ا صحة ما يتردد بأن هناك محاولات حثيثة من قبل الحكومة لتصحيح اسعار البترول والديزل وخلافه من المشتقات النفطية في الفترة القليلة القادمة رغم ان الظروف الحالية غير مشجعة على ذلك وكلها تصب في الولوج الى ساحات من المحظورات الخطرة، باعتبار ذلك بمثابة صب الزيت على النار، سيما وان هناك من سيكون مسرورا بأن يرى اشتعال النيران في كل جنبات المسرح السياسي علها تحرق اوارها النظام الجديد الذي افرزته ثورة الشباب على انقاض النظام القديم الذي كان سببا رئيسيا لكثير من التعقيدات والمصاعب التي لن تنتهي بجرة قلم. وذلك بسبب الإرث الثقيل الذي تركه على كل مناحي الحياة بما في ذلك سياسة الدعم لمنتجات النفط والذي لم يستفد من تلك السياسة سوى القلة القليلة، والتي كلفت الدولة نحو ثلاثة مليار دولار السنة الماضية وحدها، وهو ما يعادل 30℅ من إيرادات الحكومة و21℅ من الإنفاق العام، وهي سياسة تبتلع ألاموال الطائلة مما يحتاج إليها اليمن ويعتبر في أمس الحاجة لتوفيرها للانفاق على الإستثمار في التعليم والبنية التحتية والصحةعلى وجه الخصوص بشكل سريع عقب تدهور مستوياتها الى درجة غير مقبولة. علما أن نحو 30℅ من إجمالي الإستهلاك المحلي للوقود، وبصفة خاصة البنزين، يتم تهريبه إلى دول في شرق أفريقيا حيث يستفيد المهربون من فوارق الأسعار. الأمر الذي اصبح العهد الجديد في حيرة عن كيفية المعالجة بعد ان أصبح تصحيح الاسعار امرا في غاية الصعوبة في حد ذاته نظرا لنفوذ المتغولين والمنتفعين فضلا عن رغبة المواطن ان تظل الاسعار مدعومة الى ادنى حد .. وهكذا فأن كل حل من تلك الحلول التي امام الحكومة اتخاذها اشبه بدعوتها لتسلق جبال الهملايا رغم عدم رغبة أو استعداد أي أحد من اعضائها حتى مجرد اجهاد نفسه بالتفكير ليس فحسب لإ نعدام اللياقة المطلوبة ..بل حتى ولو في قرارة نفسه في غير حاجة للتسلق .. لادراكه بأن لديه الاجنحة الخاصة والتي تمكنه من الطيران فورا حتى قمة افرست متى قرر ذلك ..! غير انه لايرى ان نجاح تلك الخطوات التي تدعو لها الحكومة تخدم سياسات حزبه او جماعات النفوذ والمصالح التي يمثلها. ومع هذا فكل الشواهد تدلل بأن الحكومة في نهاية الأمر ستجد نفسها مضطرة (مجبر اخاك لابطل ) لتصحيح الأسعار للتغلب على النزيف الذي يزداد توسعا في التهام النزر اليسير مما تبقى من العملة الصعبة، مع تقلص إحتياطيات العملة الأجنبية، وتباطؤ وصول مساعدات المانحين إلى البلاد نظرا لغياب الشفافية وهي مصطلح دبلوماسي للوجه الآخر من معنى الفساد واستمرار تهريب مشتقات النفط احد مواضيعها. وفي حقيقة الأمر .. فأن تصحيح الأسعار لايتضرر منه الشعب او الاقتصاد على المستوى المنظور، فيما اذا كانت هناك معالجات جادة يشعر بها المواطن تؤكد قبل كل شئ بمصداقية توجه الحكومة وجديتها في وضعها حلولا تنهي طول معاناته من خلال خطوات عديدة ليس اقلها على سبيل المثال الانضباط الضريبي ومحاربة التهريب فضلاً عن توحيد اسعار الوقود ..بالاضافة الى تعويض الفئات المجتمعية المتضررة. كما ان من سخرية القدر ان المتضرر الوحيد بشكل رئيسي هم مجموعة الديناصورات التي استفادت تماما منه، منذ زمن ظهور النفط وهو حق كما تعتقد .. لايمكن التفريط فيه.. فهي سترى بان أي قرار لتصحيح اسعار النفط، من شأنه ان يقلل عائدات مبيعاتهم بملايين الدولارات، بسب ضيق هامش الربح في حالة رفع او تصحيح اسعار النفط عند تهريبه وبيعه عبر البحر ..؛ أو في حالة لجوء الحكومة الى توحيد اسعاره التي تباع على ثلاث مستويات مختلفة من الاسعار تحت مخرجات ومسميات ونسب معروفة.! وهذا الجانب ايضا لابد وان يواجه بالرفض القاطع من قبل المتنفذين لأي نية بهذه الخطوة والتي من شأنها ايضا ان تقضي على العوائد الطائلة نتيجة هذه السياسة المتبعة والتي اعتادوا عليها منذ نعومة اظفارهم ردحا طويلا من السنوات، مما يعني في حكمهم قطع العادة عداوة..!! غير ان الاعتقاد انه ليس امام الحكومة اليوم الا ان تبحث عن حلول اوليه ٱولاها توحيد اسعار النفط في الداخل، كما جرى توزيعه منذ زمن بعيد باسعار مختلفة على ثلاثة مستويات على النحو التالي ؛ * سعر زهيد لاصحاب المصانع تشجيعا للصناعة ..ولكن يقال بان تلك المصانع لو انها قامت ببيع حصصها من الديزل والبنزين لكانت ربحت اضعاف ماتنتج من تلك المصانع الوهمية. * سعر منخفض للمحطات الكهربائية للمحافظة على اسعار الطاقة الكهربائية ..وعملية ضبط أو مراقبة كاملة للتأكد من أن تلك الكميات تذهب الى وجهتها الصحيحة. وهي عملية هي الأخرى غاية في الصعوبة. * سعر لاصحاب المحطات وللشعب ...ناهيك عن تلك المخصصات الكبيرة جدا جدا لقطاعات أخرى وقيادات وشخصيات اعتبارية. هذه الأسعار فيما لو توحدت لكانت وفرت بدون شك ملايين الدولارات لخزينة الدولة ولكانت عالجت الكثير من معاناة عدد كبير من سواد الشعب المتضرر من رفع الاسعار .. بدلا من استحواذ واستيلاء ديناصورات لايصل عددها بضعة افراد يستولون على ملايين الدولارات شهريا من دون وجه حق، في مقابل شعب يتلظى بكل تعداده السكاني الكبير. فضلاً عن أن سياسة الدعم يثير تساؤلات عما اذا كانت ما تقوم به الحكومة لازال متوائما مع بداية دخول ومصادقة بلادنا على اتفاقية الجات المعنية بتحرير التجارة..والتي ستدخل حيز التنفيذ قريبا. ومع الإقرار عموماً ان مثل هذا القرار ليس بالبساطة تنفيذه .. ليس لأن الحكومة توافقية وانما لأن بعض اعضاء الحكومة في نهاية الأمر يمثلون تداخلات مع اصحاب المصالح والنفوذ والتأثير .. إن لم يكن العديد منهم ضالعا في الشراكة أو موصى أو حصل على تزكيته من قبلهم او منفذون لسياسة احزابهم مباشرة.