المعضلة هي في أننا إلى الآن نقاوم فكرة داعش أكثر من الفكرة التي استدعتها.. المثقفون على درجة من النباهة للتحذير من الذي قد يترتب على مذهبية مليشاوية متطرفة داعشية مقابلة خطرة، وننسى الأولى التي هي السبب. وأمسى فقط انه عليك أن تصرخ: لا تكونوا نسخة من الخطأ، وهذا الصراخ مهم للغاية ، لكن أين نذهب من هذا الخطأ؟ الآن من يمكنه مطالبة تعز وهي تقصف على هذا النحو أن تتصرف بوطنية جامعة وبلا تطرف من أي نوع؟! لا يندم الضمير ولسنا نادمين على مقاومة أي خطأ، ولا يمكننا الآن الدخول مع القتلة حول تعز في مجادلة أخلاقية حول من بدأ ومن أخذ بالثأر. يا أخوه: هو منذ البدء تقدم وأعلن الحق الإلهي وسيطر على العاصمة ونهب السلاح وأهان الكبرياء الوطنية.. هو من استقدم علينا كل الذي لا يمكننا القبول به، فكيف نمضي الوقت في التنظير للشراكة السياسية مع مجموعة منهمكة في القتل؟ لم تجعل منك جريمة ارتكبت أثناء مقاومتك بريئاً، ولن تجعلك السعودية بطلاً وطنياً، لأننا لن نقبل هذه المقايضة ولن ندفع وجودنا دية لبعض الأخطاء التي ترتبت على خطيئتك.. يا أخي أنت اعتديت على أهلك اليمنيين وورطت أهلك الأقربين، وجعلتنا جميعاً هدفاً لجرائم الثأر والتطرف وارتدادات المناطقية والعصبوية.. جعلت كلاً منا بحاجة لقلب نبي حتى لا يكون نسخة منك.. نعرف أننا عالقون، وأنه من المتعذر حقاً أن يحتفظ أحدنا بكل الذي كان يتمتع به من صفاء ورؤية قبل دخولك صنعاء وقبل اقتحام المدن وقتل الناس واختطافهم وتفجير بيوتهم ومساجدهم.. لن نظل نراقبك تقتل صارخاً: يا دواعش، وننهمك في تنبيه القتلى: لا تتدعششوا، وهذه اللحظات من يجد مراجعة تعز بشأن أي شيء عملاً حكيماً؟ في مقالة سابقة أشرت لكونك أحييت كل الذي كان مسكوتاً عنه وقد كان اقرب لنكته واقعيه بعض الشيئ، فحولتها لواقع هزلي صارخ، دموي ومريض وباعث على الهلع من أي تفكير بالمستقبل. نعرف أننا يمنيون فحسب، وهذا الكلام ليس لك، وأننا لسنا غير ذلك ولا شأن لنا بالخنادق المريضة، لكننا لن نكرس كلماتنا ووجودنا لإثبات ذلك فقط، هذا خطر داهم اليمن منذ غادرت صعدة وقمت في طريقك بتطهير كلما يناقض طموحك، وكلما يناقض طموحك أصلاً هي اليمن بتنوع مزاجها وواحدية الهوية الوطنية.. يروقني أن أتحدث هكذا وأقول أنت وطموحك وفعلت وفعلت، وكأنني أخاطبك بينما لا أفعل حقاً، هو هكذا شكل من الاعتياد فلا رسالة هنا لأحد، ذلك أنه لا أحد لتتحدث إليه فأنت لست شخصاً وإنما حنبة! لكنه فقط شكل من تفكير بصوت عال، إذ ربما تصدق الأحجار القاتلة أنها من هذه الأرض، بينما لا يقتنع المعتدي أنه أخوك وأن رأسك مميت مثل رأسه. على مدى أكثر من سنة ونحن بالكلمات متورطون مع عربة ديناميت، وكأننا في ندوة، تقوم كل دقيقة بنسف مجموعة منا، نلتقط صوراً لهم ونعرضها على العربة لنحرج الديناميت أخلاقياً!
الآن وبعد قليل سنسمع صوت الطائرات ونرى صوراً دامية لوجوه أطفال ونتبادل الكراهية والغضب واللائمة، ومخاوف المناطقية الطائفية والأمراض التي ينبغي أن تتوقف. ونسأل: كيف ومن وما الذي ينبغي عليه أن يتوقف؟ بينما كلها ارتدادات، ويدرك كل عاقل في هذه الحياة الدنيا من الذي عليه أن يتوقف.