وضعت الحكومة الشرعية في اليمن يدها على أدلة جديدة تثبت تورط التمرد الحوثي في «استخدام نازحين أجانب دروعاً بشرية في الصفوف الأمامية لجبهات القتال»، فضلاً عن الحصول على أدلة أخرى تؤكد استقطاب مقاتلين غير يمنيين من دول القرن الأفريقي، والزج بهم في جبهات القتال بعد أن يتم إخضاعهم لتدريبات مكثفة. وأكدت مصادر في شؤون رئاسة مجلس الوزراء اليمنية ل«الشرق الأوسط»، أن المقاتلين غير اليمنيين يصلون إلى الأراضي اليمنية لأهداف مختلفة، منها البحث عن عوائد مالية مقابل المشاركة في القتال، فيما يأتي بعضهم بهدف الهجرة، ليجد نفسه مجنداً للقتال بعد الخضوع لتدريبات على أيدي خبراء إيرانيين. وأشارت إلى تجهيز ملف متكامل يثبت تورط كلٍّ من التمرد الحوثي والنظام الإيراني في تجنيد أجانب للقتال ضد القوات الشرعية، ليتم رفع الملف حال اكتماله إلى مجلس الأمن الدولي، وذلك بعد أن كشفت معارك المخا وتعز عن وجود أشخاص من دول القرن الأفريقي ضمن صفوف التمرد على الشرعية في اليمن.
وبحسب المصادر، يشمل الملف المقرر رفعه إلى مجلس الأمن، وثائق تثبت تورط النظام الإيراني في إرسال عشرات السفن التي تحمل الأسلحة والمرتزقة لدعم صفوف التمرد الحوثي، موضحة أن الإرساليات التي تم رصدها جرت على دفعات مختلفة خلال الأشهر ال12 الماضية.
وذكرت أن الحكومة الشرعية أبلغت مجلس الأمن قبل فترة بما لديها من وثائق تثبت مخالفات ارتكبتها نحو 40 سفينة إيرانية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما تذرعت بالصيد قبالة سواحل اليمن، قبل أن تتخلص من حمولتها التي تشمل مقاتلين وأسلحة عبر توزيع هذه الحمولة على عشرات القوارب الصغيرة في جنح الظلام، لتنطلق هذه القوارب إلى السواحل الغربية لليمن.
ولفتت الأجهزة المختصة التابعة للحكومة الشرعية أن المتسللين غير اليمنيين الذين تم رصدهم في صفوف التمرد الحوثي، بينهم صوماليون وإثيوبيون، فضلاً عن مشاركة عناصر إيرانية في التدريب على العمليات العسكرية
وأكد عبد الرقيب فتح وزير الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أمس، حصول الحكومة على معلومات موثقة من القيادات العسكرية خلال ال48 ساعة الماضية تفيد بوجود أشخاص من جنسيات أفريقية تم القبض عليهم أثناء معاركة دارت في المخا، مشيراً إلى أن التمرد الحوثي زج فعلاً بنازحين غير يمنيين في جبهات القتال، واختار لهم المشاركة في الصفوف الأمامية.
وقال الوزير اليمني إن التمرد الحوثي تورط فعلاً في استخدام النازحين من دول القرن الأفريقي دروعاً بشرية، بعد أيام معدودة من إعلان منظمة الهجرة الدولية إجلاء نحو 130 من اللاجئين الصوماليين في اليمن بشكل طوعي إلى بلادهم عن طريق ميناء عدن الواقع في أقصى الجنوباليمني. وأفاد بأن طلب عودة النازحين والمهاجرين إلى الدول التي جاءوا منها، تتم عبر مكاتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، معتبراً قبول بعضهم الانضمام إلى صفوف ميليشيات التمرد الحوثي يجعلهم يتحولون من لاجئين ومهاجرين إلى مقاتلين.
وأشار وزير الإدارة المحلية، إلى أنه وفقاً للمعايير الدولية لا تستطيع أي جهة أن تعيد أي شخص نازح أو طالب للهجرة إلى بلده إلا بطلب من الشخص نفسه، مشيراً إلى أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية والأممالمتحدة، تؤكدان أن عودة النازح والمهاجر تكون اختيارية. في السياق ذاته، أكد اللواء ركن سمير الحاج قائد قوات الاحتياط في الجيش اليمني وجود مقاتلين من جنسيات إثيوبية وصومالية ضمن صفوف الميليشيات الحوثية، مشدداً على أن الجيش تثبت من ذلك في معارك المخا وتعز التي شهدت القبض على مجموعة من أبناء الجاليتين الصومالية والإثيوبية.
وأوضح أن المجموعة التي تم القبض عليها في منطقة المواجهة بين الجيش اليمني والميليشيات الحوثية، بررت وجودها في جبهة القتال بأنه ناتج عن «خطأ بسبب ضياعهم عن الطريق الذي كان عليهم أن يسلكوه بصفتهم مدنيين غير مسلحين»، ليتم نقلهم إلى عدن قبل ترحليهم إلى بلادهم بناء على رغبتهم.
وأفصح قائد قوات الاحتياط، أنه تم الإبلاغ في ميناء رأس علي في شبوة عن وجود أفارقة كان يتم التعامل مع من يلقى القبض عليهم بأسره والتحقيق معه، مشدداً على أن التمرد الحوثي يستغل حاجة بعض الناس للقمة العيش، ويعمد إلى تجنيدهم من خلال إغرائهم بالأموال والطعام لخوض المعارك ضد القوات الشرعية. ولفت الحاج إلى وجود نحو مليون لاجئ من الجنسيتين الصومالية والإثيوبية في اليمن، معتبراً وجودهم حالياً غير مبرَّر بسبب تعذر توفير معسكرات لهم، على عكس السابق عندما كانوا يتوزعون على معسكرين؛ الأول في المخا والثاني في أبين، ما يعني أن الوضع الحالي هو ما جعل ترحيلهم إلى بلادهم حتمياً.
وأكد وجود عشرات الأفارقة في كل جبهة، منهم نحو 200 مقاتل أفريقي على الجبهات الحدودية، فضلاً عن أعداد أخرى موجودة في الجبهات الداخلية، مبيناً أن التمرد استعان بالأفارقة في المعارك، وبخبراء إيرانيين ولبنانيين وعراقيين للتدريب وتطوير الصواريخ ورفع معنويات الميليشيات. وأكد أنه تم إبلاغ المنظمات الدولية عن هذا الوضع واستغلال الحوثيين الوضع الإنساني لهؤلاء الأشخاص، وهو ما يعني أن البلاغ عن المقاتلين المقبلين من الخارج تكرر من قبل الحكومة الشرعية أكثر من مرة.
إلى ذلك، ذكر المحلل السياسي الدكتور قاسم المحبشي خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن التمرد الحوثي عمد منذ الوهلة الأولى للانقلاب العسكري على السلطة الشرعية في اليمن إلى الهيمنة والتحكم بكل عناصر القوة الرسمية والمدنية والأهلية. وقال إن الميليشيات سخّرت كل شيء في سبيل إخضاع اليمن شمالاً وجنوباً للنزعة التسلطية الثورية الميليشاوية محتذية في ذلك بنموذج تسلطية ولاية الفقية الإيرانية وميليشيات حزب الله في لبنان ولم يسلم من هيمنتها اللاجئون القادمون من الصومال وإثيوبيا، إذ حاولت استغلال وضع اللاجئين الإنساني في اليمن لأغراض حربها الانقلابية.
وشدد على أن ميليشيات التمرد تعمدت إجبار النازحين من بلدان القرن الأفريقي، على التدرب على الفنون القتالية المستعجلة قبل أن تزج بهم في مقدمة صفوف ميليشياتها دروعاً واقية وقوة تجبرها على الحرب في ظروف بالغة السوء والقسوة.
وتطرق المحبشي إلى أن ما تتعمده الميليشيات الحوثية من تجنيد أشخاص يعانون الجوع يمثل جريمة ضد الإنسانية، وفق بنود القانون الدولي، لافتاً إلى أن استخدام النازحين والمعوزين دروعاً بشرية يعتبر انتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق اللاجئين إذ يحرم القانون الدولي الإنساني استخدام الأشخاص اللاجئين في العملية العسكرية في البلدان التي يقيمون بها. وتأتي هذه التطورات بعد فترة قصيرة من إطلاق مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين تحذيراً من خطر موت الكثيرين جوعاً في أربع دول، هي: اليمن، الصومال، جنوب السودان، ونيجيريا