مساء البارحة نمت متأخرا كالعادة بعد منتصف الليل مباشرة عقب ان هجع هدير مواطير الكهرباء التي تلف حارتي التي كانت هادئة قبل ان تستجلب اليها مئات المواطير الصينية المتواضعة في الاداء والخانقة في التلوث والمزعجة باصواتها المرتفعة، والتي حلت ضيفا ثقيلا عقب خروج المحطة الغازية في مأرب إثر تكالب ضربات جيل كلفوت الاول والاجيال اللاحقة المطورة من حيث التخريب وسعته وطول وقت اصلاحه وصعوبته.. وان كانت كلها ضربات متوالية انهكتها واخرجتها عن جاهزيتها عدا ساعات قليلة مقطوعة النفس. كان آخر ما قرأته في صحف ٱون لاين وقبل دقائق معدودة من ان يعلن الشاحن الكهربائي ايذانا بفراغه، هي التطورات المتضاربة لما يجري في عمران بين الحوثيين والاصلاحيين والجيش الى عناوين كبيرة بأن الاصلاحيين يدعمهم الجيش يتجمعون باعداد كبيرة من القوات لحماية" دار الحديث " بعد ان دخل انصار الله المدينة فعليا والخوف ان يقوموا بتفجيره اعلانا بسقوط عمران .لم يكن الخبر ملفتا بقدر ما ساءلت نفسي كم دار حديث يحتاج انصار الله لتفجيرها ..؟ كم كنت غبيا لاعتقادي ان هناك فقط دار حديث أوحد في دماج وكان عمره اكثر من ثلاثين سنه وقد شاهدته بام عيني منذ 30 عاما، وهو يتطور في ايامه الاولى من خيام متلاصقة تقطنها وجوه غريبة من كل جنسيات العالم ..! فكيف له ان يفرخ ويتناسخ بهذه السرعة بعد التفجير الاول..! فقد سمعت ان دورا كثيرة فجرت خلال الاسابيع الماضية والتي تشكل حلقات دائرية تلف صنعاء.. هل هذه الدور بدلا عن الدار الواحدة التي كانت في دماج..؟ قال تعالى (وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)، لقد كانت هذه الآيه الكريمة هي آخر مامر أمام عيني قبل ان ادخل في كابوس طويل هو عنوان هذا الموضوع . وهو ما سوف انقله في الحلقة القادمة ان شاء الله. (2) رأيت فيما يراه النائم فجأة وانا استقل سيارة أجرة تعودت منذ فترة ان استخدم هذه الوسيلة عند تعذر الحصول على البترول في مشواري اليومي للعمل، كان أول ما انتبهت اليه انني لم اعد اتذكر هل اتفقنا على مبلغ المشوار لأن كل يوم، تصعد بورصة التسعيرة، وفقا لأطوال الطوابير امام محطات الوقود، واصحاب التكسيات وهم غير ملامين في ذلك، باعتبار ان وقتهم يقضونه موزعا مناصفةبين انتظار دورهم للوقود او في توصيل الزبائن. لاحظت في البداية من زجاج السيارة وهي تمرق بانسياب كامل في السبعين في اتجاه شارع الستين حيث وجهتنا منطقة عصر، انها لم تستوقفنا نقاط تفتيش وكان هذا هو الاستغراب الثاني بالنسبة لي. ولذا فقد حاولت ان استفسر من السائق عن سبب عدم وجود النقاط الامنية رغم ان الوضع متفجر في عمران أكثر من أي وقت مضى، التفت السائق الى الخلف باندهاش، ماهو ياخبير ..؟ ادركت من اسلوب استغرابه علي انه من المناطق الشمالية الشمالية .. مضيفا، يبدو الصنو عاده وصَّال..؟ اجبته لاشعوريا وبسرعة وقد تملكني بعض الاحساس بانني احد اصحاب الكهف ..!! نعم ياخبير وصلت البارحة من خارج البلاد، قال ما أقول لك الا خير .. أمانه الدنيا سبور من يوم ما اصحابنا الاصلاح فقدوا نفوذهم في عمران وسبَّروا طبيعتهم ودخل انصار الله الحكومة كل شئ على مايرام ولا عاد والله سمعنا قارح من ذاك اليوم . قاطعته وكيف تم كل ذلك.. التفت الى يمينه في اتجاه محطة الوقود وهو يقول ما بترى كيف المحطة فاضية من الزحمة، اليوم الحمدلله البترول والغاز متوفر والماء والكهرباء 24 ساعة . امانه لو تعرف كم ياملاكده ومخباطي يوقع كل يوم عند المحطة ما المفارع الا يفارع ماعاد نفعت الشرطة مابلا كان كل واحد وصميله. اليوم نعمة ..بيني وبينك طلع ذيه هادي ميه من تحت تبن ..أمانه وقع رجال وذيب .. قلت له ..كيف ..؟ قال هو سياسي محنك خلط الذره مع الشعير مع البُر مع الفيِّد ..وطلع حكومة وزراء من الاصلاح وانصار الله والحراك والمؤتمر والاشتراكي ..وكم أعد لك من الاحزاب الاخرى .. المهم انه اعطى لانصار الله الاعمال اللي تشتي القطبة والسهر في الطرقات والرقابة على الاسعار والتجارة امانه انه وقع رمضاني ما احلى منه كل شئ متوفر وباسعار معقولة .. وخلَّا رئيس الوزراء يراقب كل واحد وعمله والكل اخترج ..اليوم والحمدلله البلاد آمنه ومستقرة لا تقطعات لا في شرق البلاد ولا غربها ولا عاد سمعنا بقاعدة ولاشئ .. وهو يلتفت الي ويقول انت داري امانه انه صحيح الصميل خرج من الجنه قاطعته قصدك العصا .. واصل وكأنه لم يسمع .. واحنا شعب بيني وبينك نحتاج نظام ولا البعض مايخطى سوا.. وهو يواصل كلامه وانا اقلب الامور اخماس واسداس واسأل نفسي، ياترى كم غبت عن البلاد .. ؟ عندما لاحظ صمتي ولم اعلق قال أنت عارف انا من صعدة واحنا قد تعودنا على الوضع كنا متخوفين من الحوثي لكن احنا زيكم نسمع به لكن من يقوم بالعمل هو المحافظ وكادر الدولة وقضاتها ورجالاتها من السياسيين الكبار وقياداتها العسكرية ورجال الامن..وكل شئ تمام التمام اليوم اسافر من صعدة الى صنعاء في اقل من اربع ساعات لامطب ولا نقطة ولا تقطع بامان الله والدولة والجمهورية المباركة ..اليوم بالفعل .. بينما كنا نهم السفر من التقطعات والنقاط ونحتاج الى يوم كامل ..وبينما هو يواصل حديثه اذ بانفجار يهز مسامعنا .. وهنا يتبخر كل الحديث الغريب .. لأقفز مرعوبا من على السرير.. مستيقظا.. من حلم ليلة ذات صيف ..!!