كل المعطيات الرسمية تشير إلى جرعة سعرية قادمة لا محالة.. هذا ما استخلصناه من فحوى خطاب الرئيس عبدربه منصور بمناسبة العيد الوطني ال24 للوحدة اليمنية تبعها إجراءات وخطوات حكومية وتشكيل لجنة لتنفيذ ما تضمنه خطاب رئيس الجمهورية، الرئيس الذي هو فوق البند السابع ومهندسه ولا صوت يعلو صوته.. لهذا شكلت الحكومة لجنتها الوزارية لتنفيذ ما جاء في خطابه. بمعنى آخر أجمع الرئيسان (الحكومي والرئاسي) على أن قرار الجرعة ورفع الدعم عن المشتقات النفطية أمر لا مفر منه، ولا منقذ للاقتصاد الوطني، الذي يدكون أركانه بفسادهم الفاحش والمستشري وسوء إدارتهم في تحصيل الموارد المالية، وفشلهم الأمني في حماية أنابيب النفط وخطوط الكهرباء، إلا برفع الدعم عن المشتقات النفطية. إن موقفاً شديد اللهجة من القوى والمكونات السياسية ضد قرار كهذا غير وارد.. لِمَ لا وبعضها من خطط للعصا الأممية وبندها السابع وهلل وكبر مع وجهه الآخر عند إعلانه وأصدر بيانات التأييد والمباركة لهذا القرار.. لذا لم يعد بمقدور القوى والمكونات السياسية اليمنية التي هي بالأساس جزء من أسباب عناء اليمنيين، إلا التسبيح بحمد قرار رفع الدعم على المشتقات النفطية والجرعة القادمة، وبالتأكيد جزء من الزيادة السعرية سيذهب إلى جيوبهم كما حدث مع الجرعة السعرية السابقة ولن يذهب منه شيء فوق مرتبات الموظفين والمستفيدين من حالات الضمان الاجتماعي كما يروج له حالياً.. والعصا الأممية والبند السابع سيخفف عنهم حرج المواقف الهزيلة والضعيفة حيال الجرعة القادمة أمام قواعدهم التنظيمية وأنصارهم. لا خير نرجوه من تلك القوى والمكونات السياسية ولا موقف وطني ننتظره منها، يلبي طموحاتنا ويخفف معاناتنا جراء وضع كهذا أوصلتنا إليه، ستسخر بالتأكيد آلاتها ومطابخها الإعلامية لإيجاد المبررات للإبقاء على ماء وجهها لمواقفها المخيبة لآمالنا والمتلون كالحرباء أصلاً، وستسوق المبررات لترويض عوام الشعب ممن أصبح غالبيتهم يقتاتون على بقايا موائدهم.. هكذا أقرأ جازماً مواقفهم القادمة. فما أبشع أن يتجرد الإنسان من ثوب الإنسانية فيغدو وحشاً كاسراً همجياً لم يعد يكترث بشيء، كل همه هو أن يشبع بطنه. لقد كشر هؤلاء عن أنيابهم وسعوا بكل قواهم لتدمير ممنهج للبلد وبنيته الاقتصادية متجردين عن كل معاني الإنسانية والوطنية والقيم الإسلامية. أما ماذا بعد: سنذكر الأخوة في المكتب التنفيذي لنقابات عمال اليمن وهو اتحاد يشمل كل النقابات في القطاعين العام والخاص عدا نقابتنا الموقرة، نقابة إصدار البيانات الصحفية ولا دور ولا موقف لها غيره، أن التاريخ أمامكم والشعب سيلتف حولكم، فأنتم تمثلون شريحة كبيرة ومؤثرة، ولكم في اتحاد الشغل التونسي خير مثال، أسقط الفساد، وأوقف مؤخراً عبث القوى السياسية التونسية. كل ما تحتاجونه هو العزم والصدق والصبر، وعلى أيديكم سيكتب الله لنا العيش الكريم.. ندرك أن خطوة كهذه ليست بالسهلة على اتحاد النقابات، لكن عليكم أن تدركوا أشخاصاً بمفردهم لم يكن لديهم اتحادات ولا نقابات غيروا مجرى التاريخ في بلدانهم كمانديلا والمهاتما غاندي وغيرهما من أحرار العالم.. فالشعب اليمني بأمس الحاجة لثورة نقابية عمالية صافية نقية من دنس ساسة الأحزاب، لتسقط ما تبقى من هياكل هذه المنظومة الفاسدة، وتطبب جراحه وتحفظ له كرامته. الأخوة في النقابات العمالية، كل ما تحتاجونه مصفوفة واضحة المعالم محددة الأهداف تلبي طموحات الموظفين والعمال، وتحاكي تطلعات الشعب اليمني بمختلف تكويناته وفئاته، لا مكان فيها للولاءات الحزبية والمناطقية والطائفية. رسالتي لكم سرعة الدعوة لعقد اجتماع طارئ للمكتب التنفيذي لإعداد مصفوفة وخطة استباقية عاجلة قبيل بدء الحكومة في تنفيذ قرارها الذي لن يبقي على أشلاء هذا الشعب.. وتحديد آلية عمل تصعيدية ومن ثمَّ إرسال ممثلين من المكتب التنفيذي للاتحاد إلى مختلف المحافظات للعمل مع فروع الاتحاد في المحافظات لإطلاق شرارة الثورة العمالية، وإعلان يوم واحد للإضراب في مختلف المرافق الحكومية كبروفة كافٍ لتعرفوا مدى الرعب الذي سيحل بهم وفي الوقت ذاته مدى التجاوب الشعبي لدعواتكم.. بالتأكيد أن قرار الزحف العمالي من مختلف المحافظات صوب العاصمة صنعاء لإسقاط هذه المنظومة الفاسدة سيكون القشة التي ستقصم ظهر البعير.. ختاماً التاريخ أمامكم .. ووحل الفساد وجلاوزته خلفكم. * المنتصف