تحقيق استقصائي يؤكد تعطل سلاسل الإمداد الدفاعي للكيان بسبب الحصار اليمني    عراك عنيف داخل مسجد في عدن يخلف مصابين    Ulefone تطلق هاتفها المصفح الجديد مع كاميرات رؤية ليلية    ما سر قرار ريال مدريد مقاطعة حفل الكرة الذهبية 2025؟    اكتشاف معبد عمره 6 قرون في تركيا بالصدفة    دراسة تحذّر من خطر شاشات الهواتف والتلفاز على صحة القلب والشرايين!    باوزير: تريم فضحت تهديدات بن حبريش ضد النخبة الحضرمية    يحق لبن حبريش قطع الطريق على وقود كهرباء الساحل لأشهر ولا يحق لأبناء تريم التعبير عن مطالهم    الراجع قوي: عندما يصبح الارتفاع المفاجئ للريال اليمني رصاصة طائشة    لماذا يخجل أبناء تعز من الإنتساب إلى مدينتهم وقراهم    في تريم لم تُخلق النخلة لتموت    إنسانية عوراء    المحتجون الحضارم يبتكرون طريقة لتعطيل شاحنات الحوثي المارة بتريم    وتؤكد بأنها على انعقاد دائم وان على التجار رفض تسليم الزيادة    كرة الطائرة الشاطئية المغربية.. إنجازات غير مسبوقة وتطور مستمر    تغاريد حرة .. عندما يسودنا الفساد    وسط تصاعد التنافس في تجارة الحبوب .. وصول شحنة قمح إلى ميناء المكلا    تضامن محلي وعربي واسع مع الفريق سلطان السامعي في وجه الحملة التي تستهدفه    فوز شاق للتعاون على الشروق في بطولة بيسان    رونالدو يسجل هاتريك ويقود النصر للفوز وديا على ريو آفي    القرعة تضع اليمن في المجموعة الثانية في تصفيات كأس آسيا للناشئين    منظمات مجتمع مدني تدين اعتداء قوات المنطقة العسكرية الأولى على المتظاهرين بتريم    إب.. قيادي حوثي يختطف مواطناً لإجباره على تحكيمه في قضية أمام القضاء    من الذي يشن هجوما على عضو أعلى سلطة في صنعاء..؟!    وسط هشاشة أمنية وتصاعد نفوذ الجماعات المسلحة.. اختطاف خامس حافلة لشركة الاسمنت خلال شهرين    الرئيس المشاط يعزي في وفاة احد كبار مشائخ حاشد    تعرّض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    إيران تفوز على غوام في مستهل مشوارها في كأس آسيا لكرة السلة    تعاون الأصابح يخطف فوزاً مثيراً أمام الشروق في بطولة بيسان الكروية 2025    الرئيس الزُبيدي يشدد على أهمية النهوض بقطاع الاتصالات وفق رؤية استراتيجية حديثة    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    إجراءات الحكومة كشفت مافيا العملة والمتاجرة بمعاناة الناس    كنت هناك.. وكما كان اليوم، لبنان في عين العاصفة    عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في إب    رصاص الجعيملاني والعامري في تريم.. اشتعال مواجهة بين المحتجين قوات الاحتلال وسط صمت حكومي    منتخب اليمن للناشئين في المجموعة الثانية    الصراع في الجهوية اليمانية قديم جدا    الأرصاد الجوية تحذّر من استمرار الأمطار الرعدية في عدة محافظات    وفاة وإصابة 9 مواطنين بصواعق رعدية في الضالع وذمار    الهيئة التنفيذية المساعدة للانتقالي بحضرموت تُدين اقتحام مدينة تريم وتطالب بتحقيق مستقل في الانتهاكات    الريال اليمني بين مطرقة المواطن المضارب وسندان التاجر (المتريث والجشع)    صنعاء تفرض عقوبات على 64 شركة لانتهاك قرار الحظر البحري على "إسرائيل"    الفصل في 7329 قضية منها 4258 أسرية    جامعة لحج ومكتب الصحة يدشنان أول عيادة مجانية بمركز التعليم المستمر    خطر مستقبل التعليم بانعدام وظيفة المعلم    من الصحافة الصفراء إلى الإعلام الأصفر.. من يدوّن تاريخ الجنوب؟    طالت عشرات الدول.. ترامب يعلن دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ    دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    موظفة في المواصفات والمقاييس توجه مناشدة لحمايتها من المضايقات على ذمة مناهضتها للفساد    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    لا تليق بها الفاصلة    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب الفيوش ولا حرب البيوت
نشر في المنتصف يوم 20 - 12 - 2020

يهج أزواج من بيوتهم بسبب أزواجهم، وهناك أزواج هجوا من مدنهم، ومن أوطانهم أيضاً، وهذا ما لا تقدر عليه إلا موهوبات، قد يكن ظالمات ومظلومات في الوقت نفسه.

تعلمنا من صديق درساً مهماً في وقت مبكر، أن أقسى الحروب هي تلك التي تجري داخل البيت، ودليله على ذلك حكمة من التراث الشعبي متداولة تقول: "حرب الفيوش ولا حرب البيوت".. أي أن حرباً كبيرة تجري بين قوتين في مساحة واسعة من الأرض (فيوش)، أهون من الحرب التي تجري في البيت، بين زوج وزوجه، وأنه من أجل ذلك علينا تجنب حرب البيوت، وإن كانت هذه الحرب شراً لا بد منه، فيجب أن تخضع لتقاليد شبيهة بمبادئ القانون الدولي الإنساني التي ترشد المنازعات المسلحة بين الدول للتقليل من خسائرها وآلامها.

كان من تقاليد صديقنا الانسحاب من المعارك التي تنشب بينه وبين زوجه.. يهج من البيت -والهج هو الهروب من الظالم- إلى أخف الأمكنة زحاماً، ويظل يمشي ويمشي، وفي الوقت نفسه يسأل نفسه، هل الذي جرى بيني وبينها الليلة مشكلة كبيرة؟ ما هو الخطأ الذي وقعت فيه هي، وما الخطأ من جهتي؟ هل هذا يحدث في بيتنا فحسب، ولا ينبغي أن يحدث البتة؟ وغير ذلك من الأسئلة المعتادة التي تبسط المشكلة، والجوابات عليها تبسط حلها أيضاً.. فإذا شعر بالتعب عاد إلى البيت، وقد تخفف من متاعب الحرب الزوجية، ودائماً في العلاقة بين الزوج وزوجه يغلب الراشد منهما المزايا، أو الجوانب الإيجابية شكلاً ومضموناً.

التراث الشعبي يضم النقائض، فثمة حكمة غير الأولى، ربما أريد بها بيان تفاوت الأزواج في موهبة الإيذاء، والمستوى التعليمي أو الثقافي يشكل فارقاً، كما في حكاية ذلك العربي زوج النكد، سليطة اللسان، التي طالما أوجعته وجلبت له متاعب مع الجيران، فكان يمتحن بها قدرته على الصبر، ويصبر الجيران بالاعتذار لهم، وفي آخر موقف فعلت فعلة نفد عندها ما بقي له من الصبر، لكنه لم يجد أمامه سوى ما أبقت له، وهو الهج من البيت، إذ حمل خيمة وبعض الزاد وهج، بعد أن ناول ولده صفحة حديد وقال له: اطرق على هذه ساعة من النهار، فكان كلما ابتعد من البيت مسافة ضعف الصوت، حتى وصل إلى مكان لم يعد يسمع عنده صوت طرق الحديد، وهناك ضرب خيمته وعاش بعيداً عن تلك النكد، خلاقة المتاعب والمشكلات، وقيل إنه نبهها مراراً أنه سيكون: بيني وبينك ما صنع الحداد، لكنها لم تفهم مغزى قولته، التي صارت مثلاً سياراً، يلفظه بعض الناس: بيني وبينك ما صنع النجار، أو بينهم ما صنع النجار، والصواب ما صنع الحداد.. على أن الصنف الأول من الأزواج الراشدين يحفظون عائلاتهم، حتى عندما لا يجدون بُداً من الهج، وسلسلة الهج متماسكة حلقاتها منذ آدم وصاحبته إلى اليوم، وتزداد حسناً، فقد قرأت قبل أيام أن الشرطة الإيطالية اعتقلت رجلاً بتهمة انتهاك حظر التجول الذي فرضته السلطات في مدينة فانو لمنع تفشي فايروس كورونا، وحررت له مخالفة قيمتها أربعمائة يورو، ولما انتشر خبره تضامن معه رجال ونساء، وقالوا كان يتعين أن يكافأ بحذاء جديد لا أن يعاقب بتغريمه أربعمائة يورو، إنه زوج صالح، فضل المشي على ممارسة العنف بحق زوجه.. اعتقلت الشرطة الرجل عندما وجدته قبيل الفجر يهيم على الطريق السريع في مدينة فانو، وكانت التهمة أنه خرق حظر التجول، ولذلك حررت له المخالفة المالية، وتبين أنه لم يتحد الحظر، ولا هو خرج إلى الشارع في ذلك الوقت ليستمتع بالبرودة المميتة، بل كان منكداً ومتعباً، وصل إلى حيث اعتقلته الشرطة بعد أن أمضى أسبوعاً كاملاً يسير على قدميه، بمعدل ستين كيلو متراً في اليوم الواحد.. لقد قطع خلال هذه المدة الزمنية مسافة أربعمائة وخمسين كيلو متراً، وهي المسافة من مدينة كومو في الشمال الإيطالي، إلى مدينة فانو الواقعة وسط إيطاليا على ساحل البحر الأدرياتي.. لماذا فعل بنفسه كل هذا؟ لأنه كان يبحث عن أي مكان كي يهدأ فيه، فقد هج من بيته في مدينة كومو هرباً من زوجته المشاكسة.. ظل يهيم من شمال إيطاليا إلى وسطها، فقطع مسافة أربعمائة كيلو متر سيراً على قدميه، وعلى اتساع هذه الرقعة، لم يجد مكاناً هادئاً، ربما لأنه لم يبحث عنه في الحقيقة لسبب وجيه.. هل ستهتدي إلى مكان ما، ورأسك مشغول عنه بهموم وخواطر، وداخلك نار حباحب؟ حرب الفيوش ولا حرب البيوت!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.