يعاني النازحون من محافظة عمران، شمالي اليمن، جراء مواجهات قوات الجيش مع مسلحين حوثيين، أوضاعاً إنسانية مأساوية، في ظل الأحوال الصعبة التي تعيشها البلاد بشكل عام جراء ارتفاع الأسعار وضعف الكثير من الخدمات المهمة مثل الكهرباء والمياه والمشتقات النفطية. ونزحت أعداد كبيرة من الأسر خلال أسابيع ماضية من محافظة عمران إلى العاصمة صنعاء بسبب الاشتباكات العنيفة التي اندلعت بين قوات اللواء 310 التابع للجيش اليمني ومسلحين حوثيين، وانتهت قبل نحو أسبوعين بسيطرة الأخيرين على المحافظة بعد قتل قائد اللواء العميد حميد القشيبي. ويشكو هؤلاء النازحون من ضعف الاهتمام الحكومي، وشبه غياب للمنظمات الإغاثية، وهو ما جعل أوضاعهم تزداد سوءاً يوماً بعد يوم. "قررنا النزوح حفاظا على حياتنا من الخطر بعد أن اقتحم الحوثيون منازلنا في مدينة عمران"، يقول حميد صُلاعي، أحد النازحين جراء المواجهات التي دارت خلال الأسابيع الماضية في مدينة عمران. وأضاف صُلاعي لوكالة الأناضول أنه نزح إلى العاصمة صنعاء قبل أسابيع مع عدد من الأسر إلى عدة مناطق في العاصمة "حفاظاً على حياتهم من الخطر جراء استهداف الحوثيين للمنازل". وأشار إلى أنه نزح مع 27 فرداً من عائلته إلى صنعاء، وباتوا جميعها في غرفتين فقط في أول أيام النزوح، قبل أن يقرر استئجار شقق لهم. وأوضح صلاعي أنه يعاني وأسرته أوضاعا اقتصادية صعبة، في ظل قلة الأثاث ومستلزمات الحياة وضعف الدخل المادي بعد أن ترك مزرعة كان يملكها في عمران حفاظاً على حياته وأسرته. وتابع أن "مواطنين آخرين قرروا النزوح من مدينة عمران بعد أن تعرضوا لاستفزازات وتهديدات من قبل الحوثيين باقتحام منازلهم وتعريض حياتهم وأسرهم للخطر". وطالب الحكومة ومنظمات الإغاثة المحلية والدولية ب"الدعم العاجل للنازحين الذين قال إنهم يعانون أوضاعاً مأساوية بشكل كبير". واختتم بالقول إن "الكثير من النازحين لم يتلقوا أي دعم حكومي أو إغاثة من المنظمات المحلية والدولية"، بحسب قوله. ووفقاً لإحصائية تابعة للوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن (حكومية) حصلت عليها الأناضول، فقد "تجاوز أعداد نازحي المواجهات في عمران 20 ألف شخص يتركز معظمهم في منازل بمناطق متفرقة بصنعاء أهمها "دارس، وجِدر، والصافية، ومذبح، من بينهم أكثر من 50 أسرة تعيش في مدرسة حكومية بمنطقة ذهبان، شمالي صنعاء". وقال مصدر في الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، فضل عدم نشر اسمه، إن "أوضاع النازحين في غاية الصعوبة بسبب بطء تقديم المنظمات الدولية المساعدات العاجلة لهم"، مناشداً مختلف المنظمات الإنسانية "تقديم المساعدات بشكل عاجل وخصوصاً للأطفال والنساء والشيوخ". وأضاف لوكالة الأناضول أن "مسألة عودتهم إلى عمران تعتمد على عودة الدولة لممارسة مهامها في المحافظة بشكل رسمي وخروج الحوثيين منها". وتابع: "الوحدة التنفيذية تقوم بالتنسيق وحشد الدعم والمساعدات وتقديمها للنازحين بعد تسجيل أسمائهم، والإشراف المباشر على مدرسة النجاح في منطقة ذهبان التي يسكن فيها أكثر من 50 أسرة بتوفير المساعدات الغذائية والإيوائية لهم بشكل يومي". وناشدت وزارة حقوق الإنسان اليمنية، مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمات الإنسانية سرعة تقديم مواد إغاثية للنازحين جراء المواجهات في عمران. وفي بيان لها، اعتبرت الوزارة في17 يوليو/ تموز الجاري أن أوضاع النازحين من محافظة عمران إلى العاصمة صنعاء "مأساوية". من جهتها، أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر (غير الحكومية) في 20 يوليو/ تموز الجاري أنها تعمل على تزويد النازحين والمستشفيات في محافظة عمران بالدعم اللازم والإمدادات الحيوية لتقوم بدورها في معالجة جرحى المواجهات التي وقعت بالمحافظة. وذكر منسق أنشطة الحماية في اللجنة، فريد شرابية، في بيان صحفي حصلت الأناضول على نسخة منه، أن "اللجنة عملت بالتعاون مع وزارة الصحة وجمعية الهلال الأحمر لتسيير ونقل جثث من عمران إلى صنعاء ومحافظات أخرى، وبلغ عدد من نقلتهم 71 جثة من مستشفى عمران العام إلى مستشفيات في صنعاء بناء على طلب العائلات". ودارت مواجهات بين مسلحين حوثيين وقوات اللواء 310 التابع للجيش في عمران خلال الأسابيع الماضية، أسفرت عن سقوط مئات القتلى والجرحى من الجانبين، على خلفية اتهام الجيش للحوثيين بمحاولة التوسع والسيطرة على مناطق في المحافظة بقوة السلاح. فيما يقول الحوثيون إنهم في ثورة شعبية في المحافظة من أجل إزاحة اللواء الذي أصبح يشكل توتراً فيها أكثر من الاستقرار. وكانت لجنة وساطة رئاسية مكلفة بإنهاء النزاع أعلنت في 22 يونيو/ حزيران الماضي توصلها إلى اتفاق لإيقاف المواجهات، وهو الاتفاق الثاني خلال الشهر الماضي بعد اتفاق تم الإعلان عنه مطلع الشهر ذاته، وأوقف المواجهات لأيام محدودة، قبل أن تنفجر مجدداً وتتجاوز عمران إلى مناطق تابعة للعاصمة. وبعدها، سقطت محافظة عمران بالكامل، قبل نحو أسبوعين في أيدي الحوثيين، بعد هزيمة اللواء 310، ومقتل قائده العميد حميد القشيبي.