مقالات محمد مصطفى العمراني قصة قصيرة منذ شرائي لهذا الكتاب لاحظت أمرا غريبا ، وهو أنني كلما بدأت أقرأ فيه ولو عدة صفحات من الكتاب كلما هجم علي النوم ، ولذا أخذت الكتاب إلى غرفة النوم وصرت قبل النوم أقرأ فيه عدة صفحات وأنام .! في البداية كنت أشك في الأمر ، لعلي أذهب إلى الفراش وأنا مرهق فما إن أبدأ بالقراءة حتى أنام ، لكن شكوكي تزايدت عندما بدأت أقرأ في الكتاب في غير وقت النوم فإذا بي أتثاءب وأذهب في النوم .! رويت هذه القصة لكل من في البيت ، وفي البداية لم يصدقوني لكن الذي حدث أكد حديثي فكل من قرأ الكتاب هجم عليه النوم .! وانتشرت هذه القصة في الأسرة ، وكلما أصاب الأرق بعض الأقارب ، كلما أتصل بي يطلب الكتاب ، المشكلة أن بعضهم يتصل بي بعد منتصف الليل وأنا أغط في نوم عميق ليطلب مني الكتاب لينام .! يا أخي أنت أيقظتني من النوم .! أحمد الله أنك نمت ، أنام لم أنم . وما ذنبي أنا حتى تزعجني الآن ؟ هات الكتاب المنوم يمكن أقرأ فيه وأنام . تحول الكتاب إلى مصدر إزعاج لي فكل الناس يسألون عنه ويستفسرون عن قصة الكتاب ، وما هو المكتوب فيه ، وبعضهم جاء إلى المنزل ليرى الكتاب ويجرب القراءة فيه .! جارنا وهو مثقف وأكاديمي لم يستوعب الأمر ، وفي المقيل جاء وجلس معي وتحدثنا ، ثم لم يلبث أن سألني عن الكتاب ، ناولته الكتاب فقرأ منه عدة صفحات وحين لم ينم قال لي وهو يضحك : أرأيت قرأت الكتاب ولم أنم ؟! تعجبت ثم ذهبت إلى الداخل ، وحين عدت صعقتني المفاجأة ، لقد نام بسرعة مخيفة ، كان يشخر ، وقد سقط الكتاب من يده ، فمه مفتوح ، ورأسه ملقى إلى الخلف ، كأنه تعرض لجرعة تخدير سريعة المفعول .! هززته بعنف فقام يهذي ، وجمع حاجاته ، ومضى وهو ينظر لي بشك وارتياب ؟! ما ألمني أنه وهو يغادر المنزل جعل يصيح : " ولا يفلح الساحر حيث أتى " . كررها حتى أختفى صوته . لقد اتهمني بممارسة السحر وهذا ما لم يخطر لي على بال . وفي إحدى الليالي المطيرة وأنا أغط في نوم عميق أيقظتني طرقات عنيفة على الباب وحين سألت الطارق صاح في بصوت أجش : أفتح لم أعرفه لكنني تماسكت وفتحت الباب فاندفع صاحب المنزل بقميص نومه قائلا : هاته هيا الإيجار سأدفعه آخر الشهر صرخ في وجهي : هات الكتاب ناولته الكتاب فأخذه ومضى . لقد جلب لي هذا الكتاب مشاكل أنا في غنى عنها .! في اليوم الثاني ذهبت إليه وسألته : هل نمت ؟! قرأت نصف صفحة ونمت على طول وأضاف : هذا الكتاب لن يخرج من عندي كلما أريد النوم سأقرأ فيه لقد أسقط في يدي ، بعد أن قرر صاحب المنزل مصادرته علي ، فاجأني بقراره ولم أدر ماذا أصنع ؟! في اليوم الثاني ذهبت إلى المكتبة واشتريت نسخة جديدة من ذلك الكتاب ، وحين أصبت بالأرق سارعت إلى الكتاب أقرأ فيه لأنام ، ولكني بدلا من أن أنام بعد قراءة عدة صفحات إذا بي أقرأ صفحات وصفحات ، ومر الوقت سريعا وإذا بي أٌقرأ نصف الكتاب وأنا في غاية المتعة والتركيز .! واصلت قراءة الكتاب لعلي أنام ولكن دون جدوى ، لقد قرأت الكتاب كله ومع هذا ما زلت مستيقظ .! لعل في ورق ذلك الكتاب مادة عطرية منومة من يشمها ينام ؟ هكذا حدثني طبيب بعد أن سمع بقصة الكتاب وبدا تفسيره للأمر معقولا ، طلب رؤية الكتاب وفحصه لكن الكتاب كان قد أستولى عليه صاحب البيت ، وأنا لا أريد الصدام معه فقد تعبت كثيرا حتى حصلت على هذه الشقة ، ولا أريد مشاكل مع صاحب البيت . ورغم أن صاحب المنزل قد أخذ الكتاب إلا أن طلبات الكتاب ما تزال تتواصل ، هناك من يزورنا ليرى الكتاب ، وهناك من يتصل ، وهناك من يسألني عند رؤيتي مما اضطرني لكتابة لافتة على باب الشقة " الكتاب المنوم لدى أحمد عامر في الطابق الأعلى " . بعدها توجهت أفواج الساهرون نحو شقة صاحب البيت حيث نال نصيبه من الإزعاج حتى فاض به الكيل فطرق بابي ذات مساء ورمى في وجهي الكتاب وهو يصرخ : خذ كتابك شغلونا خلق الله عليه مزق اللافتة التي تؤكد أن الكتاب لديه ومضى وهو يشتم وأنا ساكت . عاد إلي الكتاب ولم تمض سوى ساعة حتى طرق الباب بقوة ، فتحت وإذا بي بمجموعة من الجنود الذين اقتادوني مع الكتاب إلى سيارة الشرطة ، وهناك عصبوا على عيني ومضينا ، حاولت أن أسألهم إلى أين سنمضي ؟ ولكنهم ألتزموا الصمت ، وبعد ساعة نزلنا في حوش كبير ثم صعدنا في قصر فخم جدا ، تعرضت للتفتيش عدة مرات حتى وصلت إلى مجلس فخم ، جلست على كرسي وجاؤوا إلي بالقهوة شربتها ، وبينما أنا غارق في هواجسي وتفكيري أطل علي هو فألجمتني المفاجأة ، لقد كان هو ، صوره تملأ الصحف والشوارع ، وأخباره في كل مكان .! هات الكتاب قرأ صفحات منه ثم أبتسم وغط في نوم عميق على الكرسي . خرج من خلف الستار بضعة أشخاص أشاروا لي بأن أصمت وأغادر المكان بهدوء . عصبوا على عيني وأعادوني من حيث أتيت ، وبعدها كل من سألني عن الكتاب ابتسمت ولا أجد إلا الصمت .! 1. 2. 3. 4. 5.