سمعنا قبل ايام قليلة مضت عزم الحكومة الشرعية طرح الدستور اليمني الجديد المنبثق عن مخرجات الحوار الوطني لاستفتاء شعبي، وفي الحقيقة كان الخبر مفاجئاً بل وصادما لكثير من المتابعين. تلى هذا الخبر تصريحات رئيس الحكومة الشرعية استعدادها لاعلان حضرموت اقليما مستقلا كجزء من الاقاليم الستة التي ستكوّن شكل اليمن الاتحادي الجديد، والمبرر كان محاولة تجنب دعوات الانفصال في الجنوب عامة وحضرموت خاصة. رئيس الوزراء بن دغر الذي ينحدر من محافظة حضرموت وحكومته ترى انه لتجنب دعوات الانفصال فالحل يبدأ من حضرموت باعلانها اقليما مستقلا وفي هذا الوقت الحرج بالذات، وتناسى ان من يريد الانفصال لن يقبل البتة بشكل الدولة الاتحادي الفدرالي. بعد ذلك بيومين سمعنا عن توافق بين محافظي محافظات اقليم سبأ ( مأرب والجوف والبيضاء ) عن بدء العمل بالاقليم واختيار محافظ محافظة مأرب سلطان العرادة رئيسا له. صحيح ان شكل الدولة الاتحادي بما يحتويه من مبادىء اللامركزية والتقاسم العادل للسلطة والثروة هو حلم يتوق اليه اغلب ابناء اليمن، ولكن لا يمكن بأي حال من الاحوال اقراره قبل اجراء استفتاء شعبي على الدستور، وهنا نشدد على اجراء الاستفتاء على الدستور قبل اقرار الاقاليم حتى نعطيها صبغة شرعية وشعبية حقيقية، ويكفينا ان الرئيس هادي فرض كمرشح توافقي وحيد لا خيار غيره. يجب الانتهاء اولا من صياغة الدستور، و عمل سجل انتخابي الكتروني، ومن ثم الاستفتاء على الدستور شعبيا، ويجب ان يكون هناك فترة اشبه بالفترة الانتقالية ( يسودها أمن واستقرار ) تنتقل من خلالها الدولة من شكلها البسيط الى الدولة الاتحادية الفدرالية، يسبقها بالطبع اصدار تنظيمات وتشاريع تهيئ عملية الانتقال، يأتي بعد ذلك الاعداد للانتخابات بعد تشكيل اللجنة العليا للانتخابات، واجراء الانتخابات. وكل ذلك مذكور في وثيقة الحوار الوطني الشامل المتفق والموقع عليها من جميع الاطراف في صنعاء. لكن كلنا نعرف تماما استحالة اجراء استفتاء شعبي على الدستور في الوقت الراهن، فالبلد في حالة حرب اهلية، وعلى شفا مجاعة، وطرفا النزاع عاجزون عن تسليم رواتب موظفي الدولة، وبالتالي فالحديث عن اجراء استفتاء على الدستور الان هو ضرب من الجنون. برأيي ان ما يتوجب على الحكومة الشرعية اولا ومن اول اولوياتها هو انهاء الانقلاب الذي يكلف البلد كثيرا، اما بالحسم العسكري، او سياسيا عن طريق اجبار الانقلابيين بالقبول بقرارات مجلس الامن وتنفيذها. ان قرارات الحكومة الشرعية الاخيرة المتمثلة بنقل البنك المركزي اليمني الى عدن، وبالبدء في تدشين الاقاليم، لا تعتدوا عن كونها محاولة ذر الرماد في العيون وصرف انظار الجماهير عن الهدف الحقيقي المتمثل في انهاء الانقلاب.