بخلاف المعارك السابقة، يبدو أن الجيش الوطني بدأ التحرك فعلياً لحسم المعركة ضد مليشيات الحوثي وصالح الإنقلابية، بعد مرور أكثر من عامين على انطلاق عاصفة الحزم العربية. ويقود نائب الرئيس، الفريق الركن علي محسن الأحمر المعركة الحالية، نظراً لأهميتها ولكونه قد شارك في حروب كثيرة ضد المليشيا إبان حكم الرئيس السابق علي صالح، كما أن الشرعية بدأت تنظيم صفوفها عبر تغيير عدد من القيادات العسكرية، لعل أبرزها الإطاحة برئيس هيئة الأركان السابق محمد المقدشي، وإبداله بالقائد العسكري البارز طاهر العقيلي مؤخراً. تحرك الشرعية الراهن يأتي مسنوداً برؤية جديدة لإدارة الصراع العسكري، نظراً للضغوط الدولية التي حالت دون بدء عملية عسكرية لتحرير الحديدة أو العاصمة صنعاء، ما دفع بالشرعية الى وضح خطة بديلة تستهدف عزل صعدة تماماً عن محيطها وقطع كافة الطرق والمنافذ المؤدية من وإلى المدينة التي نشأ فيا التمرد الحوثي. الخطة تتنبأ أيضاً بإمكانية تنفيذ صالح انقلاباً تاماً وناجحاً على ما تبقى من تواجد عسكري لسلطة الحوثي داخل صنعاء بمجرد اكتمال دائرة الحصار على صعدة من جميع الجهات، مستغلاً حجم التأييد الشعبي المتزايد لصالحه بسبب تراكم الغضب الجماهيري نحو المليشيا التي أمعنت في تجويع وإنهاك سكان العاصمة. بحسب الخريطة السابقة فإن الشرعية بدأت بتنشيط آلياتها ومدافعها في محيط صعدة أو مناطق مجاورة لها وإرسال قطع حربية ثقيلة وبأعداد ضخمة الى تلك المناطق المتاخمة للمدينة، بالتزامن مع تكثيف مقاتلات التحالف العربي غاراتها في تلك المناطق، كمدينة ميدي بمحافظة حجة، أو مدينة حرض المحاذية لصعدة. وبما أن الطريق الرابط بين اليتمة في الجوف والبقع في صعدة متوقف منذ أكثر من عام، ويفضي طرفاه إلى جبهات قتال بين قوات الشرعية والانقلاب. وبما أن منفذي محافظة صعدة مع السعودية في علب باقم وخضراء البقع مغلقان منذ بداية حرب «التحالف»، فإنه يتبقى منفذين اثنين من وإلى صعدة أولهما الطريق الواصل بين حجة وصعدة عبر مثلث عاهم، وكذا طريق صعدة – عمران – صنعاء. ولهذا تتحرك الشرعية في مسارين اثنين: 1- السيطرة على "مثلث عاهم" نفذ التحالف العربي فجر الإثنين، ال14 من سبتمبر الجاري، هجوماً مباغتاً وكبيراً من جيزان على حرض، مستحدثاً جبهة جديدة شرق ميدي شمال محافظة حجة. وحدات سعودية وإماراتية وسودانية ويمنية قَدِمت من داخل جيزان، وتوغلت إلى وادي بن عبد الله شمال حرض، مسنودة بغطاء جوي استهدف مواقع الحوثي. 30 كم من وادي بن عبد الله في شمال حرض إلى مثلث عاهم هي المسافة التي يهدف «التحالف» إلى قطعها والوصول إلى المثلث الذي يفضي إلى صعدة وحجةوعمران، وفي حال السيطرة عليه، ستتوقف الحركة بين صعدة وحجة. وإلى الغرب من مثلث عاهم، تتمركز قوات الشرعية في ميدي على مسافة 15 كم من المثلث، الذي بات هدفاً ل«التحالف» من مسارين. 2- حرف سفيان الجزء الثاني من خطة اللواء علي محسن يتضمن قطع الطريق الرابط بين صعدة وصنعاء من مديرية حرف سفيان في عمران. لواء عسكري قَدِم من شرورة إلى الجوف قبل أيام، وشاحنات تتقاطر من السعودية عبر منفذ الوديعة باتجاه حزم الجوف، تحمل عربات قتالية ومدافع صارت تُعرف في أوساط قوات الشرعية ب«مدافع جهنم» لطول مداها ودوي قذائفها. ويعتبر سوق الإثنين في مديرية المتون بالجوف الحد الفاصل بين قوات الشرعية والحوثيين. ومن السوق طريق يربط الجوفبعمران إلى مثلث حرف سفيان، حيث الطريق الرئيسي بين صعدة وعمران، ومنها إلى صنعاء، وهو طريق إسفلتي وترابي من سوق الإثنين في الجوف إلى الحرف يُقدّر طوله ب40 كم. يستهدف «التحالف» من وراء تقدم قوات الشرعية الوصول إلى مثلث الحرف لقطع الشريان الرئيسي لصعدة. فهل ينجح الجنرال محسن في تطبيق هذه الخطة؟