كم هي مثيرة حياة الملازم البطل عبد الله اللقية ابن همدان الذي ولد العام 1930 في صنعاء القديمة وعاش في خضم ثلاثة احداث جسام شهدتها بلادنا خلال الربع الثاني من القرن الماضي على الرغم من انه رحل عن عمر 31 عاماً فقط . شارك في الحركة الدستورية العام 48م ضد الإمام يحيى وكان عمره حينها 18 عاماً حيث كان في الجيش ، واثرت فيه شخصية جمال جميل كثيراً ، كما اعتقل وتعرض للتعذيب ، وبعد خروجه من السجن فصل من الجيش كعقاب . عقبها عمل لسنوات في قسم الكشافة في مستشفى تعز، ثم عاد الى الجيش بتذليل ووساطة من رفيقه الثلايا . ولئن اعتقل في سجن حجة على إثر حركة الثلايا ، فقد نجا من الموت و أفرج عنه مع بعض المعتقلين السياسيين .. يعد اللقية بشكل خاص من انضج الضباط الشباب في الجيش حينها واشجعهم . التحق بمدرسة الأسلحة العسكرية وتخرج منها عام59 كما عمل مدرباً عسكرياً في (فوج البدر) الفوج الذي تأسس من ضباط عصريين ليكون بشكل متقدم عن كل تشكيلات الامامة العسكرية السابقة وكان قائده السلال .. الارجح ان اللقية كان على صلة بتنظيم وطني ذو هموم تحررية هو الضباط الاحرار .
وتفيد عديد مؤشرات انه كان وثيق الصلة بحمود الجائفي وعبد السلام صبره وعلي عبد المغني وجزيلان .. فوق ذلك تزعم رفقة الشهيد العلفي كما هو معروف الخلية التي اطلقت الرصاص على الطاغية احمد بن يحيى حميد الدين في مستشفى الحديدة وكان حينها معيناً كضابط في الميناء العام 61 .. ثم إثر العملية تم اعتقاله وترحيله الى تعز و ايداعه قفص الاسد ، وبالتالي تعرضه للتعذيب الشديد حتى« ادمى جسمه وخاس جسده» الى قبل يوم من اعدامه بشهادة الاستاذ محمد اليازلي الذي كان في ذات السجن حينها .
ولقد ذكر العميد محمد علي الأكوع ايضا أن ولي العهد محمد البدر، كان يطعن جسد اللقية بالسيف ليدلي بأسماء زملائه لكنه استمر في اعترافه الوحيد كونه المسئوول الاول والاخير عن العملية حتى وهو في ساحة الاعدام . واضحٌ ان حياته السريعة مليئة بالدلالات الثورية المتأججة ، كما يحق للتاريخ ان يستجلبها دائماً وينصفها . رحم الله اللقية الذي كان يلوذ بيمنيته كلما استشرت المكائد .. اللقية الغريب .. اللقية المغامر.. اللقية المبرمج على احترام كينونة الشعب .. اللقية الذي كان حراً واستثنائياً وعاشقاً صارماً وحقيقياً لهذا الوطن . ترى من يصدق ان جثة الشهيد عبد الله اللقية لاتزال حتى اليوم مجهولة القبر . !