علم"المصدر أونلاين" من مصادر في الحزب الحاكم، أن لجنة الحوار المشكلة من المؤتمر الشعبي العام، بخصوص الحوار مع أحزاب اللقاء المشترك، اجتمعت مطلع هذا الأسبوع برئاسة الدكتور عبد الكريم الإرياني، وأقرت دعوة قيادة "المشترك" لمواصلة الحوار على ضوء الاتفاقية الموقعة بين الطرفين (شهر فبراير الماضي). وهي الاتفاقية التي أقر بموجبها البرلمان (شهر ابريل الماضي) تأجيل إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة لمدة عامين، بهدف التحاور الجاد، من أجل استيعاب مجمل القضايا السياسية، بضمنها: قضايا الانفراج السياسي، وإجراء إصلاحات دستورية (بما فيها القائمة النسبية)، بالإضافة إلى تشكيل لجنة عليا للانتخابات. لكن، وحتى كتابة هذا التقرير لم يتلق المشترك مثل هذه الدعوة، حسب تأكيدات حسن زيد – رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى للقاء المشترك. والذي أكد – في اتصال هاتفي أجراه معه المصدر أونلاين - "أنا شخصياً لا يوجد لدي أي علم بهذه الدعوة، كما أن زملائي في المجلس لم تصلهم مثل تلك الدعوة حسب علمي". وتأتي تلك الأنباء، في ظل بروز، ما يمكن اعتبارها مؤشرات جديدة، اتسمت بهدوء حذر خلال الأيام القليلة الماضية، مقارنة بما سبقها من أحداث مختلفة في جوانب عدة، كانت قد ألقت بظلالها على الساحة السياسية، مما نتج عنها توتير العلاقة بين أطراف الحوار، والتي أفضت بدورها إلى بروز بعض التباينات حول طبيعة وشكل الحوار المطلوب، والضمانات الواجب توفرها لمواصلته واستمراره. وبحسب رؤية خاصة لبعض القيادات في المشترك، فإنه "يصعب الحديث عن مواصلة الحوار في ظل عدم تنقية الأجواء السياسية التي تؤدي إلى نجاحه". في تلميح إلى إمكانية عدم قبول المشترك لأي دعوة حوار في الوقت الحالي، ما لم يكن هناك انفراج سياسي، يمكن ملاحظته – على الأقل – من خلال تلمس نية ورغبة حقيقية لدى المؤتمر في حلحلة القضايا السياسية المعقدة التي تمر بها البلاد، والتي زادت وتيرتها تسارعاً منذ ما بعد موافقة البرلمان على اتفاقية الأحزاب بتأجيل الانتخابات(أواخر ابريل الماضي). وبالتحديد، فقد شهد التوتر مداه، بعد ترافق ذلك مع التصعيد الميداني لقادة الحراك الجنوبي في الداخل والخارج.
وخلال الأيام القليلة الماضية، أمكن ملاحظة دخول تلك التجاذبات مرحلة من الهدوء النسبي، حيث خفت حدة المواجهة الإعلامية، بين طرفي الحوار. ترافق ذلك مع إحداث التغييرات الدورية في مكونات القيادة العليا في أحزاب المعارضة، حيث استبدل رئيس المجلس الأعلى للقاء المشترك، وكذا رئيس الهيئة التنفيذية(الناطق الرسمي)، وبقية المكونات، بحسب اللوائح الداخلية، التي تؤكد على دورية الرئاسة بين القيادات كل ستة أشهر..
وربما يمكن اعتبار تصريحات، حسن زيد - رئيس المشترك الحالي - أثناء تواصل " المصدر أونلاين " معه أمس أنها تأتي ضمن هذا المزاج السياسي الجديد. حيث رحب من جهته بأي دعوة لمواصلة الحوار، في رده على السؤال حول إمكانية مواصلة الحوار فيما لو تلقى المشترك، الدعوة لذلك خلال أيام. وأكد بالقول: "نحن لدينا مبدأ غير قابل للجدل حوله: الحوار هو الوسيلة الوحيدة للخروج من الأزمات". وظهرت نبرة الهدوء، والتجاوب مع الأوضاع، من خلال قوله:" نحن شركاء ولسنا خصوماً أو أعداء.. وحتى لو كانت هناك مصالح مختلفة، أو وجهات نظر متعارضة، غير أننا في المشترك، نظل محكومين بأهمية الحوار.. وأنه لابد منه في جميع الأحوال..". وحول إمكانية تحقيق ذلك، في ظل ما كانت وصلت إليه الأمور من تباينات بين أطراف الحوار، قبل أسابيع، ومحاولة كل طرف العمل بآليات سياسية مختلفة عن الطرف الآخر، وتصاعد المواجهات الثنائية عبر التصريحات الصحفية، ومدى تأثير ذلك على أجواء الحوار، قال : نحن، أحيانا، وحرصاً منا على أهمية جوهر ومعنى الحوار، وحتى لا يفقد قيمته، وييأس الناس منه، ويلجئون إلى وسائل وخيارات أخرى.. نشدد على ضرورة أن تكون هناك ضمانات وآليات تضمن لنا تنفيذ مبادئ واتفاقيات الحوار، وذلك حتى لا يكون الحوار من أجل الحوار فقط. وأضاف: وبالتالي فإن تحفظ المشترك الذي دام قبيل الاتفاق على تأجيل الانتخابات، وحتى بعد ذلك، كان بسبب رفضنا اعتبار تلك الاتصالات التي كانت تتم مع بعض القيادات في المشترك، على أنها حوار. ونفى رئيس المشترك، أن يكونوا قد أعلنوا تنصلهم عن الاتفاقية، أو حاولوا العمل على تقويض أسسها، والتهرب من مواصلة الحوار. فيما اعتبر أن بعض تلك التصريحات التي صدرت عن بعض القيادات في تكتلهم المعارض، أنها تدخل في باب حرصهم في المحافظة على قيمة الحوار. لأن المشترك – من وجهة نظره - شعر بأن الحوار تحول لذات الحوار. وشدد على ضرورة أن يثبت المؤتمر الشعبي العام، حرصه على إشراك أطراف العمل السياسي في حل أزمات البلاد، وذلك من خلال تقديمه لضمانات تكون أكثر فاعلية، من شأنها أن تعمل على إنجاح الحوار المطلوب مواصلته. لكن هذا الوضع الجديد، الباعث على ضرورة استغلال مثل هذا الهدوء الحذر، لتصفية العلاقة مما شابها مؤخراً، لم يمنع رئيس المشترك الجديد، من العودة إلى الماضي للاستشهاد به، فقط، من أجل تدعيم مطلبه الأخير، حيث ذكر "زيد" بنتائج الحوارات السابقة، باعتبارها تدخل ضمن رصيد التجربة لديهم، وقال: "نحن نشدد على ضرورة توفر ضمانات أكثر فاعلية، لأنه وعندما كنا نصل مع المؤتمر إلى نتائج معينة، كان يتم الالتفاف عليها أو تمييعها، لنعود من جديد إلى نقطة الصفر". ويعتقد أن المشكلة في ذلك، تتمثل بوجود بعض الأطراف في المؤتمر، قال إنها لازالت مصرة على عدم الاعتراف بوجود مجموعة من الأزمات، التي تستدعي منهم التحاور حولها. وثانياً أن بعض الاتفاقات التي وقعت في السابق، كان المؤتمر ينقلب عليها.
وعن اتهام الحزب الحاكم، للمشترك، بمحاولة التنصل عن الاتفاق الأخير من خلال استمراره في أعمال ما يسمى بلجنة التشاور الوطني، واستشهادهم بنتائج مؤتمرها الأخير.. أكد أن قيام المشترك، بتشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر التشاوري، كانت خطوات ضرورية من وجهة نظر المشترك. وهي قناعة يؤمنون من خلالها أنه "لابد من توسيع قاعدة المشاركة في الحوار لكي تشترك كل الأطراف اليمنية المؤثرة في الأزمة". ولتدعيم وجهة النظر تلك، تساءل: هل بالإمكان أن تحل القضية الجنوبية بدون مشاركة قادة الحراك أو رموز المعارضة في الخارج؟ واستدرك: وحتى لو اتفقت بعض الأطراف في صنعاء.. ومهما كان الحل مثالياً، ولكن بدون مشاركة أطراف الأزمة المؤثرين، فإن الاتفاق لن يكون له أي معنى.. لأن تنفيذ الاتفاق على أرض الواقع، سيكون رهن مشاركة، وموافقة الأطراف المعنية بتلك الحلول. واعتبر أن هذا الأمر، كما أنه ينطبق على ما يحدث في الجنوب، فإنه أيضاً ينطبق على المشكلة القائمة في صعدة. ولذلك يؤكد أن تلك الأطراف، تعتبر أطرافاً مهمة في الحوار "مهما اختلفنا معها أو اتفقنا.. لأنها قوى موجودة ومؤثرة في الساحة، ولابد من الحوار معها". وعلى ذلك الأساس، يضيف : "توجه المشترك للحوار مع تلك القوى عبر اللقاء التشاوري في مرحلته الأولى، وهو لا يزال يسعى للحوار معها من خلال التواصل معها في هذه المرحلة الثانية: مرحلة الحوار. لقد قسم المشترك مراحل عمل مكونه الجديد "اللقاء التشاوري الوطني" إلى مرحلتين. المرحلة الأولى، كانت عبارة عن مرحلة التشاور الوطني، مع كافة القوى الموجودة في الساحة، والشخصيات الوطنية والاجتماعية والمشيخية وغيرها. وهي المرحلة التي انتهى منها بعقد مؤتمره التشاوري الوطني العام في 22- 23 مايو الماضي. بينما أنه بدأ بتنفيذ المرحلة الثانية، وهي مرحلة الحوار الوطني، بعد الانتهاء من المرحلة الأولى التي أفضت إلى تشكيل لجنة للحوار الوطني برئاسة الشخصية الوطنية المعروفة: محمد سالم باسندوه.
ويشدد "زيد" على أنه، وبقية قيادات تكتل المشترك، باتوا اليوم أكثر أيماناً من أي وقت مضى بأهمية إشراك بقية الأطراف والقوى المؤثرة في الساحة. وقال إنه "ومثلما لا يمكن أن يكون الحوار مثمراً، ويؤدي إلى حلول عملية وإيجابية، بدون مشاركة أطراف الأزمة المختلفة، فإنه بالمقابل، لا يمكن أن يؤتي ثماره بدون أن تكون السلطة طرفاً فيه..". ويستدرك موضحاً: لأن المشكلة اليمنية جميع أطرافها يمنيون، ونحن جزء من هذا الواقع، ولابد أن يعمل الجميع من أجل الخروج بحلول تشمل كافة الجوانب وتتفق عليها جميع الأطراف المعنية حتى تكون ملزمة للتنفيذ. وفيما لفت إلى أن الاتفاق الأخير مع الحزب الحاكم، لا يمكن التنصل عنه أو التهرب منه - كما تزعم بعض قيادات المؤتمر - وذلك لكونه قد أصبح ذا طابع دستوري ملزم بعد موافقة البرلمان عليه، اختتم حديثه بالتذكير بما نصت عليه اتفاقية الحوار الأخيرة بشأن تأجيل الانتخابات، من ضرورة تهيئة الأجواء الضرورية لنجاح الحوار، باعتباره الأساس الأول لتهيئة حوار صحي يفضي إلى نتائج سليمة. وقال: إن الاتفاق الموقع بين الأحزاب الممثلة في البرلمان والمؤتمر، والذي أفضت بعض نتائجه إلى التمديد لمجلس النواب الحالي، وبالتالي إلى تأجيل الانتخابات، كان مدركاً لهذا الواقع..ولهذا نص صراحة على "تهيئة الأجواء". وتهيئتها - من وجهة نظره - تأتي بضرورة التوقف عن التصعيد في كافة الجوانب، وقال: نحن لسنا بحالمين، من أنه سيتم حل كافة المشاكل، بعصا سحرية. ولكن لحلها، لابد أن نتوقف عن التصعيد. وحتى تخفف من الاحتقانات القائمة يؤكد أنه يجب على السلطة أن تكف عن الاعتقالات السياسية، كما عليها أن تطلق سراح المعتقلين السياسيين. وبالمثل يجب إيقاف المحاكمات السياسية المستمرة، وكذا الكف عن ممارسة الوصاية على حرية الصحافة.. وغيرها من الاختلالات والاجراءات غير القانونية التي تمارسها السلطة، لأن ذلك يزيد من مضاعفة الأزمات. ومن ذلك، يعتقد أنه، وعلى عكس ما يؤكده بعض مستشاروا النظام من أن مثل تلك التصرفات والسلوكيات الشاذة من شأنها أن تعمل على إسكات أو إخماد المشاكل والأزمات القائمة، "نؤكد مجدداً أن نتائج تلك الإجراءات القمعية سيكون لها أثر خطير في المستقبل المنظور، والتجربة التي مارستها السلطة تؤكد ذلك، وعلى السلطة أن تتعظ، لا أن تتجاهل وتعمل على تأجيل الأزمات..". وفيما لو أن قيادات المؤتمر الشعبي العام، تقبلت هذه التصريحات التي تعتبر هادئة ومخففة، مقارنة بما كان يحدث في السابق، ولم تقم بالرد عليها ومواجهاتها بعصبية وردة فعل سياسية خرقاء، على أساس من امتلاك زمام الأمور، تحت سيطرة الشعور بالقوة بفعل الإحساس القهري بتملك السلطة.. فإن انفراجاً وشيكاً للأزمة القائمة بين الطرفين، يمكن أن يحدث خلال الأيام القليلة القادمة، على الأقل بين جزء مهم من مكونات العملية السياسية في البلاد.