على مدى الأيام الستة السابقة لعشية إعلان الحكومة الجديدة، لم يكن يتحرك أي مؤشر في البلاد بالاتجاه الايجابي، إلا رقم واحد، وهو عدد متابعي ومعجبي صفحة أ.خالد بحاح، رئيس الوزراء المكلف. كان كل شيء في البلد جامداً لا يتحرك، وإذا تحرك، فبالاتجاه السلبي. كل شيء في البلد معطل،: السياحة، التجارة، الصناعة، حركة المطارات، حركة الموانئ والسفن، خدمات الدولة في مختلف المجالات.. كل شيء إما متوقف تماماً، أو في مستوياته الدنيا، بما في ذلك معنويات الناس. لا شيء يمر في الشارع سوى المشيعين للجنازات الكبيرة والصغيرة.. يختلف عدد المشيعين بحسب مكانة الراحلين، وبحسب حجم الفاجعة.. الرسائل القصيرة الواردة عبر الشبكة الحكومية الرسمية كلها مكرسة لنقل الإدانات للحوادث الإرهابية التي تقع هنا وهناك، والرسائل الواردة من رئيس الجمهورية لم تخرج من التعازي والأسى! لماذا تهافت اليمنيون على هذه الصفحة الفيسبوكية وسط كل هذا الإحباط الذي يعصف بالبلاد؟ لأن هناك من قال لهم بالنص: ساهم واقترح أسماء لوزراء الحكومة القادمة! حين نزل هذا المنشور كان عدد متابعي الصفحة لا يتجاوز الأربعة عشر ألفاً، وأثناء كتابة هذا كان العدد قد تجاوز الستة وثلاثين ألفاً، وعدد الذين شاركوا هذا التعميم في صفحاتهم، بلغ 1243، وعدد المعجبين بالمنشور بلغ 6639، أما عدد الذين تفاعلوا مع المنشور وساهموا باقتراح وتزكية أشخاص يرون فيهم الكفاءة والأحقية لشغل حقائب وزارية، فقد تجاوز الأربعة عشر ألفاً، وهذا رقم غير مسبوق في تاريخ اليمن، ولا أعتقد أنه سوف يتكرر. البعض طرح اسماً واحداً فقط أو اسمين، والبعض اقترح أسماء أكثر، وهناك من وضع قائمة كاملة بالكابينة الحكومية المقترحة، ليسهل على متخذ القرار اتخاذه لقراره. وهذه تعد نوعاً من قياسات الرأي العام المهمة لمعرفة مدى شعبية أو عدم شعبية أسماء معينة من رجالات ونساء السياسة في البلد. الكثير من اليمنيين رأوا أن هذه الخطوة غير جادة وأن اليمن لم تصل بعد إلى هذا المستوى المتقدم من فتح المجال أمام كافة أبناء الشعب في المشاركة السياسية. أما الرقم المذكور أعلاه من أبناء هذا الشعب ظنوا، واهمين، وأنا واحد منهم، أنهم مدعوون أخيراً إلى اختيار حكومتهم بنفسهم، ولذلك رموا بآخر سهم في جعبتهم وهم يسندون ظهرهم إلى الحائط ويأملون خيراً. انتهى الفليم الآن، وقد تشكلت الحكومة.. ويبقى السؤال الأهم: هل تعكس هذه الحكومة آراء الناس وتمثلهم؟! أتمنى أن لا تخيب حكومة بحاح آمال اليمنيين، وأن تكون بمستوى المسؤولية.