أصبح الإرهاب والتطرف من أكثر التحديات التي تواجه العالم وتهدد أمنه وأمانه والاستقرار في أرجائه، بل يتعدى ذلك إلى تهديد العقول البشرية وأمنها الفكري حتى يتم التلاعب بها وتوجيهها والسيطرة عليها، وبطبيعة الحال فإن الإرهاب والإرهابي يسعون إلى استقطاب العقول وغسلها بالأيديولوجيات المتطرفة التي تخدم أجنداتهم وغاياتهم الآثمة، وبالتالي يستخدمونهم في تنفيذ أعمالهم الإجرامية ومساعيهم التخريبية، وأصبح الإرهابيون يستقطبون أتباعهم عبر المواقع الإلكترونية والبرامج الاجتماعية والشبكة العنكبوتية بشكل عام، ووجدوا من يعاونهم من الإعلام الخبيث، الذي يزين أعمالهم الإجرامية تحت مسميات وشعارات مخادعة، بل قد يستخدمون بعض الألعاب الإلكترونية بهدف نشر العنف بين الأطفال والشباب. ومن حق الدول أن تسعى جاهدة تجاه كبح جماح الإرهاب والتطرف أياً كان شكله وموقعه، من خلال اتخاذ الإجراءات الصارمة ووضع الاستراتيجيات الرادعة والخطط الاستباقية لرصد وصد أي أعمال إجرامية، وتشديد الرقابة على المحتويات التي تنشر في الفضاء الإلكتروني، فالإرهاب والتطرف يشكلان انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان. من مستلزمات الحفاظ على الأمن وتحقيق الأمان محاربة ومكافحة الإرهاب بكل أنواعه وصوره بحزم وقوة، ويتحقق ذلك بتكثيف الجهود، وتوجيهها نحو الإرهاب بمعرفة مصادره أولاً والداعمين الحقيقيين له، وبالتالي يمكن بعد ذلك علاج هذا الملف الخطير من خلال ضرب منابعه وتجفيفها. تتطلب مواجهة الإرهاب عملاً يرتكز إلى العمل الجماعي وتبادل المعلومات الاستخباراتية للعثور على مرتكبي التهديدات وتحديد هوياتهم ومواقعهم، وفهم استراتيجياتهم وأهدافهم الأيديولوجية، ولا يمكن القيام بهذا العمل الذي يتطلب مهارات عدة من غير التعاون، وذلك في إطار التعاون الثنائي والإقليمي والدولي، وتبادل الخبرات. لدولتنا المباركة الإمارات العربية المتحدة الجهود الساطعة والتحركات الجادة في استئصال الإرهاب على شتى المستويات والأصعدة كافة، ففي الداخل أنشأت قوائم الإرهاب وأدرجت فيها كل الأفراد والكيانات التي تتبنى الفكر الإرهابي وتسعى لتنفيذ أجنداته. وهذه خطوة أتمنى من الدول كافة اتخاذها، لأنها خطوة متقدمة لتضييق الخناق على المتطرفين، ولم تقتصر على هذا، بل أسهمت كذلك بجهود كبيرة وبتعاون مع المعنيين الدوليين في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال إنشاء اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، بهدف حماية النظام المالي للدولة من التمويل غير المشروع، وغيرها من الجهود التي نفخر بها حتى باتت دولتنا المباركة شوكة في حلق الإرهابيين والمتطرفين. للإعلام دور محوري في تثقيف أفراد المجتمع وحمايتهم من الوقوع في مصيدة الإرهاب، لما يملكه الإعلام والإعلامي من التأثير المباشر على أفراد المجتمع بمختلف الوسائل. لابد أن تعي الأسرة دورها الكبير والمهام التي تقع على عاتقها تجاه فلذات أكبادها، من خلال المتابعة المستمرة لأبنائها، وتوعيتهم وتفقدهم، وغرس الحصانة الذاتية بهم من خلال تزويدهم بالعلوم والمعارف التي ترتقي بالفكر السليم وتحارب الفكر السقيم، وأن تضع لهم البرامج النافعة التي تنمي مهاراتهم وقدراتهم، ويكون بها الاستثمار الأمثل لأوقاتهم. وأحث الشباب على المحافظة على أنفسهم، وعدم الانسياق وراء رفقاء السوء، والمواقع المشبوهة التي تغرس في عقولهم الشبهات والأفكار المغلوطة، وأن يتحروا أصدقاءهم بدقة، ويختاروا الطيبين منهم الذين يدلونهم على طريق الخير والسلامة، وأن يحافظوا على صحتهم وأوقاتهم، وأن ينموا مواهبهم، وأن يكونوا لبنة بناء في أوطانهم، وأن يحافظوا على أمن واستقرار مجتمعاتهم، وأن يلتفوا حول قيادتهم، وأن يكونوا الدرع الأولى لأوطانهم. نقلامن البيان
