حينما أدلى المأربيون بأصواتهم في انتخابات البرلمان 2003م، خلصت نتائج ممارستهم للعمل الديمقراطي إلى مقعد للمؤتمر ومقعد للإصلاح والثالث كان من نصيب المستقلين. فأبناء قبيلة مراد دفعت بالمستقل علي عبد ربه القاضي إلى قاعة البرلمان، ونال الإصلاحي جعبل طعيمان ثقة قبيلة جهم، وحظي المؤتمري عبدالله بن علي بن معيلي بأصوات الناخبين في قبيلة عبيدة. يبدو الأمر محيراً للغاية خاصة بعد أن استعصى على أي من الكيانات السياسية الاستحواذ على أغلبية مقاعد دوائرها الثلاث، فمرشح الحزب الحاكم بالكاد استطاع الفوز بثقة ناخبي الدائرة 277 والتي نافسه فيها مرشح الإصلاح خالد العرادة، شقيق الشيخ سلطان العرادة، والذي حظي بتمثيل الدائرة في انتخابات برلمان 1993 و1997م. بن معيلي والذي نال عضوية البرلمان عن الحزب الحاكم، اتهمته السلطات بمد الحوثيين بالأسلحة الحربية وقامت بنشر اسمه ضمن القائمة السوداء الخاصة بتجار السلاح، ولعل هذا دليل على هشاشة تلك التحالفات الجديدة التي عقدتها السلطة مع مشائخ مأرب. تحالفات الزمن الجميل غدت بحسب أحد كبار مشائخ مأرب أقل بكثير عن ما كانت عليه قبل عقداً من الزمن. وقال ل"المصدر أونلاين" الشيخ المأربي الذي رفض الكشف عن هويته: "الرئيس من يتحمل ذلك، فأخطاؤه هي من دفعت مشائخ مأرب للتخلي عنه". مضيفاً بأن القلة الباقية على تحالفها مع رئيس الجمهورية هم حلفاء المصالح، في حين أن حلفاء المصير والولاء باتوا ذكرى من الماضي. يعتبر الشيخ محسن بن معيلي أبرز حلفاء الرئيس في مأرب، لكن المرض والشيخوخة جعلت من الرجل ذكرى من الماضي، ورغم ذلك سعى الحليفان إلى تعزيز تحالفهما وذلك عبر قرار جمهوري قضى بتعيين ذياب بن محسن بن معيلي وكيلاً لمحافظة مأرب. كما حرص رئيس الجمهورية على أن يظل تحالفه مع الشيخ علي القبلي نمران كسابق عهده، إلا أن تدهور صحة الأخير حالت دون ذلك، وحتى لا يصبح ذلك الماضي مجرد ذكريات فقط ولمتانة العلاقة اللاحقة بينهما عين رئيس الجمهورية الشيخ عبد الواحد علي القبلي نمران النجل الأكبر لحليفه الاستراتيجي وكيلاً للمحافظة. وفي ظل هذا الواقع لم يكن أمام الرئيس صالح سوى صنع حلفاء جدد، سوى أكان ذلك عبر الدفع بقواعد حزب المؤتمر إلى واجهات الأحداث كحسين حازب، أو عبر استمالة المنتسبين للأحزاب الأخرى كعبدالله أحمد مجيديع أحد قيادات الحزب الاشتراكي والذي تم الدفع به لمنافسة مرشح حزب الإصلاح، ولسقوطه في الانتخابات تم تعيينه عضوا بمجلس الشورى فيما أصبح شقيقه مجلي مجيديع قائداً للشرطة العسكرية. عندما دفع الرئيس بحسين حازب للترشح عن الحزب الحاكم لمنصب محافظ مأرب، تمكن ناجي الزايدي من الإطاحة بالمرشح الرئاسي، وأمام ذلك لم يكن أمام الرئيس صالح سوى إعادة تحالفه مع الزايدي بعد فترة احتقان امتدت لنحو عقدً من الزمن، وقام بتعيين الشيخ حسين حازب محافظ لمحافظة الجوف. وفي سلسلة استعادة علاقة صالح بمراكز النفوذ القبلي بمأرب سعى الرئيس إلى إعادة المياه إلى مجاريها، ففي مطلع يناير الماضي نقلت مصادر إعلامية عن لقاء الرئيس بحليفه السابق شيخ مشائخ قبائل مذحج الشيخ غالب بن ناصر الأجدع. ومع كل ذلك فإن الرئيس صالح يمر حالياً بظروف حرجة ومأزق لا مثيل له في مأرب، التي شهدت في 24 مايو 2010م مقتل الشيخ جابر الشبواني نائب المحافظ أمين عام المجلس المحلي. هذه الحادثة التي يعتقد الكثير من المراقبين بأنها قد تؤدي إلى فقدان الرئيس لحلفائه الجدد الذي حاول خلال العشر السنوات الماضية صناعتهم واحداً تلو آخر، خاصة بعد أن عجز الرئيس في إقناع حلفائه بمأرب على دفع والد الشبواني وقبيلة عبيدة إلى ضبط أعصابهم وكبح غضبهم، وأمام ذلك استعان بأحد حلفائه بشبوة لتحقيق ما عجز عنه المقربون منه بمأرب!.