يُبرر أن من حق أي الوزير اختيار مدير مكتبه من يرآه مناسب. لكن السؤال ما المقصود بالمناسب؟ ما هي الصفات التي تجعله مناسب؟ هي صفات تتعلق بالقرابة بأن يكون قريب منه قرابة دم أو عائلية كأن يكون ابنه أو زوج ابنته؟ أم أن المقصود بالمناسب أن ينطبق على الشخص الكفاءات و المهارات و المؤهلات و الخبرة المذكورة مع المهام في التوصيف الوظيفي للموقع.
هناك شروط لتعيين مدير المكتب، مثلاً أن تكون له خبرة إدارية و مؤهل أكاديمي في المجال أو مرتبط به. وزير النفط يعين مدير مكتب من إداريي الوزارة الذين لهم خبرة طويلة في هذا المجال. هل هو اختيار شخصي أم عملية منهجية بخطوات و شروط؟
الأكيد أن من ضمن المعايير و الشروط ليس صلة القرابة و إن كان ممكناً الأخذ بالاعتبار "الثقة"، حيث يبرر من يعينون أقرباء كمدراء مكاتب بأنهم يريدون شخص جدير بالثقة، الثقة التي لا تتحقق بالنسبة لهم إلا بالقرابة العائلية. و هذا ليس صحيح فجميع الوزارات و المؤسسات فيها إداريون جديرون بالثقة و المسؤولية معاً. و التصرف كمسؤول دون ذلك ينعكس سلباً على أداء الموظفين و على الثقافة التنظيمية للمؤسسة.
ثم ماذا عن باقي الشروط المذكورة في التوصيف الوظيفي؟ ماذا يريد من شخص يثق به لكن قاصر في الكفاءة و المؤهل لتولي المكتب؟ قد يقال أنه مؤهل و كفوء أيضاً لكن لا شيء يثبت ذلك إلا أن تكون عملية الاختيار معلنة و تأتي عبر تقديم و مفاضلة و مقابلات و من ثم تعيين.
طبعاً تقديم الثقة على الكفاءة اشكالية تعانيها الايدولوجيات السياسية و انتقلت لمؤسسات الدولة. ربما السبب بالنسبة للإيدولوجيات الخوف من الاختراق بتميزها بالعمل السري، و بالنسبة لمؤسسات الدولة الخوف من خروج ملفات الفساد و العمليات غير المشروعة.
من وجهة نظري، من شروط الثقة الكفاءة، فغير الكفؤ و غير المؤهل هو غير جدير بالثقة حيث سيفرط بها لسد جانب العجز لديه. كما أنه أكثر عرضه للثغرات و مدخل سهل لأصحاب المصالح و الفساد بسبب عقدة عدم الكفاءة لديه.
طالما كان المسؤولون الذي يعينون اقرباء لهم في مناصب حساسة كمدراء مكاتب أكثر عرضه للفساد و الاختراق من غيرهم، فهولاء الأقرباء مدخل سهل للمسؤولين الذي يتخذون لهم القرارات بكل ثقة، كما أنهم يرون أنفسهم غير معرضين للمساءلة من الوزير أو المسؤول بحكم الصلة.
الخلاصة، أن منصب الوزير سياسي و منصب مدير المكتب إداري و هو المسؤول عن تسير و تيسير عمل الوزير اليومي و التخطيط و التنظيم له بما يكفل قيام الوزارة بمسؤولياتها بالشكل المطلوب. و إن كان الوزير مُنح تعيين مدير مكتبه فذلك لأهمية المنصب كونه مسؤول عن تسير عمله اليومي و على الوزير أن يأخذ كل الاعتبارات في عملية الاختيار بما يضمن القيام بعمله على أكمل و أجود وجه. و أيضاً أن يأخذ في الاعتبار الحساسية و الغبن الذي يولده التعيين بالمحسوبية في المؤسسة و المجتمع.