لا شك أن ظاهرة الإرهاب ظاهرة اجتماعية والظاهرة الاجتماعية كما يرى ذلك علماء الاجتماع تنشأ نشأة تلقائية مستقلة عن إرادة الأفراد المكونين للمجتمع، فهي ليست من صنع فرد أو بضعه أفراد مجتمعين، بل هي نتاج التجمع في ذاته، وبفضل فاعلية وتفاعل وجدانات الأفراد واحتكاك رغباتهم وانصهار إرادتهم وتبادل أفكارهم واتصال آرائهم ووجهات نظرهم فيما يمارسونه من أوجه النشاط، وفيما يجابهونه من مشكلات وفيما يسيرون عليه من أساليب وقوالب وأوضاع تنظم شئونهم العائلية ومعاملاتهم الاقتصادية وأوضاعهم السياسية وطقوسهم الدينية ومعاييرهم الخلقية ومقاييسهم الفنية الذوقية ومناهجهم التربوية وتشريعاتهم المنظمة لعلاقاتهم الاجتماعية ومعنى ذلك كما يرى علماء الاجتماع أن ليس للفردية أو الذاتية دور يذكر في نشأة الظواهر الاجتماعية ومنها ظاهرة الإرهاب بل كادت السياسة والمجتمع أن يذهب بذلك كله. فحين نقول السياسة فنحن ننظر إلى عجز المشروع السياسي عن احداث تطور وانزياح ثقافي وحضاري في الأنساق الاجتماعية المختلفة فمثلاً عجزت السياسة عن ابتكار قواعد حديثة يسير عليها المجتمع في شئون إنتاجه وتبادل وتوزيع ثرواته واستهلاك منتجاته وتشريعات عمله (نسق اقتصادي). عجزت السياسة في ابتكار قواعد تخضع لها في تنظيم الحكومة وتنظيم العلاقات بالمجتمعات الأخرى وإعادة ترتيب علاقة الفرد بالهيئات الحاكمة وإبتكار نظم وأشكال جديدة تتوافق وميولاته مع الزمن الحضاري الجديد فما زال الماضي هو نقطة الضوء التي يعود إليها بحثاً عن الوجود. عجزت السياسية عن إحداث حركة فكرية ونقدية لقراءة مجموعة الأفكار والمناهج والقواعد والشعائر وكل التراث الثقافي والمعتقدات وتأسيس مؤسسات قائمة على أسس ومبادئ الحوار لتصحيح المعتقدات والتصورات الخاطئة في إطار مؤسسي علمي شوروي حواري يجمع الأشتات المتباعدة والفرق المتعددة تحت سقف واحد. وحين نقول المجتمع فنحن ننظر إلى عجزه في الحركة والتقدم وعجزه في دراسة الأوضاع الاجتماعية في أشكالها التاريخية ولظاهرة الإرهاب الحديثة مماثل تاريخي طبعاً حتى يتمكن من معرفة أصولها ويصل إلى قانون عام يحكم تطورها دون امتداد أو انحراف يهدد حياه المجتمعات. ويرى علماء الاجتماع – أن الظاهرة الاجتماعية تمثل وهن أو قوة التنظيم الاجتماعي وقوة وضعف ارتباط الفرد بجماعته، فهو يقرر أن الفرد قد ينتحر اما بسبب ارتباطه بالجماعة والتحامه بها التحاماً قوياً أو بسبب وهن وضعف هذا الارتباط، ولذلك عندما تضعف القيم والمعايير في هيمنتها وتوجيهها لسلوك الفرد فعند ذلك يكون هذا الأمر مساعداً على الانتهاء ويرى علماء الاجتماع أن الانتحار يكون على ثلاثة أوجه هي: - انتحار ايثاري. - انتحار ناتج عن الأنانية. - انتحار ناتج عن الوهن. وأمام كل ما يحدث في واقعنا الاجتماعي والسياسي فنحن نرى غياباً كلياً للاتجاهات البنائية الوظيفية التي تفسر الدور والوظيفة الاجتماعية التي تقوم بها أو تتركها ظاهرة معينة أو نظام معين في البناء أو النسق أو التنظيم الاجتماعي ويمكن أن يقال ان ظاهرة الإرهاب تحولت أداة من أدوات السياسية في الآونة الأخيرة.