- facebook لأشهر عدة أتحاشى إعادة عرض صور وأحداث وتفاصيل ثورة ضج بها وتوهجت إرادتنا هذا المكان رافضاً تقبّل أحداثه الختامية، لأشهر عدة أتجنب النظر وراء نفسي وآلاف الوجوه التي احتضننا سوياً في هذا المكان حلمنا الذي فقدنا حتى اسمه وعنوانه!! لأشهر عدة حتى وإن سرتُ بجانب هذا المكان، البيت، أقطع بأصابعي الطريق على نسائم الحرية وغازاتها السامة من العودة مجدداً إلى السكون في مسارات أوردتي وشعاب انفعالاتي، اليوم جرّني ورفيقي الجميل جريح الثورة الدائم (زاهر الحمادي) ضجر وطفش القات إلى نسف كُل حذرنا وخوفنا وتهيبنا ذلك .. ومجدداً أمام جامعة صنعاء الجديدة .. في ساحة الثورة أو ما سميناها ب(ساحة التغيير) .. المساحة الكبيرة في زمني وأحلامي وعواطفي. تخيلنا أننا سنمُر بروتين حواجز التفتيش وسنزاحم شيئاً من جمع ممن مازالوا يصرون مثلنا على رفض واقع النهاية والتمسك ولو ببعض ذكريات حُلم .. أو أن نجد على تفاصيل أرضية المكان شيئاً من قصاصات ورقية وثقنا عليها طريق انتصارنا الوهمي . لكن كل شيء كان محبطاً ومخيفاً بالحدّ الذي جعل من خطواتنا تجديفات مسرعة على دموع الحسرة والألم إلى مسامات الهرب . لم نقابل إلا فراغ وصرير رياح تلهو على عنفوان جدران نيلونية زرقاء تختزل كل الحكاية .. منصة أخرسها أذان زائف .. وشعارات مشنوقة بملابسها كأنها (أعجاز نخل خاوية) . لم نسمع إلا بكاء قُربى تتراقص على قهقهة (ونانات) موكب زفة خسارة، وإيقاع خطى أرواح رفاق تمر على الخيام، تصرخ بلا مسموع لتيقظ من كانوا يملؤونها ضجيجاً ثم نامت فيها ظلالهم. لم نر إلا هتافات يسيرها (السُكر) بتأرجح على كل بقايا بحيرات دماء من أرادوا بدمائهم صنع راية (وطن تحت الأنقاض). لم نجد إلا سماسرة وعبيداً دخلاء على الحكاية، يلملمون في كل صباحاتهم ما تبقى من (مقتنيات ثورية أثرية) مثمنة للبيع في (مزاد الحوار) للتجار القادمين من الخارج والداخل! ثم يقضون الزمن المتبقى إلى العمل القادم بين مواويل صراع (علي ومعاوية). يلتقط رفيقي زاهر بقايا دمائه التي تركها وحيدة خائفة على خريطة المكان حين قَتلَ الموت هُناك مَعلَماً لمن لا يؤمن بعد بأنه قادر على صُنع دهر حر وثورة خذلته ولم تكتمل. خرجنا بما تبقى لنا من تأوهات ودهشات ودموع شاحبة في اليأس لم يسلبنا إياها هذا الكابوس.. إلى حيث لا نكون جزءاً منه، وتركنا وراءنا مناشدات عبدالناصر العاصمي وناصر فدعق وخالد الحزمي ونزار هائل وغيرهم، ممن رحمهم الله، تسألنا العودة للتأنس من الوحدة والوحشة.