانية وتأمين الريال اليمني بمليار دولار أبقى على استقرار العملة اليمنية أمام الدولار منذ 2011م حتى نهاية 2014 م ومازال له أثر ومانتج عن ذلك من استقرار للتجارة واسعار المواد الغذائية لدرجة عدم شعور المواطن اليمني بوجود أزمات خانقة رغم الظروف السياسية والعسكرية والاقتصادية التي كانت تمر بها البلاد وهو ما لم تفعله دولة غيرها .
حتى نعطي المملكة حقها علينا المقارنة بين دعمها ودعم إيران خلال الحرب الحالية الدائرة سنجد الدعم الايراني يذهب لتسليح طائفة وكمناورة سياسية وصلت دعومها عبارة عن علب مياه الى جيبوتي وكأن المواطن اليمني يشكو من حالة عطش , فيما المملكة قدمت لليمن دعومات انسانية بقيمة 272 مليون دولار هي عبارة عن مواد غذائية ونفطية ومنذ اكثر من نصف قرن والمملكة تقدم دعومات مثيلة .
عطاء المملكة لم ينفد بعد فهي تحتضن أكثر من مليوني انسان يمني يعملون داخلها ويسيطرون على جزء غير قليل من التجارة الداخلية السعودية وهم بمجموعهم يشكلون رافدا اقتصاديا اساسيا للخزينة اليمنية وموردا من موارد الدولة فهل تستطيع ايران اثبات دعمها لليمنيين حقيقة بفتح باب الاغتراب لليمني للعمل فيها كجزء من حلحلة مشكلة المواطن الاقتصادية والتخفيف من حالات الفقر والبطالة بدلا عن تقديمها افكارا سامة وسلاحا للموت , لا اعتقد ان لها قدرة على استقبال ولو الف عامل فما بالك بعشرة آلاف عامل , هنا تتضح الفروق بين دولتين دولة كالسعودية تتعامل جيدا مع اليمن وفق مصالح سياسية كفن ممكن لكنها لا ترميها في المهالك ودولة كإيران تغلب مصالحها السياسية بطرق استبدادية جالبة للمهالك .
المملكة وقد باتت تدرك جيدا أهمية الإنفراجة في التعامل مع الشعب اليمني وحكوماته نتمنى عليها التعجيل بخطوات انضمام اليمن الى مجلس التعاون وسرعة فتح آفاق الاسواق الخليجية للعمالة اليمنية وتجاوز النظر لواقعنا الاقتصادي وفقرنا وكذلك الغاء نظام الكفيل والاقامة فشعوب المنطقة تعيش على ما يجمع بينها من صلات الدين والعروبة والنسب لا على ما يفرقها .