هل أعداء الجنوب يلبسون طاقية الإخفاء    مقتل عريس في صنعاء بعد أيام من اختطافه    البحسني يكشف عن مشروع صندوق حضرموت الإنمائي    الأرصاد يتوقع هطول امطار على بعض المرتفعات ورياح شديدة على سقطرى ويحذر من الاجواء الحارة    مليشيا درع الوطن تنهب المسافرين بالوديعة    شبكة حقوقية تدين إحراق مليشيا الحوثي مزارع مواطنين شمال الضالع    ترحيب حكومي بالعقوبات الأمريكية الجديدة على شبكة تمويل وتهريب تابعة للمليشيا    هجوم إيراني فجر السبت والنيران تتصاعد في موقع وسط تل أبيب    بوتين: روسيا تبني لإيران مفاعلين نوويين إضافيين في بوشهر    علي ناصر يؤكد دوام تآمره على الجنوب    نكبة الجنوب بدأت من "جهل السياسيين" ومطامع "علي ناصر" برئاسة اليمن الكبير    العميد بن عامر يعلق على طلب الكيان من الخليج بدفع فاتورة الحرب    نجاح الموجة ال 18 من عملية الوعد الصادق داخل الكيان    الأحوال الجوية تعطل 4 مواجهات مونديالية    الترجي يهدي العرب الفرحة الأولى موندياليا    بقيادة كين وأوليسيه.. البايرن يحلق إلى ثمن النهائي    هذا أنا .. وفي اليمن روحي    صنعاء .. موظفو اليمنية يكشفون عن فساد في الشركة ويطالبون بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة جحاف    إخماد حريق نشب بمنزل بمنطقة حدة    مقتل عريس في صنعاء بعد أيام من اختطافه    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    قبل أن يتجاوزنا الآخرون    عقوبات أميركية جديد على 12 كياناً و4 أفراد وسفينتين على صلة ب"أنصار الله"    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    علي ناصر محمد أمدّ الله في عمره ليفضح نفسه بلسانه    الأمم المتحدة تقلّص خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن وسط تراجع كبير في التمويل    قصة من الارض الموسومة زورا بالحكمة    العثور على جثة شاب مختطف بصنعاء بعد أكثر من أسبوع على اختفائه    اختتام ورشة إعداد خطة العام 1447ه ضمن برنامج سلاسل القيمة في 51 مديرية نموذجية    كارثة كهرباء عدن مستمرة.. وعود حكومية تبخرّت مع ارتفاع درجة الحرارة    اعمال شغب خلال مواجهة الاهلي المصري مع بالميراس واعتقال مشجع أهلاوي    الذهب في طريقه لتكبد خسائر أسبوعية    المبرّر حرب ايران وإسرائيل.. ارتفاع أسعار الوقود في عدن    خسائر معهد "وايزمان" نحو اثنين مليار شيكل جراء القصف الإيراني    بوتافوجو يفجر كبرى مفاجآت المونديال بإسقاط سان جيرمان    ميسي يهدد عرش رونالدو العالمي    ديدان "سامّة" تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان    نجاح أول عملية زرع قلب دون الحاجة إلى شق الصدر أو كسر عظم القص    في ظروف غامضة    عن العلاقة الجدلية بين مفهوم الوطن والمواطنة    فريق الرايات البيضاء يكشف عن اخر مستجدات إعادة فتح طريق رئيسي يربط بين جنوب ووسط اليمن    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    نتائج الصف التاسع..!    قضاة يشكون تعسف وزير المالية إلى رئيس المجلس السياسي الأعلى    مراجعات جذرية لا تصريحات آنية    كأس العالم للاندية : ميسي يقود انتر ميامي لفوز ثمين على بورتو    "مسام" ينتزع نصف مليون لغم حوثي خلال 7 أعوام    خيانة عظمى.. علي ناصر محمد يتباهى بمنع انضمام الجنوب لمجلس التعاون الخليجي    فعاليتان للإصلاحية المركزية ومركز الحجز الاحتياطي بإب بيوم الولاية    جماعة الإخوان الوجه الحقيقي للفوضى والتطرف.. مقاولو خراب وتشييد مقابر    صنعاء .. اعلان نتيجة اختبارات الشهادة الأساسية    كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    الصبر مختبر العظمة    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    استعدادًا لكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر منتخب الشباب تحت 20 عاما    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القيامة التي ستكلفنا ضرائب اكثر !
نشر في المؤتمر نت يوم 10 - 08 - 2004

في العادة يتفادي الناس الذين تظلمهم الصحف ووسائل الاعلام بنشر اخبار غير جميلة عنهم، استعمال حقوقهم الي اخر طلقة لرفع الظلم عنهم، خصوصا اذا كانوا بسطاء لا يملكون النفَس والاطلاع والمال الكافيين لخوض المواجهة الي اخرها. تجربتي في صحف جزائرية ارتني الكثير من هذه المواقف ومن طبائع الناس في التعامل معها، ذلك ان قلة الخبرة وصعوبة ظروف العمل كثيرا ما كانت تدفعنا لنشر اخبار (واحيانا تحقيقات كاملة) بالاستناد الي جهة او مصدر واحد علي خلاف مع خصم ما يكون ضحيتنا .
كان الناس يحتجون ويعبّرون عن سخطهم بزيارة مكاتب الجريدة، لانهم لا يثقون في الردود المكتوبة التي يتيحها قانون الاعلام ويشترط نشرها ب نفس البنط ونفس المكان من نفس الصفحة في الايام المعدودة التي تلي نشر الموضوع محل الخلاف.
سألت بعضهم لماذا لا تستعملون حق الرد القانوني، فكانت الردود كلها: تطفْرت! ، اي وقعت الفأس في الرأس. كان هذا يريح هيئة التحرير لأن عدم وجود ردود يوحي بعدم وجود اخطاء ومظالم في حق الناس. كما كانت الردود، لما تتوفر، تنشر بشكل غريب لا يحترم ما ينص عليه قانون الاعلام ويجعلها لا تكاد تُري بالعين المجردة فلا يقرأها الا ناشرها والمنشورة له.
واعتقد ان الحال لم يتغيّر كثيرا في اغلب الصحف الي هذه الايام.
ہہہ
اتذكر هذه التجربة كلما هللت الصحف والتلفزيونات البريطانية لايقاف ارهابيين كانوا يخططون لنسف البلد . واخر ما هنالك اعتقال 13 شخصا في نفس السياق منتصف الاسبوع الماضي.
كنت اتابع نشرة الاخبار في سكاي نيوز صباح يوم عادي من ايام الربيع الماضي: بدأت النشرة بخبر مداهمات والعثور علي مواد كيميائية مشبوهة في مستودع بغرب لندن، ثم تحوّل المذيع الي موفد القناة الي عين المكان. في خلفية الصورة مشاهد متحركة لمكان مألوف (وللامانة فكل شوارع ومناطق لندن تتشابه: محلات بوتس لمواد التجميل والصحة، بنكا هاليفكس و نيشن وايد ، محلات ماركس آند سبنسر ، مقهي كوستا ، مقهي ستارباكس ثم حانة امير ويلز او الليث الاحمر وها انت في اخر الشارع). كان المراسل يشرح تفاصيل المداهمة وكأنها القبض علي اسامة بن لادن في تورا بورا لولا التذكير بأنه غرب لندن دون تحديد الاسم، فبدأت اتساءل في قرارة نفسي: سبحان الله.. هذا المكان اعرفه! اين تراه يكون؟ ، وفجأة رن الهاتف فاذا بصديق علي عجلة من امره: حوّل علي سكاي نيوز ففيها تقرير وصور عن حومتك (حارتك).
كان الحدث علي مسافة تقل عن الميل من سكني.
احيط الخبر بهالة من التحليلات والتعليقات والصور والشهادات، ثم لم نسمع عنه كلمة الي اليوم. لن استغرب ان تكون الشرطة افرجت عن المقبوض عليهم في تلك المداهمة او احالتهم الي القضاء الذي قد يكون افرج عنهم هو الاخر.
اخبار المداهمات والاعتقال تهيمن علي العناوين الرئيسية في الاذاعات والتلفزيونات وعلي مانشيتات الصفحات الاولي لكل الصحف. اما اخبار الافراج لعدم كفاية الادلة او اتضاح وجود خطأ امني او قضائي، فلا وجود لها نهائيا. هل يعلم القارئ ان حرب الحكومة البريطانية علي الارهاب والارهابيين اسفرت منذ بلوغ ذروتها في السنوات الثلاث الاخيرة عن اعتقال 570 شخصا؟ هل يعرف ان من هذا الرقم، وُجهت التهمة الي 97؟ وهل يعلم ان من بين ال97 اُدين 14 فقط؟
من سيعتذر لل556 الذين افتضح امرهم وامر عائلاتهم ومُرّغ اسمهم في التراب، ان لم يكن علي مستوي البلد في الصحف الكبري والتلفزيونات، فعلي مستوي الاقارب والجيران والمحيط الضيق في البلدة او المدينة؟
لكن هنا لابد من استدراك. نصف الحسنة الوحيدة في الموضوع هي ان الشرطة لا تنشر هويات الموقوفين ولا اسماءهم، ولا تسمح بتصويرهم الا في حالات الشخصيات المشهورة من امثال ابو حمزة المصري وابو قتادة الفلسطيني. لكن التسريبات تفعل فعلها لان الصحف والمؤسسات الاعلامية نافذة وقوية ماليا تستطيع شراء الاسرار فنادرا ما ينجح التكتم الذي يفرضه القانون. وكانت تجربة الطيار الجزائري الذي اوقف وسُجن بطلب من الامريكيين للاشتباه في تدريبه بعض الذين قادوا الطائرتين نحو برجي مركز التجارة العالمي صباح 11/09/2001، مُرّة بكل المقاييس لان الاعلام افترض انه مذنب وادانه بمجرد القبض عليه، وفورا مر الي مراحل اخري مثل الاجتهاد في معرفة الجزائر والجزائريين (كنّا حكرا علي الفرنسيين واعلامهم فانفتحت علينا باب اخري)، نسبة الارهابيين بين الجزائريين المقيمين في بريطانيا وغيرها من الاسئلة السخيفة التي، قبل ان تفضح خطر الجزائريين، تفضح جهل بعض الصحافيين البريطانيين والامريكيين وقلة اطلاعهم (بعضهم كان يسألني اسئلة تكشف جهلهم بالموقع الجغرافي للجزائر ناهيك عن التفاصيل الدقيقة).
الاسبوع الماضي حفلت نشرات الاخبار والفواصل التجارية في التلفزيونات البريطانية بمئات الاخبار والصور عن كيفية تعامل البريطانيين مع هجوم ارهابي باسلحة غير تقليدية. قالت الحكومة انها صرفت 8 ملايين جنيه (15 مليون دولار امريكي) لانتاج مطبوعات تنوي توزيعها بالبريد علي 25 مليون بيت (لا زلت انتظر موزع البريد الذي لا يتأخر ابدا عندما يتعلق الامر بالفواتير والانذارات المصاحبة لها). غرض الكتيب هو توجيه السكان في حالة وقوع الهجوم، وشعاره هو Get in, Stay in, Tune in (عد الي البيت، ابق في البيت واضبط موجات جهاز الراديو والتلفزيون) في حالة هجوم.
وفي منتصف الشهر الماضي استدعت وزارة الداخلية جيوشا من الصحافيين الي مدينة برمنغهام بشمال لندن لتغطية تدريب علي كيفية تعامل فرق الاغاثة مع هجوم باسلحة غير تقليدية. عندما شاهدت التغطيات في اكثر من تلفزيون تملكني رعب وقلت ان الساعة قادمة لا ريب فيها.. ليتني بقيت في بلدي.
ہہہ
صاحَبَ خبر الكتيب كلام عن الحاجة لتخزين الاغذية المعلبة وقناني الماء والشموع، ونصائح حول كيفية الاحتماء عندما يقع الهجوم المزعوم.
رغم الجهد والنية الطيبة والرغبة الصادقة في الحفاظ علي حياة الناس، سأسمح لنفسي بوصف ما فعلته الحكومة بأنه شيء أحمق. اولا لربطها بين الكتيب موضوع الحملة واعتداءات 11/09/2001 رغم انها (الحملة) جاءت متأخرة ثلاث سنوات. ثانيا لان اصحابها اختاروا التوقيت السيء، موسم الاجازات حيث تقل المشاهدة التلفزيونية والاستماع للراديو وقراءة الصحف، فضلا عن ان المدارس، التي تلعب الدور الرئيسي في انجاح مثل هذه المساعي، توجد كلها في اجازة.
وفوق هذا وذاك، ألح المسؤولون علي ان الامر لا يتعلق بشيء ملموس او هجوم بعينه، بل مجرد افتراضات (كل هذه البهدلة والرعب في عقول وقلوب الناس، ثم يقولون لك انها مجرد افتراضات!)، ذلك ان السؤال السائد في اذهان المسؤولين البريطانيين لم يعد هل سيضرب الارهابيون، بل متي سيفعلون.
فكرت ان اوفر عليهم وقتا وجهدا واموالا (خصوصا المال لان المصاريف تطلع في النهاية من ضرائبنا التي لا آخر لها، اضافة الي انه لا يرد خبر واحد عن شيء ما دون الاشارة الي كلفته ومن اين ستأتي الحكومة بالمال المطلوب كأنها جمعية خيرية)، ففي مكتبتي المتواضعة كتاب عنوانه What to do in an emergency قديم، طويل وعريض، والاهم انه عملي، حول كيفيات التصرف في الطوارئ، من الحريق والزلزال الي اصابة القط او الكلب باختناق او محاصرته فوق سقف البيت. لكنني عدت وقلت ان حكام هذا البلد قد لا يختلفون عن صحافييها، لا تهمهم الا الاثارة ويدركون ان اخبار القاعدة و الارهابيين الذين ربما يسكنون في الشقة المقابل لشقتك ايها المواطن الانكليزي الصالح ، اكثر مبيعا واغراء للمستهلك الاعلامي، واستنتاجا سيرفضون كتابي الذي اصفرّت اوراقه ولم استعمله ولو مرة واحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.